تباين العقود الآجلة لوول ستريت وسط تساؤلات الفائدة

تباين العقود الآجلة للأسهم الأميركية، الاثنين، حيث يتطلع السوق إلى الحفاظ على الزخم في أسبوع العطلة القصير.

خسرت العقود الآجلة المرتبطة بمؤشر داو جونز الصناعي 37 نقطة أو 0.11%. وانخفضت العقود الآجلة لمؤشر S&P 500 بمقدار 2.25 نقطة، أو 0.05%، في حين ارتفعت العقود الآجلة لمؤشر Nasdaq 100 بمقدار 6.25 نقطة، أو 0.04%.

وتأتي هذه التحركات في أعقاب أسبوع متفائل لوول ستريت، حيث حقق مؤشرا داو جونز وناسداك أفضل أداء لهما منذ يوليو (تموز). وأضاف مؤشر داو جونز وناسداك المكونان من 30 سهماً 1.4% ونحو 3.3% خلال الأسبوع. ارتفع مؤشر S&P 500 بنسبة 2.5٪ ليسجل أفضل أسبوع له منذ يونيو.

كان التجار في الأسبوع الماضي يرون علامات جديدة على تباطؤ الاقتصاد وتخفيف ضغوط الأسعار.  فيما أظهر أحدث تقرير للوظائف غير الزراعية في الولايات المتحدة أن معدل البطالة ارتفع إلى 3.8% في أغسطس (آب)، ليصل إلى أعلى مستوى له منذ أكثر من عام. وكان الاقتصاديون يتوقعون أن يبقى عند 3.5%. كما ارتفع متوسط الأجر في الساعة بنسبة 4.3% على أساس سنوي، أي أقل من الزيادة البالغة 4.4% التي توقعها الاقتصاديون الذين استطلعت داو جونز آراءهم.

“يثير هذا (التقرير) السؤال الحاسم على المدى القصير بالنسبة للمستثمرين، هل يمكن لسوق العمل أن يتباطأ بالقدر الكافي، في حين يتباطأ التضخم أيضا، مما يسمح لمجلس الاحتياطي الفيدرالي بوقف رفع أسعار الفائدة والحفاظ على أسعار الفائدة مستقرة لفترة من الوقت؟ وقال ريك ريدر، كبير مسؤولي الاستثمار للدخل الثابت العالمي في شركة بلاك روك: “يبدو أن الركود في القوى العاملة آخذ في النمو”.

يمكن للمستثمرين أيضًا أن يتطلعوا إلى شهر مليء بالتحديات بالنسبة للأسهم. يعد شهر سبتمبر (أيلول) من الناحية التاريخية أضعف شهر بالنسبة للأسهم، وسيقوم المستثمرون بفحص التقارير الاقتصادية – بما في ذلك بيانات التضخم الجديدة – قبل اجتماع السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي في سبتمبر. ومن المقرر أن يعقد صانعو السياسات في البنك المركزي اجتماعًا لمدة يومين بدءًا من 19 سبتمبر ويعلنون قرارهم بشأن سعر الفائدة في 20 سبتمبر.

ومع ذلك، أعطت بعض المؤشرات الفنية الأمل للمستثمرين الأسبوع الماضي. وفي إشارة إلى الزخم الإيجابي على المدى القصير، اخترقت المؤشرات الرئيسية فوق المتوسطات المتحركة لمدة 50 يومًا خلال الأسبوع الماضي.

وقال سام ستوفال، كبير استراتيجيي الاستثمار في CFRA، لشبكة CNBC الأسبوع الماضي: “يشعر المستثمرون بمزيد من التفاؤل لأننا عدنا إلى وضع الصعود والاتجاه التصاعدي”. وأضاف: “على المدى القريب على الأقل، أعتقد أن أسواق الأسهم الأمريكية يمكن أن تستمر في الصعود حتى في مواجهة شهر مليء بالتحديات نسبيًا”.

أكبر مخاوف أوروبا “عدم يقين المركزي”

يرتفع مستوى الشعور بـ”عدم الراحة” تجاه توجهات البنك المركزي الأوروبي في الأوساط الاقتصادية الأوروبية، خاصة في ظل الصورة التي تزداد ترسخا بـ”عدم اليقين”، والانقسام الواضح بين أعضائه من صناع السياسات حول المستقبل.

وفي ظل هذا المشهد المرتبك، تراجعت مؤشرات الأسهم الأوروبية بشكل جماعي مع إغلاق تعاملات افتتاحية الأسبوع يوم الاثنين، بعدما فشلت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستيان لاغارد في طمأنة الأوساط الاقتصادية، بل إن حديثها الذي انصب على محاولة استعادة ثقة الجماهير في المؤسسة الاقتصادية المسؤولة عن وضع السياسات “زاد الطين بلة”.

وخلال كلمتها في ندوة بالمركز الاقتصادي والمالي الأوروبي في لندن، قالت أرفع مسؤولة مالية أوروبية، إن منطقة اليورو تشهد بيئة من التضخم المرتفع للغاية.

موضحة أنه خلال العقدين الماضيين، مع السنوات العشرين الأولى للبنك المركزي الأوروبي، كان متوسط التضخم في منطقة اليورو 1.7%، مما سهل من مهمة صناع السياسات المالية… لكن معدل التضخم الرئيسي قفز إلى ذروته عند مستوى قياسي 10.6% في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وأكدت لاغارد أنه ينبغي على البنوك المركزية العمل بكل قوة لضمان بقاء تقديرات التضخم راسخة بقوة وسط هذه الأوضاع المتغيرة، مشددة على ضرورة العمل على بقاء الثقة في المؤسسات العامة الكبرى قوية في بيئة صعبة، إذ أن نشر المعلومات في عصر الانترنت أصبح تحديا كبيرا في ظل متابعة على مدار الساعة.

وقالت لاغارد: “لا يتعلق الأمر بوضع السياسة النقدية الصحيحة للبنك المركزي الأوروبي فقط، بل يتعين علينا أيضا أن نتحدث عنها بالطريقة الصحيحة”. مشيرة في هذا السياق إلى مقولة شهيرة لبن برنانكي، رئيس الاحتياطي الفدرالي الأسبق، حين قال: “السياسة المالية تتشكل من 98% من الحديث و2% من الأفعال”.

حديث لاغارد أكد بما لا يدع مجال للشك ما ذهب إليه كثير من المراقبين خلال الفترة الأخيرة بوجود حالة من تناقص الثقة في “المركزي الأوروبي”، خاصة في ظل ما يبدو جليا من حالة الانقسام الواضحة بين أعضائه حول القرارات المثلى للتغلب على الوضع الحالي، بين ضرورة السيطرة على التضخم، وضرورة المحافظة على الاقتصاد الذي يوشك على الإنهاك الكامل.

ويرى المحللون أن الأمرين كلاهما مر، إذ أن عدم السيطرة على التضخم لحين وصوله إلى المستهدف الأصلي عند 2% يفقد البنك مصداقيته، بينما حربه لـ”أخر المشوار” قد تعني أن يكون الاقتصاد الأوروبي في النهاية “جثة هامدة”.

وتقود لاغارد “فريق الصقور” الأكثر تشددا في المركزي الأوروبي، الذي يدعم رفع الفائدة مهما استلزم الأمر.. بينما  حذر ماريو سينتينو، عضو مجلس محافظي البنك، زملاءه من أعضاء المجلس المعني بإدارة السياسة النقدية من خطورة ارتفاع أسعار الفائدة بأكثر مما يجب.

وسينتينو، محافظ البنك المركزي، هو أحد “فريق الحمائم” الداعم للتهدئة من أجل إنقاذ الاقتصاد. وقال في تحليل نشره موقع البنك المركزي البرتغالي “على صعيد السياسة النقدية، بدأت خطورة الارتفاع المفرط للفائدة تتحقق… التضخم يتراجع بوتيرة أسرع من وتيرة ارتفاعه، والاقتصاد يعدل اوضاعه وفقا للأحوال المالية الجديدة”.

وتشير تصريحات سينتينو إلى موقف قوي ضد زيادة سعر الفائدة، وتعزز تصريحاته الصادرة في الشهر الماضي خلال منتدى البنوك المركزية في مدينة جاكسون هول الأميركية بأنه على مسؤولي البنوك المركزية الحذر من “مخاطر” زيادة أسعار الفائدة على الاقتصاد.

وفي الوسط بين التيارين، قال فرانسوا فيليروي دي غالو، عضو مجلس محافظي البنك، يوم الجمعة، إن البنك المركزي الأوروبي لم يتخذ حتى الآن قرارا بشأن رفع أسعار الفائدة خلال اجتماعه المقرر في وقت لاحق الشهر الجاري. وأضاف: “لا تزال خياراتنا مفتوحة خلال الاجتماع… نحن قريبون، أو قريبون للغاية، من ذروة أسعار الفائدة، ولكننا لانزال بعيدون من النقطة التي نتصور خلالها خفض أسعار الفائدة”.