بريطانيا ومجلس التعاون الخليجي… نحو اتفاق تجاري طموح

عقدت المملكة المتحدة و«مجلس التعاون الخليجي»، منذ أكثر من عام، أولى جولات محادثاتهما بشأن إبرام اتفاق تجاري جديد وطموح لتعميق العلاقات التاريخية بين بلادنا، وتحقيق الازدهار لاقتصاداتنا.

والأسباب المنطقية وراء ذلك جلية وواضحة؛ فـ«مجلس التعاون الخليجي» أحد أهم الشركاء التجاريين للمملكة المتحدة. وتشهد التجارة بيننا نمواً مستمراً حتى وصلت قيمتها إلى 61.3 مليار جنيه إسترليني عام 2022؛ بزيادة بلغت 85 % بالأسعار الحالية لعام 2021. ويرجع الفضل وراء ذلك النجاح، في جانب منه، إلى أن اقتصاداتنا يكمل بعضها بعضاً. ونحن شركاء طبيعيون؛ بإمكانات هائلة.

وقد شرُفت اليوم بالقدوم إلى صلالة لحضور قمة وزراء التجارة في دول «مجلس التعاون الخليجي»، حيث سألتقي وزملائي من كل الدول الست الأعضاء بـ«مجلس التعاون الخليجي»، وكذلك الأمين العام للمجلس. ويتجلَّى في الدعوة التي وجهتها عُمان ومجلس التعاون الخليجي إلى المملكة المتحدة لحضور القمة مدى التزامهم هذا الاتفاق. ومع اقتراب نهاية فصل الخريف، تعكس مناظر المساحات الخضراء في صلالة، التفاؤل الذي أشعر به إزاء فرص النمو المتاحة أمامنا. إننا نتفاوض بشأن اتفاق تجاري طموح، وشامل وحديث ينسجم مع القرن الحادي والعشرين ويعود بالنفع على كلا الجانبين.

إننا نريد اتفاقاً تتبدى فيه الحقائق الواقعية للتجارة الحديثة، وينشر الإبداع، ويساعد على تطوير صناعات جديدة، مثل التكنولوجيا المالية والذكاء الاصطناعي. وسيشجع هذا الاتفاق كل طرف على استثمار المزيد في اقتصاد الطرف الآخر – فالمملكة المتحدة سادس أكبر مستثمر في مجلس التعاون الخليجي – ويتيح فرصاً جديدة لمجلس التعاون الخليجي لبيع أفضل منتجاته وخدماته إلى المستهلكين بالمملكة المتحدة والبالغ عددهم 60 مليون مستهلك.

ولا تقتصر المنافع على الشركات التجارية فحسب؛ فقد صدّرت المملكة المتحدة العام الماضي ما قيمته 1.3 مليار جنيه إسترليني من السيارات البريطانية، وما قيمته 877 مليون جنيه إسترليني من الأطعمة والمشروبات إلى مجلس التعاون الخليجي. ويمكن لتخفيض التعريفات الجمركية المفروضة حالياً على تلك البضائع أن يعود بالنفع على المستهلكين في دول مجلس التعاون الخليجي، عبر تمكينهم من الحصول على مجموعة أكبر من المنتجات البريطانية بأسعار أرخص. كما ستتيح التعريفات الجمركية المنخفضة للمُصدّرين في هذا الجزء من العالم، الذي ينمو بسرعة، الوصول إلى السوق البريطانية بسهولة، وزيادة واردات المنتجات الشائعة مثل الكاكاو (7.6 مليون جنيه إسترليني) والتمور (8.7 مليون) والتي تحظى بطلب هائل في المملكة المتحدة. ويمكن كذلك للاتفاق التجاري فيما بيننا أن يدعم تحقيق دول مجلس التعاون الخليجي ما لديها من خطط ورؤية، عبر تسهيل اطلاع الشعوب في مجلس التعاون الخليجي على الخبرة البريطانية؛ من الفضاء الإلكتروني إلى علوم الحياة، ومن الذكاء الاصطناعي إلى الموارد المتجددة.

وتلقى الشركات البريطانية نجاحاً هنا؛ فقد أعلنت الشركة البريطانية «G-volution» مؤخراً إبرام اتفاق في عُمان يمكّن المحركات من استخدام أنواع وقود صديقة للبيئة، وهو ما يقلل الانبعاثات بنسبة تصل إلى 90 في المائة ويدعم ما تطمح إليه عُمان من الوصول إلى «الصفر الحيادي» بحلول عام 2050. وإذا ما توجهنا إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، فسنجد أن شركة «ابتكارات الجرافين في مانشستر (Graphene Innovations Manchester)» قد أسست شركة مشتركة للترويج التجاري للخرسانة المستدامة، من دون إسمنت ولا ماء، ومعدات حماية شخصية ذكية بها تبريد نشط يناسب الطقس الحار.

هذه الأمثلة ليست سوى البداية فقط. ويمكن لاتفاقنا أن يقدم مزيداً من الفرص، ويجعل علاقتنا التجارية تنمو بنحو 16 في المائة، ويضيف ما مجموعه نحو 2.8 مليار جنيه إسترليني إلى اقتصاداتنا بحلول عام 2035 طبقاً لتقييم النطاق بين المملكة المتحدة ومجلس التعاون الخليجي الذي نُشر في يونيو (حزيران) 2022. وكلما زاد طموحنا، تعاظمت المكاسب. ويمكن لاتفاق طموح، تدفع المملكة المتحدة باتجاه تحقيقه، أن يزيد من المنافع الاقتصادية التي تعود على مجلس التعاون الخليجي بأكثر من الضعف. وستشعر شركاتنا وشعوبنا بالمنافع التي يعود بها ذلك الاتفاق على مدار عقود مقبلة.

* وزير التجارة الدولية البريطاني

نايجل هدلستون