يبدو أن صناع السياسة النقدية في بنك أوروبا مستعدون لترك تكاليف الاقتراض دون تغيير يوم الخميس، لكن هذا لا يعني أن دورة تشديد السياسة النقدية قد انتهت، ولا يعني أن مهمة بنك أوروبا قد اُنجزت.
إن الأدلة التي تشير على امكانية انزلاق منطقة اليورو إلى الركود باتت تتزايد مع كل قراءة اقتصادية، والتي قد تُجبر بنك أوروبا إلى التوقف ويقيم هل الحاجة إلى رفع الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس تعتبر ضرورية لكبح جماح التضخم؟
إن التوقف المؤقت مع نبرة صقورية متشددة قد يكون مسار العمل الأكثر حكمة، حيث تعطي الوقت لبنك أوروبا لتقييم عواقب رحلة تشديد السياسة النقدية المكونة من تسع خطوات في سعر الفائدة على ودائع البنك المركزي الأوروبي من -0.5٪ في يوليو العام الماضي إلى 3.75٪ الحالية. حيث أن ترك الباب مفتوح لمزيد من رفع الفائدة لاحقاً لو دعت الحاجة مع الإبقاء على الفائدة المرتفعة لفترة زمنية أطول قد تكون نبرة رئيسة بنك أوروبا كريستين لاغارد.
البيانات الاقتصادية الصعبة جاءت كثيفة وسريعة في الأسابيع الأخيرة:
• انخفضت طلبيات المصانع الألمانية في يوليو بنسبة 11.7%.
• انخفضت طلبات مديري المشتريات في منطقة اليورو لشهر أغسطس الماضي إلى 46.7.
• انكماش مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات عند مستويات 47.9.
• انخفض مؤشر مديري المشتريات التصنيعي، حيث وصل المؤشر الألماني إلى أقل من 40.
• انخفضت أسعار المنتجين في منطقة اليورو في شهر يوليو إلى -7.6% سنويًا.
إن الأرقام السلبية في الاقتصاد الأوروبي قد تكون دافع كبير لتوقف بنك أوروبا عن عمليات رفع الفائدة بغض النظر عن التضخم الذي لا يزال عند مستويات مرتفعة.
التضخم هو قلق بنك أوروبا
لاتزال أرقام التضخم ترفع حالة القلق في بنك أوروبا، حيث أن التضخم الرئيسي لايزال بعيد عن مستهدف بنك أوروبا عند مستويات 5.3%، كما أن التضخم الأساسي عند مستويات 5.3% ولايزال قرب الذروة. كما أن مخاوف الضغوط التضخمية لايزال مرتفع، حيث أن ارتفاع تكاليف الطاقة قد يفتح المجال للتكهن بأن المزيد من تراجع التضخم قد يكون صعب المراس.
ذلك قد يدفع مجلس بنك أوروبا إلى الانقسام في التصويت على سعر الفائدة:
• الصقور: رئيس بنك بلجيكيا بيير ونش، وحاكم بنك لاتفيا مارتينز كازاكس، والحاكم النمساوي روبرت هولزمان، والحاكم السلوفاكي بيتر كازيمير.
• أقل صقورية: الرئيس الهولندي كلاس نوت، رئيس البنك المركزي الألماني يواكيم ناجل، وعضو مجلس الإدارة التنفيذي إيزابيل شنابل.
• نبرة متوازنة: الرئيسة لاغارد، ومحافظ بنك فرنسا فرانسوا فيليروي دي جالهاو، وكبير الاقتصاديين فيليب لين.
• الحمائم: الحاكم الإيطالي إجنازيو فيسكو، والحاكم البرتغالي ماريو سينتينو.
يبدو أن تصويت الأعضاء قد يكون منقسم ومتقارب في الاجتماع القادم، لذلك التوقف المؤقت للحصول على الوقت لمتابعة الأرقام الاقتصادية مع الإبقاء على النبرة التشددية قد يكون حل سبتمبر.
الخوف من الأسوء
مع التضخم المرتفع والبعيد عن مستهدف بنك أوروبا، ومع مخاطر ارتفاع التضخم وسط تدهور النمو، ذلك قد يفتح الآفاق لتوقع الأسوء في الاقتصاد الأوروبي. حيث أن المخاوف قد تنتقل من التضخم إلى الركود التضخمي في الاقتصاد جراء تكاليف الاقتراض المرتفعة.
قد تكون ورقة السندات هي ورقة يجب على بنك أوروبا استخدامها في قادم الأشهر. حيث أن محفظة بنك أوروبا تبلغ 5 تريليون يورو، ولا يتم إعادة استثمار عائدات السندات المستحقة من برنامج شراء الأصول القديم، في حين أن برنامج شراء الطوارىء الوبائي لايزال يُعاد استثماره بالكامل حتى نهاية العام. لذل قد يبدأ النقاش حول إنهاء عمليات إعادة الاستثمار في برنامج شراء الطوارىء كإشارة بأن بنك أوروبا لايزال ضمن نطاق التشدد.
أحمد عزام
محلل أسواق المال في مجموعة إكويتي.