السيناريو الأفضل هو سيناريو سيئ

يسيطر التدمير والإرهاب يوماً بعد يوم في مجزرة غزة، ويدفع الثمن الباهظ الأبرياء من النساء والأطفال والشيوخ، وهناك تخوّف جدّي وخطر من توسيع بقعة الحرب نحو كل المنطقة. وإذا ما حصلت سيكون لها تأثير دراماتيكي على جميع الأصعدة. فالسيناريو الأفضل اليوم هو وقف إطلاق النار، والمرفوض من أسياد الحرب. لننظر بإيجابية وبعض التفاؤل الى ما بعد القصف والتدمير.

مهما حصل، هذه الحرب أوقفت كل عقارب المفاوضات والمحادثات ومحاولة التطبيع التي كانت تتوسع في المنطقة. فسيكون صعباً للغاية أن تُعاد المفاوضات وخصوصاً بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل، وبقية البلدان العربية، فتراجعت المحادثات أشواطاً إلى الخلف، لا بل جُمّدت أو حتى دُمّرت.

أما على الصعيد الإقتصادي الشرق أوسطي، فمهما حصل، فقد جُمّدت الإستثمارات، وتراجعت الحركة والتبادل التجاري، وتراجع دراماتيكياً النقل الجوي في المنطقة، وسيأخذ وقتاً طويلاً لإعادة الثقة والنمو.

أما على الصعيد الدولي، فإن هذه الحرب الجديدة صرفت الأنظار عن الحرب الأوكرانية – الروسية المتكاملة، بعيداً عن الأنظار وعدسات الكاميرا والصحافة الدولية. ولم تعد في سلّم الأولويات الدولية.

في لبنان، نسينا أو تناسينا أولوياتنا وهمومنا المعيشية والمصيرية، ولم يتحدث أحد عن الفراغات الدستورية في أعلى المناصب، بدءاً من منصب رئاسة الجمهورية الفارغ منذ سنة، والمناصب الأمنية، والمالية والنقدية، وقريباً في قيادة الجيش.

على الصعيد المالي والنقدي، لم تعد إعادة الودائع، ليس فقط في الأولويات، لكن حتى في الأحاديث، كأنها طُمرت تحت الركام. أما عمليات التنقيب المنتظرة منذ عقود، فلم يتحدث أحد بأنّها قد جُمّدت، ولم يتناول أحد أي نتائج مرجوة عنها، ولن تبدأ من جديد قبل الإستقرار التام. وهذا أمر مستبعد.

حتى لو حصل السيناريو الأفضل، وهو وقف إطلاق النار المرفوض من جهات عدة حتى اليوم والمُستبعد، حتى لو حصل، فإنّ عدم الإستقرار والمخاوف والمخاطر قد أوقفت كل عقارب التفاوض، وإعادة النمو، وإعادة بناء بلدنا المكسور والمنهوب.

في المحصّلة، هناك سيناريوهات عدة، سوداوية ومخيفة، والسيناريو الأفضل في الأفق هو وقف المدفع والتدمير والإرهاب والدماء، لكن حتى هذا السيناريو الإيجابي لن يُرجعنا إلى نقطة الصفر، لا بل سنعود أشواطاً وعقوداً إلى الوراء. فكل يوم يمرّ نتراجع خطوات كبيرة إلى الوراء، وتُطمر وتُدفن أولوياتنا الأساسية وإحترام دستورنا ومواجهة أزمتنا الإقتصادية والإجتماعية والمالية والنقدية، وقد أصبح همّنا الأكبر اليوم عدم الإنزلاق في حرب جديدة، ناسين وراءنا أزمتنا الراهنة ومشاكلنا المعيشية التي ستتضاعف يوماً بعد يوم.

د. فؤاد زمكحل

باول: من السابق لأوانه الحديث عن خفض الفائدة .. بل ربما يتم رفعها ‏

تسببت تصريحات رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول اليوم الجمعة في ‏انحسار توقعات السوق بشأن تخفيضات في أسعار الفائدة في المستقبل، واصفًا أنه ‏من السابق لأوانه إعلان الانتصار على التضخم.‏

وعلى الرغم من سلسلة من المؤشرات الإيجابية في الآونة الأخيرة فيما يتعلق ‏بالأسعار، قال رئيس الفدرالي إنه وفريقه يخططون “لإبقاء السياسة النقدية مشددة” ‏حتى يقتنعون بأن التضخم يتجه بقوة إلى المستهدف عند 2%.‏

وقال باول في تصريحات معدة سلفا في أتلانتا: “سيكون من السابق لأوانه أن ‏نستنتج بثقة أننا حققنا موقفا تقييديا بما فيه الكفاية، أو التكهن بموعد خفض الفائدة”. ‏‏”نحن على استعداد لتشديد السياسة النقدية بشكل أكبر إذا دعت الضرورة لذلك.”‏

وأفاد باول أيضاً: “بعد أن قطعت اللجنة الفدرالية للسوق المفتوحة شوطاً كبيراً في ‏مكافحة التضخم، فإنها تمضي قدمًا بحذر”.‏

وأضاف: “التضخم لا يزال أعلى بكثير من المستهدف، لكنه يتحرك في الاتجاه ‏الصحيح، لذلك رى أن الشيء الصحيح الذي يجب فعله الآن هو التحرك بحرص، ‏والتفكير بعناية في كيفية سير الأمور، والسماح للبيانات بإخبارنا ما التالي”.‏

وعلق: “ستخبرنا البيانات ما إذا كنا قد فعلنا ما يكفي أم أننا بحاجة إلى بذل المزيد ‏من الجهد”.‏

قمة «أبيك» فرصة للتنمية الاقتصادية في العالم

عقدت القمة السنوية للرؤساء التنفيذيين لمنظمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادي أبيك، في سان فرانسيسكو، كاليفورنيا، في الفترة من 14 إلى 16 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023. وجمعت القمة الرؤساء التنفيذيين ورجال الأعمال وقادة الفكر وأصحاب المصلحة الآخرين مع كبار القادة السياسيين من منطقة آسيا والمحيط الهادي، للحوار حول الفرص والتحديات العالمية التي تشكل الاتجاهات الاقتصادية والبيئية والمجتمعية في المنطقة، وتضمن برنامج القمة التركيز على خلق الفرص الاقتصادية من خلال مجموعة من المتحدثين الذين سلطوا الضوء على إمكانات التعاون والتفكير الجديد لبناء المستقبل من خلال التركيز على الاستدامة والشمول والمرونة والابتكار، وسيتضمن معرض القمة المصاحب، حلولاً وتقنيات رائدة يمكن أن تساعد في دفع النمو الاقتصادي العادل المستدام.

إن أبيك منتدى حكومي دولي يضم 21 دولة عضوا في حافة المحيط الهادي، وهو يعزز التجارة الحرة في جميع أنحاء منطقة آسيا والمحيط الهادي، بعد نجاح سلسلة المؤتمرات الوزارية لرابطة دول جنوب شرقي آسيا التي بدأت في منتصف الثمانينات، إذ تأسست المنظمة الاقتصادية في عام 1989، تلبية للنمو الاقتصادي المتزايد واستجابة للاعتماد المتبادل المتزايد لاقتصادات المنطقة وظهور التكتلات التجارية الإقليمية.

وتسعى أبيك لرفع مستوى المعيشة والتعليم من خلال تحقيق نمو اقتصادي متوازن وتشارك العوائد بين دول آسيا والمحيط الهادي؛ حيث يشكل تعداد السكان للدول المطلة على المحيط الهادي ما يقارب من 40 في المائة من عدد سكان العالم، ويعد المنتدى واحدا من أعلى التجمعات المتعددة الأطراف وأقدم المنتديات في منطقة آسيا والمحيط الهادي، وله تأثير عالمي كبير في الملفات الاقتصادية المهمة في العالم، ويتكون من 21 دولة وهي: أستراليا، البيرو، الصين، الفلبين، المكسيك، أميركا، اليابان، إندونيسيا، بابوا غنيا الجديدة، بروناي، تايلاند، تايوان، تشيلي، روسيا، سنغافورة، فيتنام، كندا، كوريا الجنوبية، ماليزيا، نيوزيلندا، هونغ كونغ.

ويعد هذا الاجتماع في المؤتمر السنوي، لزعماء الاقتصادات الـ21، فرصة تاريخية مهمة لتعزيز التعاون الاقتصادي في العالم، إذ يحظى بأهمية كبيرة من خلال مشاركة أميركا والصين بوصفهما أكبر اقتصادين في العالم يسعيان إلى إيجاد قدر من الاستقرار بعد عام صعب في العلاقات الأميركية – الصينية، إذ إن قادة دول أبيك طرحت رؤيتها الاقتصادية للمنطقة، إذ هم المحرك البارز للنمو الاقتصادي المستدام في آسيا والمحيط الهادي، الذي يجعل المنطقة ذات أهمية حاسمة للنمو الاقتصادي في العالم.

إن دول أبيك ترغب في رؤية حوار أفضل بين أميركا والصين لأنه يقلل من خطر الصراع الإقليمي، وفي الوقت نفسه، يعلمون أن الآخرين في المنطقة يشعرون بالقلق من أن المحيط الهادي يُنظر إليه في كثير من الأحيان من خلال منظور تقوم فيه مراكز القوى المهيمنة في واشنطن وبكين باتخاذ القرارات المتعلقة بالمنطقة من دون مشاركة الدول الأقل قوة، لتحقيق هذه الغاية، فإن قادة الدول قدموا مبادرات جديدة لتعزيز استثمارات الاقتصاد النظيف، وتطوير سياسات مكافحة الفساد والضرائب من خلال المنتدى الاقتصادي للمحيطين الهندي والهادي، وهي استراتيجية اقتصادية أُعلنت بهدف مواجهة القوة التجارية المهيمنة في المنطقة.

إن معظم أعضاء المنظمة غير جديين فيما يتعلق بالمنتدى الدولي الذي يركز على البيئة والطاقة، إذ تراجعت الشراكة عبر المحيط الهادي في بعد الأوقات، إلا أن المنطقة شهدت اتفاقات تجارية كبرى في السنوات الأخيرة، شملت الصين واليابان وكوريا الجنوبية وغيرها من الاقتصادات الإقليمية الكبرى، ولدى أعضاء أبيك بعض الاهتمام بجوانب «أبيف»، مثل الجهود الرامية إلى تعزيز مرونة سلسلة للتوريد واقتصاد الطاقة النظيفة، لكنهم يريدون رؤية الدول في إفساح المجال أمام المزيد من الوصول إلى الأسواق الأميركية والصينية وغيرها من دول أبيك في سياق التجارة الحرة.

تعد أميركا والصين القوتين الاقتصاديتين الرئيسيتين في العالم والمنتدى، وتنتجان معاً أكثر من 40 في المائة من إجمالي السلع والخدمات عالمياً؛ لذا، فعندما تنخرط واشنطن وبكين في معركة اقتصادية، كما حدث لخمس سنوات متتالية، فإن العالم بأسره سيعاني أيضاً، إذ إن التوترات بين البلدين تؤثر سلباً على الاقتصاد العالمي، وإن اجتماع هذا العام، فرصة للحد من تلك التوترات وتعزيز التعاون الاقتصادي، وهذا ما يجعلها حدثاً بالغ الأهمية للاقتصاد العالمي؛ خصوصاً بعد أن عانى من سلسلة أزمات متتالية منذ عام 2020، مثل جائحة كوفيد – 19، وارتفاع معدلات التضخم، وارتفاع أسعار الفائدة، والصراعات العنيفة في أوكرانيا ومؤخراً في غزة.

ويعتقد صندوق النقد الدولي أن هذا التباين الاقتصادي سيكون له تأثير سلبي على العالم؛ حيث من المتوقع أن يؤدي ارتفاع الحواجز التجارية إلى خسارة 7.4 تريليون دولار من الناتج الاقتصادي العالمي، كما زادت الحواجز التجارية بشكل حاد في السنوات الأخيرة، إذ إنه في عام 2022، فرضت الدول ما يقرب من 3 آلاف من القيود الجديدة على التجارة، مقارنة بأقل من 1000 في عام 2019. ونتيجة لذلك، فمن المتوقع أن تنمو التجارة الدولية بنسبة 0.9 في المائة فقط هذا العام و3.5 في المائة في عام 2024، بانخفاض حاد عن المتوسط السنوي 2000 – 2019 البالغ 4.9 في المائة.

ومن الجدير بالإشارة، ضرورة التعاون في ملفات عدة، بدءاً من التغير المناخي ومكافحة المخدرات إلى فرص وتحديات الذكاء الاصطناعي، وضرورة النظر إليها في سياق واسع من التحولات العالمية المتسارعة وأن تتطور بطريقة تعود بالنفع على جميع شعوب العالم، إذ لا يمكن للدول، أن تدير كل منها ظهرها للأخرى، إذ إن النزاع والمواجهة لهما عواقب لا تُطاق، كما أن التعافي الاقتصادي العالمي بعد جائحة كوفيد – 19 لا يزال بطيئاً، ولا تزال سلاسل الصناعة وسلاسل التوريد معرضة لخطر الانقطاع، وخطر الحماية بوصفها مشكلة خطيرة حسب وجهة نظر دول مهمة في الأبيك.

وفي الختام، تعهد زعماء أبيك، بدعم إصلاح منظمة التجارة العالمية، وإصرارهم على توفير بيئة تجارية واستثمارية حرة ومنفتحة وعادلة وغير تمييزية وشفافة وشاملة يمكن التنبؤ بها، والعمل على الإصلاح الضروري لمنظمة التجارة العالمية لتحسين جميع وظائفها، بما في ذلك إجراء مناقشات بهدف وجود نظام كامل وفعال لتسوية النزاعات التجارية، إذ إن تعزيز التجارة سيساهم في توحيد صفوف الدول المطلة على المحيط الهادي، إذ إن الأهداف المشتركة لدول أبيك هي خلق فرص متكافئة وعلاقات اقتصادية مستمرة وذات مغزى ومتبادلة المنفعة.

د. ثامر محمود العاني

ليست الصين .. S&P تكشف عن الدولة التي ستقود النمو الآسيوي بالسنوات الـ3 المقبلة

ترى وكالة S&P Global أنه في ظل تباطؤ اقتصاد الصين، فإن المحرك الرئيسي للنمو في منطقة آسيا المحيط الهادئ سينتقل بعيداً عن الدولة صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم إلى جنوب وجنوب شرق القارة.

ووفقاً لوكالة التصنيف الائتماني، فمن المتوقع أن يصبح الاقتصاد الهندي أكثر قوة في السنوات الثلاث المقبلة، ليقود النمو داخل الإقليم.

وفي تقرير منفصل للوكالة هذا الأسبوع، فإنه من المتوقع نمو الاقتصاد الهندي 6.4% في العام المالي الذي ينتهي في مارس آذار 2024، وهو مستوى أعلى من التقديرات السابقة عند 6%.

وأرجعت S&P هذا التغيير إلى الزيادة في الاستهلاك المحلي الهندي والذي ساعد في الموازنة ما بين تضخم الغذاء المرتفع وضعف نشاط التصدير.

كما أشار التقرير إلى أن اقتصادات ناشئة أخرى في آسيا مثل إندونيسيا وماليزيا والفلبين ستشهد نمو اقتصادي إيجابي هذا العام والعام المقبل بدعم من الطلب المحلي القوي.

ومع ذلك، خفضت S&P توقعاتها لنمو الاقتصاد الهندي على مدار العام المالي 2025 من 6.9% إلى 6.4%، لكنها توقعت قفزة في مستويات النمو عن العام المالي 2026 إلى 7%.

وفيما يتعلق بالصين، توقعت وكالة التصنيف الائتماني نمو الناتج المحلي الإجمالي 5.4% هذا العام، وهو مستوى أعلى بنحو 0.6% من التقديرات السابقة.

أما على مدار العام المقبل، فمن المتوقع نمو الاقتصاد 4.6%، وهي تقديرات أعلى بنحو 0.2% من التوقعات السابقة، ومع ذلك حذرت S&P من أن قطاع العقارات الصيني سيواصل الضغط كتهديد للاقتصاد.

وقالت رئيسة أبحاث الائتمان عن منطقة آسيا المحيط الهادئ يونيس تان إن الطلب على العقارات الجديدة لا يزال ضحلاً بما يؤثر على التدفقات المالية ومبيعات الأراضي.

وأضافت: في ظل السيولة المقيدة، فإن أدوات تمويل الحكومة المحلية قد تزيد ضغوط الائتمان لتؤثر على الأوضاع الرأسمالية للبنوك الصينية.

وعلى الرغم من التوقعات الإيجابية لاقتصاد آسيا المحيط الهادئ، خفضت S&P توقعاتها لإجمالي النمو داخل الإقليم (عدا الصين) عن العام المقبل إلى 4.2% من 4.4%، وذلك بفعل الصدمات في قطاع الطاقة بفعل الحرب بين إسرائيل وحماس، ومخاطر هبوط قاس للاقتصاد الأميركي.