أرشيف التصنيف: التقرير اليومي

الأسواق ستنطلق بعدما يبدأ الفدرالي خفض الفائدة

يرى الرئيس التنفيذي لـMorgan Stanley جيمس بي غورمان أن الأسواق المالية ستنطلق بمجرد أن يتأكد المستثمرون من أن الفدرالي الأميركي انتهى من عملية رفع معدلات الفائدة.

ومن المقرر أن يتقاعد غورمان من منصبه كرئيس تنفيذي للبنك في الأول من يناير كانون الثاني بعد 14 عاماً من إدارة البنك.

وفي مقابلة مع صحيفة Financial Times، قال غورمان إن صدمة زيادة الفائدة مؤخراً ثبطت الصفقات المصرفية وأسواق رأس المال، مشيراً إلى أن ذلك يرجع إلى أن الجميع لا يعرفون تكلفة التمويل.

وأضاف: في اللحظة التي سيشير الفدرالي بها إلى التوقف عن رفع الفائدة -ناهيك عن تنفيذ أول عملية خفض لمعدل الفائدة- ستنطلق الأسواق.

وقرر الفدرالي الأميركي في آخر اجتماعاته لهذا العام تثبيت معدل الفائدة دون تغيير، وذلك للاجتماع الثالث على التوالي، ومع ذلك توقع تنفيذ 3 عمليات خفض للفائدة في العام المقبل.

وعلى الرغم من ذلك فإن هناك حالة من عدم اليقين حول الموعد الفعلي لبدء الخفض، وقال رئيس الفدرالي في نيويورك جون ويليامز في تصريحات لـCNBC إن خفض معدلات الفائدة ليس موضوعاً مطروحاً للنقاش في الوقت الحالي بالنسبة للبنك المركزي.

وعن الوضع في النظام المصرفي، قال غورمان إن القواعد الجديدة التي وُضعت منذ الأزمة المالية في 2008 والتي تتطلب من البنوك الاحتفاظ بالمزيد من رأس المال والتخارج من الأنشطة الأكثر خطورة جعلت النظام أكثر أماناً، مشيراً إلى أن أكبر خطر يهدد البنوك هو “غباءها”.

وزعّم رئيس Morgan Stanley أن انهيار 3 بنوك أميركية في وقت سابق من هذا العام كان ثمرة أعمالها.

خطة الصين للعام 2024.. تعهدات بتعزيز الطلب المحلي لتسريع وتيرة التعافي

تعهد قادة الصين بتعزيز الطلب المحلي، وإعطاء الأولوية لتنمية القطاعات الاستراتيجية ومعالجة الأزمة العقارية في البلاد، وذلك في أعقاب اجتماع رئيسي حدد الأولويات الاقتصادية للعام الجديد 2024.

تحت شعار جديد يتعهد بتحقيق الاستقرار من خلال التقدم الاقتصادي، قال القادة الصينيون إنه من الضروري التغلب على بعض الصعوبات والتحديات، والتي تشمل عدم كفاية الطلب، وتراجع قدرات بعض الصناعات، وضعف التوقعات الاجتماعية وعديد من المخاطر الخفية التي لا تزال قائمة، وفق ما ذكره التلفزيون الصيني.

قال القادة الصينيون، في مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي، الذي انعقد الثلاثاء 12 ديسمبر (كانون الأول) ويستمر على مدار يومين، إنه وفقًا لقراءات موجزة: “لقد حقق الاقتصاد الصيني انتعاشًا، مع إحراز تقدم قوي في التنمية عالية الجودة في العام 2023”.

صعوبات وتحديات

وقالوا إنه “لا يزال يتعين على الصين التغلب على بعض الصعوبات والتحديات من أجل إنعاش الاقتصاد بشكل أكبر”.

وشدد قادة الصين على أن التركيز على التنمية عالية الجودة أمر أساسي، ووصفوا خطة من تسع نقاط تشمل الابتكار التكنولوجي في النظام الصناعي، وتعزيز الاستهلاك المحلي، وتوسيع الاستثمار الأجنبي رفيع المستوى، وتنشيط الزراعة في العالم، علاوة على تعزيز الأمن الغذائي، وما يرتبط بذلك من محاور أخرى؟

يأتي مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي هذا العام في الوقت الذي كان فيه تعافي ثاني أكبر اقتصاد في العالم في مرحلة ما بعد كوفيد 19 أقل من التوقعات حتى الآن.

ولم تنجح سلسلة من إجراءات دعم السياسات في رفع المعنويات الاقتصادية بشكل كافٍ، مما أثار دعوات لبكين لزيادة تحفيزها وسط تجدد المخاوف من تباطؤ متزايد.

وانخفضت أسعار المستهلك في الصين في نوفمبر (تشرين الثاني) بأسرع معدل في ثلاث سنوات، في حين أن أسعار المنتجين امتد الانكماش إلى الشهر الـ 14. كما انخفضت الواردات بنسبة 0.6%.

مخاطر الملكية

ويواجه بعض أكبر مطوري العقارات مشاكل ديون خطيرة، فيما تصبو خطة بكين الأوسع  لتقليص ديون القطاع العقاري الذي كان متضخمًا في السابق، والتي تمثل بشكل مباشر وغير مباشر حوالي ثلث الأنشطة الاقتصادية في الصين.

وفي هذا السياق، تعهد قادة الصين بتوزيع المخاطر المرتبطة بقطاع العقارات، والديون المحلية والمؤسسات المالية الصغيرة والمتوسطة. كما أشاروا أيضًا إلى استراتيجية لبناء مساكن بأسعار معقولة في محاولة لحل الأزمة العقارية المتصاعدة في البلاد.

تناول المؤتمر أيضًا القضايا الاقتصادية الرئيسية التي تتراوح بين انخفاض معدلات الخصوبة في البلاد وارتفاع معدلات البطالة، خاصة بين الشباب، ومرونة وسلامة سلاسل التوريد المحلية.

بالإضافة إلى ذلك، أكد قادة الصين مجددًا أنهم سيدعمون تنمية المؤسسات الخاصة وتعزيز الابتكار في العلوم والتكنولوجيا والتحول الأخضر والاقتصاد الرقمي، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي.

موقف السياسة المالية

وتعهد زعماء بكين بتعزيز السياسات الكلية، مع الاستمرار في تنفيذ سياسات مالية استباقية وإجراءات نقدية حكيمة.

تأتي هذه التحركات في أعقاب تطور نادر في أكتوبر (تشرين الأول)، عندما أعلنت بكين عن خطة لإصدار سندات سيادية بقيمة تريليون يوان (139 مليار دولار) بحلول نهاية العام.

والأسبوع الماضي، خفضت وكالة موديز تصنيفاتها لـلائتمان الحكومي الصيني وثمانية من أكبر بنوك بكين، من مستقر إلى سلبي. وتتوقع وكالة التصنيف أن تعاني القوة المالية والاقتصادية والمؤسسية للصين من عمليات الإنقاذ المحتملة للحكومات المحلية المتعثرة والشركات المملوكة للدولة.

كوب28: كل ما تريد معرفته

كونه حدثا يناقش قضية تتعلق بمستقبل كوكب الأرض، اهتمت CNBC عربية ليس فقط بحضور مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ “كوب28” التي تحتضنها مدينة دبي في دولة الإمارات العربية المتحدة، ولكن أيضا بتقديم ملخصاً يومياً لأبرز الأحداث، ليكون بمثابة ملفا مختصراً لتدوين تلك الوقائع من داخل أروقة الحدث.

وإليكم أبرز الأحداث:

اليوم الثاني:

شهد اليوم الثاني من “كوب28” الجزء الأول من كلمات الزعماء، الذين توالوا على منصة المؤتمر للتعبير عن مواقفهم ودعواتهم من أجل تحقيق إنجاز يتمثل في إنقاذ كوكب الأرض من مستقبل مظلم حسب تعبير كثير منهم.

بدأت الخطابات بكلمة لرئيس الإمارات محمد بن زايد، والذي أعلن عن إطلاق صندوق جديد لـ”الحلول المناخية” مختص بجذب الاستثمارات في مجال معالجة الأزمة المناخية.

وأشار الرئيس الإماراتي إلى إنشاء الصندوق الذي يطلق عليه “ألتيرا” بقيمة 30 مليار دولار، وأنه يستهدف جذب استثمارات بقيمة 250 مليار دولار بحلول نهاية العقد. ويخصص الصندوق 25 مليار دولار لاستراتيجيات المناخ، و5 مليارات دولار لتحفيز تدفقات الاستثمار إلى جنوب الكرة الأرضية.

وبحسب بيان صادر عن الرئاسة الإماراتية لـ”كوب28″، يستهدف الصندوق، بالتعاون مع شركات إدارة الأصول العالمية بلاك روك وبروكفيلد وتي.بي.جي، “توجيه أسواق القطاع الخاص نحو الاستثمارات المتعلقة بالمناخ والتركيز على التحول في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية” التي قال إن ارتفاع المخاطر المحتملة فيها أدى إلى عرقلة الاستثمار التقليدي.

وقالت شركة بلاك روك في بيان إن صندوق “ألتيرا” سيستثمر مليار دولار في استراتيجية الديون الخاصة المتعلقة بالمناخ التي تستهدف التحول. كما التزمت بتقديم مبلغ مليار دولار للاستثمار في أعمال البنية التحتية الخاصة بشركة بلاك روك أو المشاركة في الاستثمار معها.

وسادت نبرة إنقاذ الأرض على كلمات الزعماء، حيث حث الملك البريطاني تشارلز الثالث المشاركين في المؤتمر إلى اتخاذ خطوات سريعة وحازمة لحماية الكوكب، موضحا ان “آمال العالم ترتكن إلى رؤساء الدول والحكومات”، ومعربا عن رغبته في أن يكون كوب 28 “نقطة تحول مهمة باتجاه عمل تحولي حقيقي”.

ومن جانبه، حث رئيس وزراء الهند، ناريندرا مودي القادة على العمل معا وتزويد البلدان النامية بالتكنولوجيا والتمويل لمواجهة تغير المناخ. فيما قال الرئيس البرازيلي لويس إناسيو لولا دا سيلفا إن بلاده التي تضم معظم غابات الأمازون المطيرة، مستعدة لريادة الطريق في حماية المناخ.

وخيمت حرب غزة على أروقة قمة المناخ، حيث دان كثير من القادة الحرب، فحض عاهل الأردن الملك عبد الله الثاني المجتمع الدولي على منع إسرائيل من “ارتكاب مجازر ونكبات” لا يمكن تحمل تبعاتها بعد تجدد القتال بين إسرائيل وحركة “حماس”، مشيرا إلى أن تغيّر المناخ يزيد صعوبة حياة الفلسطينيين في قطاع غزة.

كما أدان الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد الهجمات الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة وطالب المجتمع الدولي بوقفها. بينما اعتبرت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا أن استئناف الهدنة بين إسرائيل و”حماس” في غزة أمر “ضروري”.

وانسحب الوفد الإيراني من المؤتمر احتجاجاً على وجود ممثلين لإسرائيل، على ما ذكر الإعلام الرسمي.

اليوم الأول: 

فيما يوصف بأنه أكبر حدث من نوعه، افتتح مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ “كوب28” في دبي يوم الخميس، ليحقق اختراقا سريعا على غير العادة في المؤتمرات المماثلة، بالإعلان في اليوم الأول عن تفعيل صندوق الخسائر والأضرار المختص بتعويض الدول الأكثر تضررا من التغيرات المناخية.

ومع حضور رسمي في المنطقة الزرقاء يقدر بنحو 80 ألف شخص، وممثلين عن نحو 200 دولة، جرت مراسم التسليم والتسلم في افتتاح المؤتمر بين رئاسة القمة السابقة التي عقدت في مدينة شرم الشيخ بمصر.

والقمة الحالية التي تحتضنها دبي، ليعلن رئيس القمة “كوب28” سلطان الجابر سريعا تبني قرار تشغيل صندوق “الخسائر والأضرار”، قائلا: “أهنئ الأطراف على هذا القرار التاريخي. إنه يبعث إشارة زخم إيجابية للعالم ولعملنا. لقد كتبنا صفحة من التاريخ اليوم… السرعة التي فعلنا فيها ذلك غير مسبوقة، هائلة وتاريخية”.

وأشاد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بتبني قرار تشغيل الصندوق، داعيًا المانحين الى تقديم “مساهمات سخية”.

وبدأت المساهمات المالية الأولى تتدفق: 225 مليون يورو (نحو 245 مليون دولار) من الاتحاد الأوروبي (بما في ذلك مائة مليون دولار سبق أن أعلنت ألمانيا تقديمها)، مائة مليون دولار من الإمارات، عشرة ملايين دولار من اليابان، و17,5 مليون دولار من الولايات المتحدة، وأربعون مليون جنيه استرليني (نحو 50 مليون دولار) من بريطانيا.

وعلى مدار نحو أسبوعين، أو أكثر إذا ما تقرر تمديد أيام عمل المؤتمر كالعادة، يناقش الحضور من زعماء وقادة وسياسيين ومسؤولين، عدة موضوعات تتعلق جميعا بمساع خفض التهديدات المناخية وعلاج آثار التغير المناخي.

ويأتي المؤتمر في عام وصف بأنه الأكثر حرارة في التاريخ، وشهدت شهوره الماضية كوارث طبيعية واسعة النطاق وفادحة من حيث التكاليف البشرية والمادية.

وسيكون التمويل من أبرز القضايا التي يهتم بها المؤتمر، فيما يشهد للمرة الأولى مشاركة واسعة النطاق لقطاع النفط عبر الشركات والمؤسسات، والذي رأت الإمارات أنه أمر واجب لمحاولة علاج المشكلة من أحد أهم جذورها.

وبينما ستكون مسألة التخلي عن الوقود الأحفوري الأكثر حساسية على أجندته، لكن رئاسة المؤتمر عبر الجابر أكدت أنها لن تتزحزح عن النقاش ومحاولة بلوغ اتفاق، وقال الجابر: “نحن بحاجة إلى التأكد من إدراج دور الوقود الأحفوري” في الاتفاق النهائي للمؤتمر.

ليست الصين .. S&P تكشف عن الدولة التي ستقود النمو الآسيوي بالسنوات الـ3 المقبلة

ترى وكالة S&P Global أنه في ظل تباطؤ اقتصاد الصين، فإن المحرك الرئيسي للنمو في منطقة آسيا المحيط الهادئ سينتقل بعيداً عن الدولة صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم إلى جنوب وجنوب شرق القارة.

ووفقاً لوكالة التصنيف الائتماني، فمن المتوقع أن يصبح الاقتصاد الهندي أكثر قوة في السنوات الثلاث المقبلة، ليقود النمو داخل الإقليم.

وفي تقرير منفصل للوكالة هذا الأسبوع، فإنه من المتوقع نمو الاقتصاد الهندي 6.4% في العام المالي الذي ينتهي في مارس آذار 2024، وهو مستوى أعلى من التقديرات السابقة عند 6%.

وأرجعت S&P هذا التغيير إلى الزيادة في الاستهلاك المحلي الهندي والذي ساعد في الموازنة ما بين تضخم الغذاء المرتفع وضعف نشاط التصدير.

كما أشار التقرير إلى أن اقتصادات ناشئة أخرى في آسيا مثل إندونيسيا وماليزيا والفلبين ستشهد نمو اقتصادي إيجابي هذا العام والعام المقبل بدعم من الطلب المحلي القوي.

ومع ذلك، خفضت S&P توقعاتها لنمو الاقتصاد الهندي على مدار العام المالي 2025 من 6.9% إلى 6.4%، لكنها توقعت قفزة في مستويات النمو عن العام المالي 2026 إلى 7%.

وفيما يتعلق بالصين، توقعت وكالة التصنيف الائتماني نمو الناتج المحلي الإجمالي 5.4% هذا العام، وهو مستوى أعلى بنحو 0.6% من التقديرات السابقة.

أما على مدار العام المقبل، فمن المتوقع نمو الاقتصاد 4.6%، وهي تقديرات أعلى بنحو 0.2% من التوقعات السابقة، ومع ذلك حذرت S&P من أن قطاع العقارات الصيني سيواصل الضغط كتهديد للاقتصاد.

وقالت رئيسة أبحاث الائتمان عن منطقة آسيا المحيط الهادئ يونيس تان إن الطلب على العقارات الجديدة لا يزال ضحلاً بما يؤثر على التدفقات المالية ومبيعات الأراضي.

وأضافت: في ظل السيولة المقيدة، فإن أدوات تمويل الحكومة المحلية قد تزيد ضغوط الائتمان لتؤثر على الأوضاع الرأسمالية للبنوك الصينية.

وعلى الرغم من التوقعات الإيجابية لاقتصاد آسيا المحيط الهادئ، خفضت S&P توقعاتها لإجمالي النمو داخل الإقليم (عدا الصين) عن العام المقبل إلى 4.2% من 4.4%، وذلك بفعل الصدمات في قطاع الطاقة بفعل الحرب بين إسرائيل وحماس، ومخاطر هبوط قاس للاقتصاد الأميركي.

الفدرالي والأسواق…

الذهب عند أعلى أسعاره منذ 7 أشهر، بينما الدولار الأميركي عند أدنى مستوياته في ثلاث أشهر. حيث أن تحركات الأسواق خاضعة لتأثير تسعيرها لبدء تخفيض أسعار الفائدة في عام 2024. كان هناك انقسام داخل مجلس لجنة السياسة النقدية للفدرالي حول مسار السياسة النقدية سابقًا، لكن كانت همسات رئيس الفدرالي أن الاتفاق بعدم تخفيض سعر الفائدة بالإجماع.

بينما الأسواق وضعت كلام الفدرالي جانباً، وباتت تُسعر امكانية تخفيض سعر الفائدة في يونيو القادم، لا بل اتجهت إلى التفاؤل بشكل أكبر حول موعد بداية دورة التيسير النقدي إلى مارش القادم.

الاختلاف بين الأسواق والفدرالي، من سيكون على حق؟

إن الأسواق دائماً ما كانت تتوقع التحركات المستقبلية، بينما سياسة البنوك هي التروي ورد الفعل بناء على الأرقام الاقتصادية، فالأول يتوقع ويحاول أن يستبق بينما الثاني يتحرك بناء على الواقع ويتأخر.

بالنظر إلى آخر التوقعات، لا الأسواق ولا الفدرالي كانا على حق دائماً في آخر دورة سياسة نقدية، فالأسواق توقعت الركود بشكل خاطىء، بينما الفدرالي قد أخطأ في توقع التضخم والركود وقد لا ينجح بإكمال التوقعات الصحيحة في نهاية دورة تشديد السياسة النقدية.

هل اقتنع الفدرالي بتخفيض الفائدة؟

كان توجه الفدرالي الأميركي منذ آخر عملية رفع للفائدة في يوليو الماضي هو الاستمرار في مسار رفع الفائدة، الأصوات داخل المجلس كانت تنادي برفعة فائدة آخيرة، أو على الأقل الإجماع حول البقاء على الفائدة المرتفعة لفترة زمنية طويلة في محاولة لإعادة التضخم نحو مستهدف الفدرالي عند 2%. تلك الأصوات بدأ يظهر عليها بعض التغير يوم الثلاثاء، حيث أشار كريستوفر والر وهو أحد أكثر صناع السياسة تشددًا في الفدرالي إلى أنه من غير المرجح أن ترتفع الفائدة أكثر، ويمكن خفضها إذا استمر التضخم في التباطؤ. قد يكون هو أول تلميح أو تصريح أو إشارة من أحد أعضاء الفدرالي الأميركي حول إمكانية تخفيض الفائدة.

ذلك أعطى الأسواق ما تتوقعه، وهو أن تخفيض الفائدة باتت فكرة يمكن نقاشها داخل المجلس، كما أنها فكرة تؤمن بها الأسواق والتي تعطي احتمالية تخفيض الفائدة في شهر يونيو بأنه متوقع جداً، وفي شهر مارش قد تكون فكرة واردة إذا ما صاحبها بأرقام ناعمة من التضخم، وأرقام سلبية من الوظائف والنمو الاقتصادي.

بالرغم من تصريح والر، إلا أن جيروم باول كان قد ذكر في آخر مؤتمر صحفي بأن تخفيض أسعار الفائدة ليست فكرة ناقشها أو تحدث بها صانعي السياسة النقدية، لذلك قد تحتاج الأسواق المزيد من الأصوات.

تصريح والر أعطى الدولار الأميركي المزيد من السلبية ليصل إلى أدنى مستوياته في ثلاث أشهر، ودفع الذهب نحو أعلى مستوياته منذ سبعة أشهر.

هل الأسواق على حق بشأن تخفيض سعر الفائدة؟

يبدو أن تباطؤ التضخم قد أعطى المستثمرين التفاؤل بأن غمامة التضخم قد زالت، حيث أن التباطؤ نحو مستويات 3.2% دون قراءات مرتفعة بقوة دفعت الأسواق للتوقع بأن دورة تشديد السياسة النقدية قد أعطت تأثيرها على الاقتصاد.

ولكن، تبقى الأرقام الاقتصادية المحيطة بالتضخم قد تحتاج المزيد من الإشارات في الفترة القادمة، ليس فقط التضخم يجب أن يسجل المزيد من التباطؤ، لا بل على النمو الاقتصادي أن يسجل بعض قراءات معتدلة بعيدة عن الأوضاع الحالية عند مستويات 4.9% للربع الثالث، حيث أن دخول النمو في المرحلة السلبية قد يكون لها تأثير بتخفيف الضغوط التضخمية، وبالتالي فإن تراجع أرقام النمو وانحسار الضغوط التضخمية بجانب اعتدال أرقام الأجور قد تكون كفيلة بأن الفيدرالي الأمركي قد يتجه للبدء بتخفيض أسعار الفائدة.

لذلك فإن الفدرالي الأمريكي سيحتاج إلى المزيد من القراءات الاقتصادية للوقوف على قرار دورة السياسة النقدية القادمة، ويحتاج المزيد من الوقت.

 

أحمد عزام

هل نجح «الاحتياطي الفيدرالي» في كبح جماح التضخم؟

في الـ14 من نوفمبر، أعلن مكتب الولايات المتحدة لإحصائيات العمل على نحو مفاجئ أن مؤشر أسعار المستهلك ظل ثابتا في أكتوبر. ومن باب التوضيح، فهذا يعني أن مستوى مؤشر أسعار المستهلك ظل كما هو، وفي الواقع بلغ معدل نموه أو تضخمه مستوى الصفر. ومن المؤكد أن شهرا واحدا لا يعني كثيرا. إذ لن تنخفض أسعار البنزين بنسبة 5% كل شهر، كما حدث في الفترة بين سبتمبر وأكتوبر. لكن هناك أيضا بيانات طويلة الأجل تدعو إلى قدر أكبر من التفاؤل ومجدية، وتفيد بما يلي: بلغ معدل التضخم لمؤشر أسعار المستهلك الرئيس خلال الـ12 شهرا الماضية 3.2%، وهو أقل بكثير من المتوسط السنوي الذي بلغ 6.5% في 2022. ومع أن الأمور قد تتغير إلى الأسوأ، إلا أنه يمكننا القول إننا بدأنا نحرز تقدما في معركتنا للحد من التضخم.

على عكس توقعات عديد من خبراء الاقتصاد ـ وما يدركه كثير من الأميركيين باستمرار ـ فقد انخفض معدل التضخم في الولايات المتحدة، حتى الآن، دون أن يصاحبه انخفاض كبير في النشاط الاقتصادي أو العمالة. وفي الواقع، كان الاقتصاد يضيف ما متوسطه 204 آلاف وظيفة كل شهر خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وهو معدل أعلى بكثير مما شهده مسار النمو طويل الأجل للقوى العاملة. ونتيجة لذلك، ظلت معدلات البطالة أقل من 4%، وهو تقريبا أدنى مستوى منذ أواخر الستينيات من القرن الـ20. وفي الوقت نفسه، بلغ النمو السنوي لمعدل الناتج المحلي الإجمالي 2.3% حتى الآن خلال هذا العام، أي إنه نما بوتيرة أسرع من المعدل المتوسط منذ بداية القرن.

وتشهد الاقتصادات المتقدمة الأخرى نموا مماثلا اتسم بارتفاع التضخم في 2021 ـ 2022 ثم بانخفاضه، مع أن مستويات أدائها أدنى مقارنة بالولايات المتحدة. وتنمو كندا، ومنطقة اليور، واليابان، والمملكة المتحدة، كلها بوتيرة أبطأ مقارنة بالولايات المتحدة، ولم ينخفض التضخم في أوروبا بقدر ما انخفض نظيره في اقتصادات دول المحيط الأطلسي. وما زال التضخم منخفضا جدا في اليابان.

ووفقا للقواعد التقليدية للسياسة، ينبغي أن ينسب الفضل إلى بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي وإدارة الرئيس جو بايدن في نوبة التضخم غير المؤلمة نسبيا في أميركا، بغض النظر عما إذا أسهمت سياساتهما السابقة في وجودها. لكن هل حقا يستحقان أن ينسب إليهما الفضل في ذلك؟

يبدو واضحا أن صانعي السياسات في الولايات المتحدة استهانوا بأخطار التضخم قبل عامين. وفضلا عن ذلك، لم تنجح زيادات أسعار الفائدة في كبح جماح التضخم باتباع المسار السببي المعتاد، أي: عن طريق خفض الناتج والعمالة. لكن هذا لا يعني أن رفع أسعار الفائدة لم يحدث فرقا. وهناك آليات انتقال أخرى بين أسعار الفائدة والتضخم، بما في ذلك سوق الإسكان، وسعر الصرف، وأسعار السلع الأساسية.

إن أسعار الفائدة على الرهن العقاري، التي تساعد في تحديد الطلب على الإسكان، ارتفعت ارتفاعا حادا على مدى العامين الماضيين نظرا إلى إنهاء بنك الاحتياطي الفيدرالي التيسير الكمي وتشديد السياسة النقدية. فضلا على ذلك، ارتفع سعر الصرف الفعلي للدولار الأميركي بنسبة تزيد على 8 في المائة مقابل العملات الرئيسة الأخرى منذ مارس 2022، عندما بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة، مع أن ارتفاع قيمة العملة تسهم بدرجة أقل في انخفاض أسعار السلع القابلة للتداول في الولايات المتحدة مقارنة بأي مكان آخر.

ثم هناك أسعار السلع الأساسية، مثل: النفط، والمعادن، والمنتجات الزراعية. ففي الفترة من مارس 2022 إلى أكتوبر 2023، انخفض مؤشر الأسعار العالمية لجميع السلع الأساسية بأكثر من 30 في المائة من حيث القيمة الدولارية ـ وهي نتيجة متوقعة، نظرا إلى كون أسعار الفائدة المرتفعة تفرض ضغوطا خافضة لهذه الأسعار.

لكن أيا من هذه التطورات لا يفسر سبب تراجع التضخم مخلفا خسائر ضئيلة في النشاط الاقتصادي. وما قد يفسر هذه الظاهرة هو الافتراض بأن منحنى “فيليبس” يصبح أكثر انحدارا عندما يقترب الاقتصاد من تحقيق العمالة المرتفعة. ومع انخفاض معدلات البطالة إلى أقل من 4 في المائة، وتجاوز معدل الوظائف الشاغرة 7 في المائة، فإن أي انخفاض في الطلب الكلي يؤدي برمته تقريبا إلى انخفاض التضخم، وليس إلى تراجع النشاط الاقتصادي.

لكن قد يكون هناك تفسير أفضل، إن اضطرابات سلسلة التوريد، التي كانت هائلة في الفترة 2020 ـ 2022 تلاشت في 2023. وأدت جائحة كوفيد – 19 إلى ازدحام في الموانئ، وتراكم الطلبات، واختناقات المدخلات، ونقص العمالة، وغير ذلك من مشكلات العرض. لكن وفقا لمؤشر ضغط سلسلة التوريد العالمية، الذي يصدره بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، بلغت مثل هذه الاضطرابات ذروتها في ديسمبر 2021، وهي في انخفاض مطرد منذ أبريل 2022. ويبدو أن “اليد الخفية” للسوق، التي كانت قد اختفت خلال الوباء، عادت إلى مهمتها الطبيعية المتمثلة في تشجيع الأداء السلس للاقتصاد.

ينبغي لأي تحول إيجابي في العرض الإجمالي أن يسمح بانخفاض التضخم عند أي معدل معين من النمو الاقتصادي. والسؤال هو: لماذا أدى هذا التحول إلى انخفاض التضخم بدلا من ارتفاع نمو الناتج المحلي الإجمالي؟ منذ العام الماضي، تراجع النمو في الولايات المتحدة عن المستويات المسجلة في 2021، عندما حدثت فورة في الاقتصاد ـ وهو الهبوط الناعم الذي كنا جميعا نأمل أن يحدث.

ربما تكمن الإجابة في تشديد السياسة النقدية. ولو لم يرفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بعد مارس 2022، لكان من المحتمل أن يستمر الاقتصاد الأميركي في فرط النشاط، بغض النظر عن التحول الإيجابي في العرض، ولكان التضخم سيظل مرتفعا اليوم. يجب أن ينال التقدير من يستاهله، ويستحق بنك الاحتياطي الفيدرالي نصيبا عادلا منه.

جيفري فرانكل

كيف يستقبل الفدرالي نتائج “بلاك فرايداي”؟

  • رغم أن مبيعات “سايبر ويك” لا تعد مرجعاً للفدرالي لكنها تظل مهمة للإشارة للقدرة الإنفاقية والآفاق التضخمية

  • من المتوقّع أن يدر “سايبر ويك” 37,2 ملياراً من المبيعات عبر الإنترنت، بزيادة نسبتها 5,4% عن العام الماضي

  • قوة الإنفاق الاستهلاكي وتعزيز النمو من الإنفاق الحكومي لا تجعل مهمة الفدرالي أسهل خلال الأرباع المقبلة

  • محضر الفدرالي أظهر أن المسؤولين لم يُبدوا أي ميل نحو خفض الفائدة في أي وقت قريب

 

بدأ أسبوع “سايبر ويك” الاستهلاكي الشهير في الولايات المتحدة، والذي يمتد من عيد الشكر، مرورا بـ”بلاك فرايداي”، وصولا إلى “سايبر مونداي”… وهو الأسبوع الأخير الكبير للمبيعات في العام قبل موسم “الكريسماس” و”رأس العام”.

ويعد “سايبر ويك”، وقمته في “بلاك فرايداي”، أحد أهم مواسم شراء السلع والهدايا في أميركا بالنسبة للمستهلكين والتجار على حد سواء، نظرا لأنه يسبق موسم الأعياد الأكبر في العام، كما أنه يشهد عروض خصومات لا تتكرر طوال السنة.

ورغم أن نتائج أعمال ومبيعات “سايبر ويك” لا تعد مرجعا رئيسيا للاحتياطي الفدرالي في حساباته المعقدة لموازنة التعامل مع التضخم والحفاظ على النمو، إلا أن النتائج تظل مهمة من حيث الإشارة القوية إلى القدرة الإنفاقية والشرهة الاستهلاكية والآفاق التضخمية.

وفي أحدث توقعاته التي صدرت نهاية الشهر الماضي، يرى مسؤولو الفدرالي أن التضخم، وفقًا لمؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي، سيبلغ 3.3% بحلول نهاية العام، مقارنة بتوقعات يونيو (حزيران) البالغة 3.2%.

ويشير أولو سونولا، رئيس قسم الاقتصاد الأميركي في وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني، إلى أن قوة الإنفاق الاستهلاكي وتعزيز النمو من الإنفاق الحكومي لا تجعل مهمة الفدرالي أسهل خلال الأرباع المقبلة. وأضاف: “لقد تحول النمو الاقتصادي من المرونة إلى إعادة التسارع في هذا الربع، متحديًا دورة التشديد العدوانية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي والظروف المالية الأكثر صرامة”.

محضر اجتماع الفدرالي

وأظهر محضر اجتماع الفدرالي الأخير، الذي عُقد في الفترة من 31 أكتوبر (تشرين الأول) إلى 1 نوفمبر (تشرين الثاني)، إجماع الأعضاء حول استراتيجية المضي قدماً بحذر بشأن تحركات أسعار الفائدة في المستقبل، وربط أي تشديد إضافي بمدى التقدم نحو هدف التضخم عند 2 في المائة.

كما أظهر المحضر أن المسؤولين لم يُبدوا أي ميل نحو خفض الفائدة في أي وقت قريب، لا سيما أن ‏التضخم لا يزال فوق المستهدف، وأنهم ما ‏زالوا قلقين بشأن التضخم واستمرار بقائه مرتفعاً، وأن هناك حاجة للمزيد من ‏الإجراءات التي يجب اتخاذها لكبحه.‏

وأكد أن صناع السياسة يسعون لإجراء توازن بين تفادي رفع الفائدة، بما قد يدخل الاقتصاد الأميركي في ركود من جهة، وعدم تشديد السياسة النقدية بما يكفي لتهدئة الاستهلاك وتخفيض التضخم إلى المستهدف عند 2 في المائة. ورغم ذلك، لم يشر المحضر إلى أن الأعضاء ناقشوا متى قد ‏يبدأون في خفض أسعار الفائدة.

نتائج الـ “سايبر ويك”

هنا يجب النظر إلى أن تقييم نتائج الـ “سايبر ويك” سيكون ذي دلالة للفدرالي، خاصة أنه سيعد اختبارا حقيقيا للقدرة الشرائية للأميركيين، وما إذا كانت بلغت “نقطة المقاومة” أم لا، حيث يخشى كثير من المراقبين أن يكون الأميركيون قد استنفدوا كل مدخراتهم السابقة مع زيادة التضخم وتراجع مستويات الدخل الحقيقي.

وفي مقابل نظرة الفدرالي، فإن نظرة الجماهير أيضا شديدة الأهمية، إذ يسيطر عليهم الارتياب من استمرار ضغوط رفع الفائدة لفترات أطول، ما يسهم في تراجع “الرغبة الاستهلاكية” في مقابل “الخوف من المستقبل”.

وهناك عنصر ثالث شديد الأهمية لا يجب أن ننساه، وهو تجار التجزئة أنفسهم، والذين يعولون على هذا الموسم بشدة لزيادة حجم المبيعات، وبالتالي يحسن من موازناتهم وقدرتهم المالية على استمرار الصناعة والأرباح… ما يجعلهم يقدمون على وضع “عروض لا تقاوم” من أجل جذب المزيد من الزبائن “المترددين”.

ووسط هذه الصورة العامة، فإن ارتفاع حجم إنفاق الأميركيين على التجارة الإلكترونية في الـ”بلاك فرايداي” بنسبة 7.5%، مقارنة بمستويات العام الماضي، يعد أمرا هاما وشديد الدلالة.

حجم الإنفاق

وبلغ حجم الإنفاق مستوى قياسياً عند 9.8 مليار دولار في الولايات المتحدة، بحسب البيانات الواردة في تقرير Adobe Analytics . وتعكس تلك البيانات رغبة المستهلكين في الإنفاق على أفضل الصفقات، ومن خلال بحثهم عن تلك الصفقات عبر الإنترنت… ومع ذلك، لا يزال المتسوقون حساسين للأسعار، ويديرون ميزانيات أكثر صرامة بسبب التضخم القياسي وأسعار الفائدة في العام الماضي.

وفي المجمل، من المتوقّع أن يدر “سايبر ويك” 37,2 ملياراً من المبيعات عبر الإنترنت، بزيادة نسبتها 5,4% عن العام الماضي.

وقدّر الاتحاد الوطني للبيع بالتجزئة عدد الذي سيُقبلون على الشراء من المتاجر، أو عبر الإنترنت خلال ما يُعرف بالـ “سايبر ويك”، بأكثر من 182 مليوناً، مما يمثل ارتفاعاً بنحو 16 مليوناً عن معدّل العام 2022 ورقماً قياسياً منذ بدء تسجيل هذه الأرقام عام 2017.

ولم يوفّر الاتحاد أرقاماً عن المبيعات المتوقّعة لهذه الفترة، لكنّه ذكر أنّ المبيعات خلال موسم الأعياد في شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول) قد تدر ما يصل إلى 966,6 مليار دولار، بزيادة نسبتها 4% عن العام الماضي.

عمليات الشراء الاندفاعية

ووفق المحلل الرئيسي في Adobe Digital Insights  فيفيك بانديا، فإن “عمليات الشراء الاندفاعية ربما لعبت دورًا في نمو مبيعات الـ Black Friday، بالنظر إلى أن 5.3 مليار دولار من المبيعات عبر الإنترنت جاءت من التسوق عبر الهاتف المحمول”.

وكشف عن أن “المؤثرين والإعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي، هي عوامل سهلت على المستهلكين الحصول على إنفاق مريح على أجهزتهم المحمولة”.

وفقًا لاستطلاع  Adobe، جاءت 79 مليون دولار من المبيعات من المستهلكين الذين اختاروا طريقة الدفع المرنة “اشتر الآن، ادفع لاحقًا” بزيادة قدرها 47٪ عن العام الماضي.

وعند هذه النقطة تحديدا يجب أن نتوقف برهة ونلقي نظرة على بعض البيانات. إذ قال الاقتصاديون في مجلس الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك الأسبوع الماضي، إن ديون بطاقات الائتمان الأميركية استمرت في الارتفاع في الفترة من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول) من هذا العام، مسجلة الربع الثامن على التوالي من الزيادات على أساس سنوي.

وأشار التقرير إلى أن أرصدة بطاقات الائتمان ارتفعت بمقدار 48 مليار دولار، أو بنسبة 4.7% عن الأشهر الثلاثة السابقة، وبمقدار 154 مليار دولار على أساس سنوي، وهي أعلى زيادة منذ بدء التسجيل في عام 1999.

وبذلك وصل إجمالي ديون بطاقات الائتمان المستحقة إلى مستوى قياسي جديد بلغ 1.08 تريليون دولار، ونما إجمالي ديون الأسر بمقدار 228 مليار دولار خلال الفترة المشمولة بالتقرير، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى بطاقات الائتمان وقروض الطلاب، ووصل إلى 17.29 تريليون دولار… وهي مؤشرات قد تثير قلقا حول القدرة على سداد الديون والتعثرات التي قد تسفر عن أزمة ائتمانية لاحقة، ويشير الاقتصاديون إلى أن المزيد من الأسر تواجه صعوبة في إدارة ديونها وسط استمرار ارتفاع التضخم وارتفاع أسعار الفائدة.

رهانات الأسواق

وبعدما كانت رهانات الأسواق ترجح بلوغ مستويات الفائدة الأميركية ذروتها، وازدياد احتمالات خفضها في المدى المتوسط، قوضت تصريحات جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي آمال الجميع بشأن وصول معدلات أسعار الفائدة ذروتها.

وعبّر مسؤولون في المركزي الأميركي من بينهم باول في وقت سابق من الشهر الجاري، عن شكوكهم في أن معركتهم لمكافحة التضخم انتهت، وأضافوا أنهم سيواصلون تشديد السياسة النقدية إذا اقتضت الحاجة. وقال باول إنه وزملاءه في مجلس الفدرالي «غير واثقين» من أن السياسة لا تزال مشددة بما يكفي لكبح التضخم.

وتتزايد التوقعات الآن أن يكون أول خفض محتمل من المركزي الأميركي لسعر الفائدة في يونيو (حزيران) من العام المقبل، بدلاً من التوقعات السابقة لخفضه في مايو (أيار).

لمياء نبيل

“الوجه الآخر” لـ “خفض أسعار الفائدة”.. قد لا يكون الحافز الصعودي للأسواق

فيما تتفاءل الأسواق باحتمالات بدء بنك الاحتياطي الفدرالي الأميركي خفض أسعار الفائدة، العام المقبل 2024، إلا أن تلك الخطوة “تعد سلاحاً ذو حدين” في تقدير عدد من خبراء وول ستريت.

عزز تفاؤل الأسواق في هذا الصدد تقرير التضخم، الثلاثاء 14 نوفمبر/ تشرين الثاني، والذي أظهر تباطؤ التضخم عند 3.2% في أكتوبر/ تشرين الأول مقارنة بالتوقعات عند 3.3%.

يدفع ذلك إلى شعور الفدرالي بالارتياح للإعلان عن أن السياسة مقيدة بما فيه الكفاية “وهذا أمر كبير؛ لانه يعني أنهم انتهوا من تشديد السياسة النقدية”، بحسب ما نقلته CNBC عن كبير الاقتصاديين السابق بشركة PIMCO بول ماكولي.

إلا أنه وعلى الرغم من ذلك، فإن “خفض أسعار الفائدة قد لا يكون بالتأكيد الحافز الصعودي الذي تأمله الأسواق؛ وذلك لأن أي تخفيف لسياسة بنك الاحتياطي الفدرالي سيكون على الأرجح استجابة لتباطؤ الاقتصاد، ومن المحتمل أن تأتي التخفيضات العميقة حقًا نتيجة للركود التام”، بحسب تقرير لـ businessinsider.

خفض الفائدة

وبينما تتطلع الأسواق إلى خفض سعر الفائدة لتحفيز الارتفاع الصعودي في الأسهم، إلا أن الركود يشكل عموماً رياحاً معاكسة قوية للأسهم، التي قد تنخفض بنسبة تصل إلى 20% في حالة حدوث تراجع، وفقًا لتقدير كبير استراتيجيي السوق في بنك جيه بي مورغان الشهر الماضي.

يعلق على ذلك كبير استراتيجيي الأسهم في شركة Mai Capital Management ، كريس غريسانتي، في مقابلة أجريت معه هذا الأسبوع، قائلاً: “المعدلات لا تصل إلى ذروتها لأسباب وجيهة، إنها تبلغ ذروتها لأسباب محزنة بالنسبة لمستثمري الأسهم،  وهي أن الاقتصاد يتباطأ، وأعتقد بأن ذلك سيظهر على مدى الأشهر الثلاثة إلى الستة المقبلة”.

وبحسب دويتشه بنك، فإن “تخفيضات أسعار الفائدة لا تمنع الانكماش تلقائيًا.. وغالبًا ما تكون علامة على أن المشاكل قادمة”.

شبح الركود

وطبقاً لبنك  UBS، فإنه يمكن أن ينتهي الأمر بتخفيض أسعار الفائدة بمقدار 275 نقطة أساس حيث يتجه الاقتصاد إلى الركود في وقت ما في منتصف العام المقبل.  وهذا يعادل حوالي أربعة أضعاف انخفاض سعر الفائدة الذي اتوقعه السوق.

مما يعني أن الاقتصاد قد يتباطأ إلى مستوى يشعر بنك الاحتياطي الفدرالي معه أنه يتعين عليه التراجع عن قدر كبير من تشديد السياسة النقدية الذي تم سنه منذ مارس/ آذار 2022.

وبالتالي ستكون التخفيضات “استجابة للركود الأميركي المتوقع في الربع الثاني إلى الربع الثالث من العام 2024 والتباطؤ المستمر في كل من التضخم الرئيسي والأساسي”، وفق استراتيجيي UBS في مذكرة الأسبوع الماضي.

لماذا تتراجع ثقة المستهلك رغم تراجع التضخم

تثير بيانات التضخم الآخذة في الانخفاض، تفاؤلاً بالأسواق إزاء الاقتراب أكثر إلى المعدلات المستهدفة، غير أن “المعنويات السلبية” لا تزال تسيطر على المستهلكين.. فلماذا؟

في البداية، يُشار إلى الأخبار الإيجابية على ضفتي الأطلسي، الأسبوع الماضي، حيث تباطؤ معدلات التضخم، وانخفاض نمو الأسعار السنوي في الولايات المتحدة لشهر أكتوبر/ تشرين الأول إلى 3.2%  (وهو معدل يزيد قليلاً عن نقطة مئوية أعلى من هدفه. كذلك في بريطانيا، انخفض المعدل بأكبر قدر منذ العام 1992 ليصل إلى 4.6%.

يعزز ذلك احتمالات “الهبوط الناعم”، لجهة عودة التضخم إلى مستويات طبيعية دون حدوث انخفاض كبير في النشاط الاقتصادي.

وبالتالي يتعين أن تكون عوامل انخفاض نمو الأسعار، وسوق الوظائف القوي، واحتمال تخفيض أسعار الفائدة في وقت أقرب مما كان يعتقد في البداية، بمثابة مؤشرات مثيرة للتفاؤل، غير أن هذا التفاؤل لم يصل بعد إلى المستهلكين.

يشار هنا إلى انخفاض مؤشر ثقة المستهلك في ميشيغان في الولايات المتحدة أخيراً إلى أدنى مستوى له منذ ستة أشهر.

كذلك في بريطانيا، انخفضت الثقة في أكتوبر/ تشرين الثاني بأكبر قدر منذ جائحة كورونا، وكذلك لا تزال ضعيفة في منطقة اليورو على الرغم من انخفاض التضخم إلى أدنى مستوى له منذ عامين.

وبالتالي فإن السؤال الذي يفرض نفسه هو: “ما الذي يفسر عدم وجود عامل الشعور بالسعادة؟”، وهو ما شرحه مقال لهيئة تحرير صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية، حلل أسباب تلك المفارقة.

مستوى الأسعار

يُمكن إرجاع السبب الرئيسي إلى أنه “في الوقت الذي أخذت فيه معدلات التضخم في الانخفاض، فإن المستوى الإجمالي للأسعار أصبح الآن أعلى بكثير”.

في بريطانيا، ارتفع بنسبة 21% منذ يناير/ كانون الثاني 2021. وربما يعود نمو الأجور الحقيقية، لكنه كان سلبياً في معظم العامين الماضيين.  فيما لا تزال الأسر تشعر بأنها أكثر فقراً. كذلك فإن التضخم المتوقع في منطقة اليورو أعلى كثيراً من المعدل الفعلي.

في أوروبا، كان تخفيف تكاليف الغذاء والطاقة هو المحرك الرئيسي وراء انخفاض التضخم، لكن كليهما لا يزال مرتفعا.

وفي المملكة المتحدة، لا تزال أسعار الغاز والكهرباء أعلى مما كانت عليه قبل عامين (أسعار الحليب والخبز أعلى بنحو 30 بنساً)، ونظراً لأهمية هذه البنود في ميزانيات الأسرة، فإن التشاؤم يبدو مبرراً في هذه الحالة.

أسعار الفائدة

السبب الثاني هو أن أسعار الفائدة تحل على نحو متزايد محل التضخم، باعتبارها العدو الأول للشعب، بحسب المقال الذي يشير إلى أن “القفزات في فواتير الرهن العقاري الشهرية لأولئك الذين يعيدون رهنهم العقاري، ومدفوعات الفائدة الأكبر على بطاقات الائتمان، تؤدي إلى تآكل أرباح الأسر.. ولا تتمتع الأجيال الشابة على وجه الخصوص بخبرة كبيرة في التعامل مع هذه المعدلات المرتفعة”.

أما السبب الثالث، فيتعلق بمؤشرات عدم اليقين الاقتصادي، والتي ظلت مرتفعة أيضًا منذ تفشي الوباء، والتحديات التي تواجهها الأسر والشركات في التخطيط للمستقبل لها تأثير كبير على مزاجهم.

ويمكن أن تلعب عوامل أخرى دورًا، إذ تشير دراسة أميركية إلى أن 30% من تلك الفجوة يمكن أن ترجع إلى وجهات النظر الحزبية. وهذا يعني أن الاختلافات في السياسة وكيفية استهلاك الناس للأخبار يمكن أن تؤثر أيضًا على التوقعات.