أهم ما تتابعونه هذا الأسبوع..

 

 الفيدرالي يقترب من نهاية دورته لرفع أسعار الفائدة. ولا تتوقع الأسواق أن تغير البيانات هذا  الأسبوع هذا الرأي بشكل كبير. كذلك، سيصدر معهد إدارة التوريد بيانات أغسطس حول نشاط قطاع الخدمات، يوم الأربعاء، مع توقعات بأنه يتراجع قليلاً. وفي نفس اليوم، سيقوم الاحتياطي الفيدرالي بنشر “الكتاب البيج” الخاص به، وهو استطلاع للنشاط الاقتصادي في جميع مناطق البنك الاثني عشر. كما سيتاح للمستثمرين أيضًا الفرصة لسماع العديد من المتحدثين عن الاحتياطي الفيدرالي خلال الأسبوع القادم، بما في ذلك رئيس بنك دالاس الفيدرالي لوري لوغان الذي سيتحدث يوم الأربعاء، يليه في اليوم اللاحق ظهورًا لرئيس بنك نيويورك الفيدرالي جون وليامز، والمحافظة ميشيل بومان، والمحافظ مايكل بار، ورئيس بنك شيكاغو الفيدرالي أوستان غولزبي.

كذلك، يقوي تقرير الوظائف الصادر يوم الجمعة توقعات بأن الاحتياطي الفيدرالي سيعلق زيادة أسعار الفائدة في اجتماعه في وقت لاحق من هذا الشهر. وصرح كيث بيوكانان، مدير محفظة لدى شركة جلوبالت انفستمنت في أتلانتا لرويترز أن: ” البيانات تزيد من حالة الحاجة إلى أن يصبح الاحتياطي الفيدرالي أكثر تحفظًا مع دخولنا في فصل الخريف. وإذا جاءت نهاية التشديد في السياسة النقدية في وقتٍ مبكرٍ، فقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع كبير في الأسهم”. كما تشير عقود أسعار الفائدة إلى أن التجار يرون الآن فرصة بنسبة 94% لأن البنك المركزي الأمريكي سيحافظ على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه في 19-20 سبتمبر، وفقًا لأداة مراقبة أسعار الفائدة في Investing.com. وسوف تظل سوق الأسهم الأمريكية مغلقة يوم الاثنين بمناسبة عيد العمل.

البيانات الصينية

من المرجح أن تشير البيانات الاقتصادية من الصين الأسبوع القادم إلى أن عملية استعادة الاقتصاد في ثاني أكبر اقتصاد في العالم لا تزال عملية هشة نظرًا للطلب الضعيف في الأسواق الرئيسية للصادرات وتصاعد أزمة العقارات المحلية التي أضافت ضغطًا سلبيًا على النمو.

وتتوقع الأسواق أن تصدر بيانات مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات لشهر أغسطس يوم الثلاثاء ومن المتوقع أن تظهر تباطؤًا طفيفًا في توسع القطاع الخدمي في الشهر الماضي.

كذلك، من المتوقع أن تظهر بيانات التجارة يوم الخميس أن الصادرات والواردات انكمشت مرة أخرى في أغسطس مقارنة بالعام السابق، على الرغم من أن هذا الانكماش من المتوقع أن يكون بوتيرة أبطأ من شهر يوليو.

كما سيتطلع مراقبو السوق أيضًا إلى بيانات التضخم لشهر أغسطس يوم السبت، حيث إنه من المتوقع أن ترتفع أسعار المستهلك بعد أن انخفضت إلى مناطق التضخم السلبي في يوليو.

ولقد قامت السلطات الصينية باتخاذ سلسلة من التدابير بهدف إحياء الاقتصاد الذي يعاني، ولكن العديد من المحللين يرون فرصة ضئيلة لتحفيز أكثر تراجعًا نظرًا للمخاوف المتزايدة بشأن مخاطر الدين المتنامية.

قرار البنك المركزي الأسترالي

تتوقع الأسواق أن يحتفظ البنك المركزي الأسترالي بأسعار الفائدة دون تغيير للمرة الثالثة على التوالي يوم الثلاثاء، بعد البيانات الأخيرة التي تشير إلى تباطؤ أسرع من المتوقع في معدل التضخم.

كذلك، تبلغ أسعار الفائدة أعلى مستوى لها في 11 عامًا عند 4.1% بعد زيادة بنسبة 400 نقطة أساس منذ مايو 2022. ويتوقع التجار أن يكون هذا هو الذروة، بعد أن انخفض التضخم بشكل غير متوقع إلى 4.9% على أساس سنوي في يوليو، وهو أدنى معدل له منذ أن بلغ ذروته في ديسمبر الماضي عند 8.4%.

وبالإضافة إلى ذلك، أظهر تقرير الوظائف الأخير أن معدل البطالة ارتفع إلى 3.7% في يوليو من 3.5% في الشهر السابق، مما يزيد من التوقعات بأن يبقي البنك المركزي الأسترالي على سياسته

الهند قادمة

على المستوى الديموغرافي، وخلال هذا العام، تجاوزت الهند الصين لأول مرّة في عدد السكان: مليار وأربعمائة مليون نسمة تقريباً. وعلى المستوى الاقتصادي، وخلال هذا العام كذلك، أزاحت الهند بريطانيا عن المرتبة الخامسة في قائمة أكبر اقتصادات في العالم، وتربعت -بجدارة واستحقاق- مكانها. ويتنبأ خبراء الاقتصاد أن تتجاوز ألمانيا واليابان بنهاية هذا العقد. ورغم النسبة الكبيرة من الفقراء، يوجد بها أكبر ثالث عدد من المليارديرات في العالم. وقبل هذا وذاك، وحتى لا ننسى، الهند عضو في نادي الدول النووية منذ سنوات طويلة. وخلال الأسبوع المنصرم، حظيت بشرف الانضمام إلى نادٍ فضائي صغير جداً، اقتصر حتى الأسبوع المنقضي على أميركا والصين، وذلك بعد نجاح المركبة الفضائية الهندية «تشندرايان- 3» في الهبوط بنجاح على سطح القمر، وتحديداً في قطبه الجنوبي، أي في جزء لم تطأه مركبة فضائية من أي دولة أخرى من قبل. وبذلك تكون الهند رابع دولة تتمكن من إنزال مركبة فضائية على سطح القمر بنجاح، بعد أميركا والاتحاد السوفياتي سابقاً والصين.

النجاح الفضائي الهندي تكلل بعد أيام قليلة من إخفاق المركبة الفضائية الروسية «لونا- 25» في الهبوط على تلك البقعة من القمر، نتيجة تحطمها. النجاح الهندي أيضاً جاء بعد فشل محاولة أولى سابقة في عام 2019، وهو العام نفسه الذي سجل نجاح هبوط أول مركبة فضائية صينية على سطح القمر، في الجانب المظلم منه، لأول مرّة. ومؤذناً ببدء مرحلة متقدمة في السباق الدولي للسيطرة على الفضاء.

رئيس الحكومة الهندية السيد ناريندرا مودي كان خارج الهند، لحضور جلسات قمة «بريكس» في جنوب أفريقيا. ومن هناك، رحّب بالإنجاز الذي حققه علماء بلاده، وعدَّه نجاحاً لكل الإنسانية. الهند عضو مؤسس لكتلة اقتصادية عالمية جديدة أطلق عليها اسم «بريكس- Brics». الاسم متكوّن من الحروف الإنجليزية الأولى من أسماء الدول الخمس المؤسسة. وهي على الترتيب: البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وجنوب أفريقيا.

وصول المركبة الفضائية «تشندرايان- 3» إلى سطح القمر، مضافاً إليه ما حققته من خطوات اقتصادية هائلة، مؤشر على أن الهند تسير بخطوات واثقة لتكون دولة عظمى.

ما حققه العلماء الهنود يُعدّ -يقينا، وبكافة المقاييس- إنجازاً تاريخياً وعلمياً لكل الإنسانية، وأنجز بتكاليف تؤكد التقارير الإعلامية أنها منخفضة، تقدر بـ75 مليون دولار أميركي. وأهميته تستند إلى ما يقوله العلماء بإمكانية وجود ماء في ذلك الجزء من القمر، مما يعني إمكانية الحياة الإنسانية مستقبلاً، آخذين في الاعتبار أن منظمة أبحاث الفضاء الهندية تأسست عام 1969.

التقارير الإعلامية تقول إن المنظمة تميّزت عن غيرها بتنفيذ برنامج فضائي فعّال، وبتكاليف مالية منخفضة. وساعدت الهند على بناء قدرات تقنية في عالم الاتصالات والطقس. وأن القطاع الخاص في الهند -استناداً إلى التقارير نفسها- يلعب دوراً ملحوظاً من خلال الاستثمار في عالم الفضاء. وللسبب ذاته، تحظى الهند بأكبر عدد من الأقمار الصناعية لمختلف الأغراض، والتي يزدحم بها الفضاء الخارجي.

اللافت للاهتمام أو بالأحرى المثير للعجب، أنني قرأتُ مؤخراً تقارير إعلامية بريطانية تؤكد أن حكومة الهند ما زالت تتلقى مساعدات مالية من الحكومة البريطانية! التقارير ذاتها تقول إن الهند تسلمت ما قيمته 2.3 مليار جنيه إسترليني من بريطانيا، خلال السنوات الخمس الأخيرة، على شكل مساعدات من الميزانية المخصصة لإعانات برامج التنمية في الدول الفقيرة.

وهو أمر صعب التصديق. ذلك أن المساعدات -حسب علمي- وُجدتْ في الأصل لتقديم العون إلى دول فقيرة، من قبل دول غنية. ولم يخطر بالبال مطلقاً، أن تبادر حكومة ما بتقديم معونات مالية إلى دولة أغنى منها مثل الهند، وتمتلك خامس أكبر اقتصاد في العالم!

 

جمعة بوكليب

الدولار في تشرين… قصة مختلفة

لا يمكن الحكم على الوضع المالي والاقتصادي من خلال ما هو سائد اليوم. في هذه الحقبة، هناك استقرار نقدي، ونشاط اقتصادي ملحوظ في اكثر من قطاع، بما قد يُرسل اشارات مُضلّلة حول حقيقة الوضع. وما ينتظر البلد في المرحلة المقبلة، قد يكون مغايراً لما هو قائم اليوم.

شكّل كلام حاكم مصرف لبنان بالانابة وسيم منصوري، الحدث الأبرز في الايام القليلة الماضية. فهل ينبغي ان يطمئن اللبنانيون حيال ما سمعوه من منصوري، ام العكس صحيح؟

ما قاله منصوري يمكن ان يُقسّم الى عنوانين عريضين:

أولاً – مصرف لبنان سيقوم بما ينصّ عليه القانون، ولن يتمّ المسّ بما تبقى من اموال المودعين في الاحتياطي الالزامي، ولن يتمّ إقراض أو تمويل الدولة من هذه الاموال تحت اي ظرف من الظروف.

ثانياً – ان الوضع على المدى المتوسط ليس مطمئناً، خصوصا في ما يتعلق بسعر صرف الليرة التي قد لا تبقى مستقرة في المرحلة المقبلة.

انطلاقاً من هذين العنوانين، يمكن تشريح موقف منصوري. من جهة، ينبغي ان يطمئن الناس الى ان النهج السابق الذي كان متّبعاً في مصرف لبنان قد توقف، وبالتالي، لن يتمّ تعميق الفجوة المالية وانفاق ما تبقى من حقوق الناس في المركزي. ومن جهة ثانية، من حق اللبنانيين ان يشعروا بالقلق، لأن كل الضغط الذي وضعه منصوري ونواب الحاكم على السلطة السياسية بشقيها التنفيذي والتشريعي، للبدء في اتخاذ الاجراءات المطلوبة للسير في اتجاه بدء خطة التعافي، والخروج من النفق، لم يتم تنفيذ أي منها حتى الآن. ولا توحي المؤشرات بأن ذلك سيحصل في الايام القليلة المقبلة.

واذا كان منصوري قلقاً حيال تمدُّد الاقتصاد النقدي (cash economy)، والتداعيات التي قد يؤدي اليها لاحقاً، يبدو رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي اكثر قلقاً من منصوري حيال هذا الموضوع. وينقل زوار ميقاتي عنه، انه يتحدث بشكل مستمر عن مخاطر استمرار هذا الوضع. ويكشف ميقاتي ان لبنان استورد حتى الان بنحو 16 مليار دولار، نصفها تقريبا بالدفع النقدي. اي ان المستورد يودع في المصرف المبلغ المطلوب نقداً، لفتح اعتماد وتسديد فاتورة الاستيراد.

ويتساءل ميقاتي امام زواره، ألا يعرف من لا يزال يعرقل إقرار القوانين انّ الغرب يراقب ما يجري على مستوى الاقتصاد النقدي بريبة. ورغم ان الدول الغربية المعنية لم تبادر الى اتخاذ اي اجراء في حق لبنان حتى الان، هل نستطيع ان نعرف متى تقرر هذه الدول شدّ الحبل، ومعاقبتنا؟ ألا يشكّل اجراء من هذا النوع كارثة اضافية في حق اللبنانيين؟ ألا يتحمّل من يعرقل الاجراءات المطلوبة للتخفيف من حجم الاقتصاد النقدي، والاتجاه نحو تطبيع الوضع المالي، مسؤولية ما قد يحصل على هذا الصعيد؟

وينقل زوار ميقاتي عنه أيضاً، انه غير مرتاح للتعديلات التي تمّ إدخالها على مشروع قانون الكابيتال كونترول الذي أرسلته الحكومة الى المجلس النيابي، اذ شملت هذه التعديلات المسّ بالفريش دولار. وهذه نقطة خطيرة، كما يراها ميقاتي، وستحرم البلد من تدفّق الدولارات الفريش، اذ كيف سيُدخل اي مستثمر او مواطن دولارات الى القطاع المصرفي، اذا كان يعلم انه لن يسمح له بإخراجها. وما سيحصل في هذه الحالة، تشجيع بقاء الدولارات خارج المصارف، بما يعني توسيع سوق الاقتصاد النقدي بدلاً من تقليصه، وبالتالي زيادة المخاطر على البلد.

هذا القلق الذي يشعر به ميقاتي تقابله مخاوف مبرّرة حيال ما قد يحصل في الاشهر القليلة المقبلة. واذا اعتبرنا ان مصرف لبنان سيثبت على سياسته الحالية، واذا ما اعتبرنا ان السلطة لن تغيّر نهجها، ولن تكون هناك اجراءات اصلاحية في المرحلة المقبلة، كيف سيكون المشهد في هذه الحالة؟

من الواضح انّ وفرة الدولارات في هذه الحقبة، والناتجة عن ضخ الدولارات منذ منتصف آذار الماضي من قبل مصرف لبنان، لا سيما في شهر تموز حين تمّ ضخ كميات اضافية في السوق يقول البعض انها وصلت الى حوالى 400 مليون دولار، والناتجة كذلك عن الموسم السياحي الذي ساهم في زيادة المعروض من العملة الخضراء في السوق، كل ذلك سهّل ثبات سعر الصرف بعد تجميد العمل بـ»صيرفة». كما سمح لمصرف لبنان بجمع كمية من الدولارات لتأمين الاولويات التي تحدث عنها منصوري، (رواتب موظفي القطاع العام ومستلزمات الجيش والقوى الامنية). ولكن الوضع سيكون مختلفاً بدءاً من تشرين الاول المقبل، حين سيكون السوق قد هضم الفائض الدولاري، وتوقف التدفق من السياحة، وكذلك قد لا يتم ضخ اي دولار عبر «صيرفة»، على اعتبار ان شرط الضخ عبر هذه المنصة هو عدم تعرّض المركزي لخسائر. وفي هذه الحالة، من المرجّح ان يضطرب سوق الصرف، ونعود الى نهج الارتفاع غير المضبوط في سعر العملة الخضراء. وما لا يعرفه الجميع حتى الان، انّ حقوق السحب الخاصة (SDR) التي كشف بيان المركزي قبل 10 أيام انها تدنّت الى 125 مليون دولار، من مليار و138 مليون دولار، عادت وتراجعت اليوم الى 78 مليون دولار بعدما استخدمت الدولة من هذه الحقوق مبلغ 47 مليون دولار في 21 آب الجاري. وبالتالي، قد لا يكون مستبعداً أن تلجأ «الدولة» الى تكبير الكتلة النقدية بالليرة لدفع مستحقات، او تسديد عجز، بما سيزيد المخاطر على سعر الصرف، وقد يعرّض الليرة الى نكسة تفوق في تداعياتها، ما حصل حتى الآن.

أنطوان فرح

لماذا يخشى الغرب من «بريكس»؟

أعلنت مجموعة «بريكس»، في اجتماعها الأخير المنعقد في جوهانسبرغ، دعوتها لست دول للانضمام لعضوية المجموعة؛ وهي: السعودية، والإمارات، ومصر، وإيران، وإثيوبيا، والأرجنتين. وانضمام دول جديدة لمجموعة «بريكس» كان متوقعاً منذ فترة، بعد الاهتمام الرسمي الذي أبداه أكثر من 40 دولة. وانضمام الدول الست يعني زيادة ثقل مجموعة «بريكس»، باقتراب عدد سكانها إلى نحو نصف سكان العالم، وأن ناتجها القومي يقارب ثلث الناتج العالمي. هذا الخبر مؤشر ودلالة على تطور جديد في الشراكات بين بلدان لها ثقلها الدولي. وبين هذه الأخبار برزت تقارير غربية لا يغيب عن قارئها الخوف الغربي من توسع مجموعة «بريكس»، وهذا الخوف يتركز في عدد من النقاط.

النقطة الأولى، التي يخشاها الغرب، هي أن تقلل «بريكس» من نظام العقوبات الدولية التي يقودها العالم الغربي، والواقع أن هذه المجموعة أثبتت بالفعل – من خلال موقفها مع روسيا – قدرتها على إضعاف أثر العقوبات الدولية. فمنذ دخول روسيا شبه جزيرة القرم عام 2014، انخفضت التجارة بين روسيا ودول مجموعة «السبع» بنحو 36 في المائة؛ وذلك بسبب العقوبات الاقتصادية والمالية. في المقابل، ارتفع التبادل التجاري بين روسيا ودول «بريكس» 121 في المائة، خلال الفترة نفسها. وشهد حجم التبادل التجاري بين الصين وروسيا ارتفاعاً مذهلاً، خلال هذه الفترة، حيث زاد بنسبة 97 في المائة، ليصل إلى 189 مليار دولار، منها نحو 30 في المائة، خلال العامين الماضيين. ويمكن القول إنه لولا وقوف دول «بريكس» مع روسيا، لَما كانت حالها الاقتصادية كما هي اليوم. هذه الوقفة مع روسيا جعلت عدداً من الدول ترى في هذه المجموعة بديلاً مناسباً للاعتماد الكلي على العالم الغربي.

النقطة الثانية التي يراقبها الغرب هي احتمالات تقويض هيمنة الدولار، ولا سيما بعد الشائعات التي أفادت بأن المجموعة تسعى إلى تطوير عملة احتياطية لاستخدامها من قِبل الأعضاء في التجارة عبر الحدود. ومحاولات إيجاد عملات شبيهة جارية بالفعل، ولكن خارج نطاق مجموعة «بريكس»، من قِبل البرازيل والأرجنتين اللتين تسعيان لإطلاق عملة (سور). وعلى الرغم من أن مجموعة «بريكس» لم تدرج العملة المشتركة ضمن جدول أعمال اجتماعها الأخير، فإن التقارير الغربية بدأت توضح العوائق أمام هذه العملة، مستدلّة بالصعوبات التي واجهت اليورو، ومنها تحقيق تقارب الاقتصاد الكلي بين الدول، والاتفاق على آلية سعر الصرف، وإنشاء نظام متعدد الأطراف للدفع والمناقصة. وقد لا تناقَش هذه العملة المشتركة على المدى القريب لهذه الصعوبات وغيرها من الحيثيات؛ مثل انضمام محتمل لدول أخرى غير المُعلَن عنها. ولكن المؤكد أن دول «بريكس» ستشجع استخدام العملات المحلية في التجارة الثنائية، وهو الأمر الذي حدث بالفعل في بعض دول «بريكس»، وكذلك بينها وبين دول صديقة لها.

النقطة الثالثة هي خشية أن تكون مجموعة «بريكس» نظيراً غير رسمي لمجموعة «السبع». وفي الوقت الحالي تنسِّق دول مجموعة «السبع» فيما بينها قبل الاجتماعات الدولية، مثل اجتماعات مجموعة «العشرين»، وهي بذلك تضع نفسها في موضع قوة باتخاذها موقفاً مشتركاً. وفي حال لعبت مجموعة «بريكس» دوراً مشابهاً، فقد يكون لها دور فعّال في إيصال صوت الدول الناشئة لمجموعة «العشرين» من خلال الدول الأعضاء في المجموعتين، وهو ما يضيف ثقلاً للدول الناشئة في مجموعة «العشرين».

النقطة الرابعة هي أن يتطور بنك التنمية، التابع لمجموعة «بريكس»، وأن يصبح في المستقبل نظيراً لـ«البنك الدولي»، الذي تقوده الدول الغربية، والتي تتمكن، من خلاله، من فرض رؤيتها على السياسات الاقتصادية لبعض الدول. وحتى الآن لا يبدو بنك التنمية، الذي أُسس عام 2015 ندّاً لـ«البنك الدولي»، ولكن الحال قد تختلف في المستقبل بوجود دول لديها القدرة على ضخ السيولة لدعم المشاريع التنموية التي تخدم المصالح المشتركة لهذه الدول، دون فرض أجندات سياسية أو اجتماعية.

إن خلاصة ما يخشاه الغرب هو أن تتمكن مجموعة «بريكس» من منافسة نفوذه الدولي، من خلال بناء كتلة تعددية بديلة، سواء أكانت هذه المنافسة على المستوى السياسي؛ مثل العقوبات الدولية أو الوساطة بين الدول، أم على المستوى الاقتصادي بتقويض هيمنة الدولار أو التأثير على الطلب، أم على مستوى التأثير على سياسات الدول من خلال المنظمات، مثل «صندوق النقد الدولي»، و«البنك الدولي» اللذين يسيطر عليهما الغرب. والخوف من زوال تفوق الغرب هاجس قديم يتجدد مع ظهور أي قوى جديدة، ولذلك، فإن المتأمل في التقارير الصادرة عن مراكز الدراسات الغربية، يجد أنها تركز على جانبين، الأول هو المنافسة بين مجموعة «بريكس» والغرب، والثاني هو احتمالات وطرق فشل المجموعة. والقليل من هذه التقارير يركز على الجانب الاقتصادي الإيجابي لهذه الشراكة، والتي قد تمكّن من ازدهار دول يشكل سكانها نصف سكان العالم.

 

د. عبد الله الردادي