ولّد اتفاق تحالف «أوبك بلس» – وهو التحالف القائم بين أعضاء منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) وكبار المنتجين خارجها – حالة من التفاؤل والإيجابية، إذ إنه زاد من عمر التحالف سنة أخرى لينتهي الاتفاق الجاري بنهاية عام 2022. وفي رأيي قد يستمر التحالف عاماً آخر أو أعواماً رغم كل محاولات روسيا السابقة للخروج منه مبكراً بسبب عدم رغبة شركات النفط الروسية في الاستمرار في أي اتفاق طويل الأجل يقوض من صلاحيتها في إنتاج كل ما تريد إنتاجه من نفط وضخه للأسواق.
وإذا فرضنا جدلاً أن هذا الاتفاق هو الأخير للتحالف أو أنه غير ذلك، فهذا لا يعني أن مهمة التحالف انتهت عند هذا الاتفاق الذي بموجبه ستستطيع المملكة وروسيا وباقي الدول ضخ كميات إضافية من النفط قدرها 400 ألف برميل يومياً حتى نهاية العام الجاري، بدءاً من شهر أغسطس (آب). إن مهمة التحالف ستكون أطول مما تتوقعه الدول لأن السوق تنظر للتحالف على أنه مصدر الاستقرار الوحيد في ظل الجائحة الحالية التي لا يُعلم منتهاها حتى الآن مع تجدد فرض الحظر في العديد من الدول وتزايد الحالات بفضل النسخة المتحورة منه (دلتا).
وبسبب الأوضاع الحالية التي تشهدها السوق، التي قد تؤدي إلى انخفاض الطلب على النفط بنحو مليون برميل يومياً، بحسب تقديرات «غولدمان ساكس»، فإن الاتفاق الذي عقده التحالف يوم الأحد الماضي قابل للتغير إذا ما ساءت الظروف. إن أخطر ما يمكن لنا تخيله هو أن نتصور أن التحالف اتفق على زيادة 2 مليون برميل من النفط حتى نهاية 2022 وبذلك انتهت القصة، بل في الحقيقة إن القصة بدأت.
أمام التحالف العديد من المجاهيل في السوق التي ستجعل عمله غير مكتمل حتى الآن، فهناك تأثير «كورونا» على الطلب، وعودة المخزونات إلى الارتفاع مع تباطؤ أو ركود الطلب. وهناك 2 مليون برميل يومياً من النفط الإيراني قد تعود إلى السوق في أي لحظة مع التوصل إلى اتفاق نووي بين إيران والقوى العظمى. كل هذا يفرض على التحالف الحذر ومراجعة الاتفاق شهرياً للتفاعل مع تطورات السوق.
وحتى إذا افترضنا أن السوق سوف تتحسن بشكل كبير خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، فإن العجز المتوقع في السوق قد يصل إلى 5 ملايين برميل يومياً، مع رغبة المشترين في إعادة بناء المخزونات التي تناقصت كثيراً هذا الصيف، وكذلك مع دخول الشتاء وانحسار تمدد الفيروس ومواصلة العديد من الدول فتح مطاراتها. معنى هذا أن الكمية التي سيضيفها التحالف ليست بالكافية لسد العجز إذا تحسّنت الظروف.
وفي ظل ظروف مثل التي نمر بها، أصبح التخطيط بعيد الأجل صعباً ولا يستطيع أحد أن يتوقع حالة العرض والطلب بعد أكثر من 3 أشهر، وسيتعين على الجميع الاستمرار في المراقبة شهرياً. أما الأسعار فهي وإن شهدت هبوطاً كبيراً مع مخاوف السوق من انتشار كورونا وتداولها تحت 70 دولاراً للبرميل، إلا أن الحزمة المعقولة لها ستظل بين 70 إلى 80 دولاراً للبرميل.
وما يجب علينا فهمه عن تطور التحالف هو أنه سيستمر في العمل وتسلم زمام الأمور من «أوبك» للعام السادس على التوالي، وقد يستمر لفترة أطول، والأهم من هذا هو أن قرارات التحالف متغيرة وقابلة للتعديل بصورة شهرية وسريعة، وهي في مجملها لا تستهدف مستوى معيناً من الأسعار، لأن مصالح روسيا أبعد من سعر معين للنفط، إذ إنها لا تحتاج إلى أسعار نفط عالية لميزانيتها المالية مثل دول «أوبك».