“الفترة الاستثنائية” للاقتصاد الأميركي تقترب من نهايتها

في ظل التوقعات الاقتصادية المتضاربة التي يعيشها العالم، يحظى الاجتماع السنوي لمجلس إدارة Berkshire Hathaway بمتابعة كبار المستثمرين خاصة مع ترؤس وارن بافيت وشريكه تشارلي منغر. الاجتماع الأخير أسفر عن تصريحات عدة من الطرفين وحظيت باهتمام كبير خاصة لاعتبار بعضها بالمفاجئة من بافيت.

أهمية وارن بافيت للأسواق تأتي من اعتباره أحد أبرز أساطير الاستثمار في العالم حيث يراه البعض قدوة في بناء استراتيجية الاستثمار الخاصة بهم والبعض يصنف تأدية شركته Berkshire Hathaway كمؤشر لصحة الاقتصاد الأميركي.

لا شيء مؤكد!

قد تكون تصريحات بافت الأخيرة غير تقليدية باعتبارها متشائمة حيال الاقتصاد الأميركي خلال العام على عكس العادة، فالمستثمر البالغ من العمر 92 عاماً يتوقع أن تشهد أعمال شركاتها بشكل شبه جماعي انخفاضاً في أنشطتها وأرباحها هذا العام بسبب انتهاء “الفترة الاستثنائية” من الإنفاق المفرط.

“لا شيء مؤكد غدًا، ولا شيء مؤكد في العام المقبل، ولا شيء مؤكد على الإطلاق سواء في الأسواق أو في توقعات الأعمال، أو في أي شيء آخر” هكذا كانت تصريحات بافت حول التوقعات المستقبلية الأمر الذي يفسر مصطلح “الضبابية” لا شيء مضمون.

شريك بافت وصديقه “مانغر” والذي يشغل منصب نائب رئيس مجلس إدارة Berkshire Hathaway تتماشى تصريحاته هي الأخرى مع بافت، حيث يرى المستثمر البالغ من العمر 99 عاماً إن البيئة الاقتصادية الحالية أكثر صعوبة للاستثمار في الشركات ذات القيمة.

ما يفسر ما يدور في ذهن بافيت ومانغر كان واضحاً من بيانات Berkshire Hathaway، فالشركة قامت بالتخارج بما يصل إلى 13.2 مليار دولار من أسهم متنوعة تتضمن بنوك وشركة BYD الصينية للسيارات الكهربائية، فيما قامت الشركة بشراء أسهم تصل قيمتها فقط إلى 2.8 مليار دولار.

وبعد سلسلة متواصلة من زيادة حصته في Occidental Petroleum، أكد بافيت أن Berkshire لن تقوم بالسيطرة الكاملة على أسهم الشركة.

أما Apple فيبدو أنها أصبح لها مكانة خاصة عند بافت واصفاً إياها بأنها أحد أفضل الأعمال التي تمتلكها Berkshire.

أزمة البنوك كانت لتكون “كارثية”

وتعليقاً على أزمة البنوك، بافت أشار إلى أنه في حال لم تتدخل السلطات التنظيمية الأميركية لحماية أموال المودعين في مارس عند انهيار SVB فكانت النتائج ستكون “كارثية” حيث يرى من طرفه أن قرار تدخل وزارة الخزانة والفدرالي ومؤسسة التأمين على الودائع كان أمراً أساسياً مضيفاً أن ما حصل يعود لقرارات المدراء الخاطئة في البنوك واستغلال التشريعات والتي يجب أن يتم معاقبتهم عليها، وحذر بافت من أن أزمات القطاع المصرفي في أميركا قد تستمر إلا أن ذلك لن يكون مصدر قلق للمودعين.

وفيما يخص ملف الذكاء الاصطناعي، يرى بافيت من جهته أن التقنية يمكنها أن تساعد في عدة أمور إلا أن لديها حدود ولن تتمكن مثلاً من اختيار الأسهم التي على المستثمر شراؤها.

وعلى الصعيد الأخر مانغر، فقد قال عن مستقبل الذكاء الاصطناعي بأنه سيساهم في تسريع تحول العديد من الصناعات إلا أنه شدد على أن “الذكاء القديم يعمل بشكل جيد” الأمر الذي شاركه بافيت في وجهة النظر، مشيراً إلى أنه لا يعتقد أن الذكاء الاصطناعي سيتغلب على الذكاء البشري.

الصين Vs أميركا

التوترات الجيوسياسية بين أميركا والصين كان لها حصة هي الأخرى، بافت عقب على الموضوع بأن الولايات المتحدة ستكون قادرة على المنافسة ولكن يجب التحكم بالأسلوب لتجنب أي ردود فعل قوية من الطرف الأخر، مانغر كانت لهجته شديدة مستخدماً مصطلح “غبي” حول الصراع الأميركي الصيني حيث يعتقد أن الولايات المتحدة يجب أن تتوافق مع الصين.

وعلى الرغم من تصاعد الأخبار وتحركات الدول من أجل الابتعاد عن الدولار إلا أن بافت يرى بإنه من غير المرجح أن يتم التخلي عن الدولار الأميركي كعملة احتياطية حتى وسط مخاوف بشأن أزمة سقف الدين مضيفاً “لا أرى أي خيار لأية عملة أخرى لتكون العملة الاحتياطية.”

وانتقالاً إلى عالم العملات المشفرة والتي يعرف بافيت بأنه أحد المعارضين لهذا القطاع، أشار رئيس مجلس إدارة Berkshire إنه من “المضحك” التفكير في أن تحل “الرموز” بالإشارة إلى العملات المشفرة كعملة احتياطية للعالم حيث صرح بافت بأنه ربما يفقد الناس الثقة في الدولار، لكن هذا لن يعطي عملة البتكوين فرصة للتألق.

في ظل عدم اليقين الذي يسود الأسواق، راقب المستثمرون الاجتماع السنوي لبافيت ومانغر على أمل الحصول على تطمينات أو إرشادات مستقبلية فكان ملخص هذا الاجتماع نظرة متشائمة بعض الشيء لأعمال Berkshire Hathaway وللاقتصاد الأميركي، وأن أزمة البنوك قد تستمر، وملف التوترات الجيوسياسية بين الصين وأميركا ليس بالأمر الجيد، Apple أحد أفضل الأعمال للشركة، الدولار سيبقى العملة الاحتياطية، البتكوين ليس لها أهمية وأخيراً الذكاء الاصطناعي لن يتفوق على البشر.

سند عليا