رسائل مؤتمر «أوبك» حول تغيير نظام الطاقة العالمي

عقدت منظمة «أوبك» مؤتمرها الدولي الثامن في قصر «هوفبرغ» في فيينا خلال 5 – 6 يوليو (تموز) الحالي بحضور حوالي ألف مشارك، لمناقشة شعار المؤتمر «نحو مرحلة تحول طاقة شاملة ومستدامة». افتتح المؤتمر أمين عام «أوبك» هيثم الغيص ووزير المعادن والهيدروكربون في غينيا الاستوائية، أنطونيو أوبورو أوندوو، الرئيس الدوري لمجلس وزراء منظمة «أوبك».

شارك العشرات من الخبراء والوزراء ورؤساء شركات النفط الوطنية والعالمية في 12 حلقة متخصصة، وحصل المؤتمر على تغطية كبرى المؤسسات الإعلامية الدولية، الأمر الذي جعل من المؤتمر السنوي الثامن، الأبرز في تاريخ مؤتمرات المنظمة السنوية، بالذات نظراً للرسائل التي تم توجيهها من قبل مندوبي الدول المصدرة للبترول (أوبك، مجموعة أوبك بلس، والدول الأفريقية المنتجة للبترول) لما يمكن تحقيقه فعلاً في مجال المرحلة الحالية لتغيير نظام الطاقة العالمي (تصفير الانبعاثات بحلول عام 2050)، بالذات في التحضير قبيل انعقاد مؤتمر «كوب – 28» في دولة الإمارات عند نهاية هذا العام.

برزت الرسالة الأولى خلال الحوار الثنائي بين وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان والخبير النفطي بول هورسنل حول دور «أوبك بلس» في المحافظة على استقرار الأسواق وأسعار النفط خلال مرحلة الطاقة الانتقالية الدقيقة هذه، ومن ثم ازدياد أهمية مشاركة أقطار مجموعة «أوبك بلس»، التي تشكل نحو 40 في المائة من مجمل الإنتاج العالمي للنفط. فمشاركة «أوبك بلس» بضخامة إنتاجها وصادراتها توفر صورة واسعة لمسؤوليها وخبرائها لاتخاذ القرارات اللازمة بناء على الحضور الواسع والمنتشر لأعضاء «المجموعة» في الأسواق العالمية، مما يوفر معلومات وافية وذات مصداقية لخبرائها وزملائهم في سكرتارية «أوبك» واقتراح السياسات الاقتصادية لاستقرار الأسواق.

والرسالة الثانية للمؤتمر، التي برزت أثناء مداولات اللجان، هي ضرورة إعادة النظر فيما يسمى «مرحلة تحوُّل الطاقة». فقد حثَّ عدد من وزراء الطاقة الأفارقة الذين اشتركوا بشكل واسع ومهم في مداولات المؤتمر، إلى تغيير التعبير إلى «مراحل تحوُّل الطاقة». إذ إن «مرحلة تحوُّل الطاقة» تخدم أولويات، وحاجات ومتطلبات الدول الصناعية الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والإنماء أكثر من أي شيء آخر، هذا في الوقت الذي ارتفعت فيه الانبعاثات من الدول الصناعية نفسها، إثر نمو الصناعات والمركبات ذات الاستهلاك المتزايد للوقود الهيدروكربوني.

لقد بدأت الثورة الصناعية في الأقطار الأوروبية والولايات المتحدة قبل أكثر من قرن. هذا، بينما نجد أن القارة الأفريقية حالياً، تحتوي على نحو 1.4 مليار نسمة، ويطال «فقر الطاقة» فيها نحو 600 – 800 مليون نسمة، بمعنى افتقاد هؤلاء الملايين من السكان الأفارقة إلى إمدادات الطاقة الحديثة من كهرباء وحتى في بعض الأحيان الغاز للطهي.

في الوقت نفسه تشكل معدلات الانبعاثات الكربونية في القارة الأفريقية معدلات ضئيلة جداً. تساءل الوزراء الأفارقة، لماذا على ضوء هذه المعطيات مطلوب من دولهم أن تتبنى نفس خريطة طريق الدول الصناعية، وتتعهد الدول الصناعية الغربية في الوقت نفسه بتقديم القروض لمساعدة الدول الأفريقية بشرط عدم الاستثمار في مجالي اكتشاف الهيدروكربون والمعادن، في حين، أن أفريقيا في مرحلة موعودة بالاكتشافات البترولية الضخمة، كما هو حاصل فعلاً في مياه المحيط الهندي المحاذية سواحل شرق أفريقيا (موزمبيق مثلاً)، أو مياه المحيط الأطلسي المحاذية الساحل الغربي الأفريقي (من موريتانيا شمالاً حتى أنغولا جنوباً مروراً بنيجيريا)، أو مياه شرق البحر الأبيض المتوسط (شمال الساحل المصري).

إن التناقض الحاصل هنا، الذي اشتكى منه الوزراء الأفارقة بحدة، هو أن القروض التي وعدت بها الدول الصناعية لمكافحة تغير المناخ في القارة الأفريقية تنص على وقف الاستثمار في اكتشاف الهيدروكربون، ولا يسمح تقديم القروض والاستثمارات عند اكتشاف أو تطوير حقول البترول.

لقد أصبحت أفريقيا موعودة جداً بترولياً، هذا ناهيك عن إمكانية اكتشاف المعادن النادرة الضرورية لإنتاج معدات وآلات الطاقات المستدامة (النيكل والليثيوم والكوبالت). وأشار الوزراء الأفارقة إلى خط أنابيب الغاز الذي تقرر مده من نيجيريا إلى المغرب؛ فالجنوب الأوروبي وشبكة الغاز الأوروبية… هذا الخط الجديد الحيوي لأوروبا بعد انقطاع الإمدادات الروسية الغازية.

والرسالة الأخرى هي إطلاق مشاريع طويلة المدى وفي كبرى الدول البترولية والاقتصادية عالمياً لتكثيف التجارب الصناعية العلمية من أجل تقليص الانبعاثات الكربونية المنبثقة عن إنتاج البترول. إن المهم في الأمر هذا، أن الاهتمام الواسع بهذه الصناعة الحيوية لتقليص انبعاثات الكربون من النفط والغاز يجب أن تعتبر صناعة طويلة المدى، وليس قصيرة المدى كما يحاول أن ينظر إليها البعض الآن، بمعنى أن أهميتها لا تكمن فقط في «مرحلة تحول الطاقة». واعتبر بعض المتحدثين أن للصناعة البترولية أدواراً مهمة في المستقبل المنظور، كما في المستقبل البعيد، وذلك من خلال استعمال الطاقات المستدامة (الشمسية والرياح) لإنتاج الهيدروجين الأخضر من خلال الاستفادة من وقود ومنشآت الصناعة البترولية الحالية. لكن، يتوجب في الوقت نفسه تقليص تكاليف الهيدروجين من معدلاته الباهظة الثمن الحالية. كما أن دور الصناعة البترولية كجزء ضروري في سلة الطاقة المستقبلية سيزداد أهمية مع تطوير اقتصادات شطف وتخزين الكربون مستقبلاً. فمع انخفاض الانبعاثات من البترول، سيستمر الدور المهم للبترول مستقبلاً.

لفت المؤتمر الانتباه إلى ضرورة تغيير الصورة السلبية التي يتم رسمها عالمياً حول صناعة البترول العالمية. فالصناعة قد لعبت ومهيأ لها أن تمارس دوراً مهماً في مكافحة تغير المناخ.

وبالفعل، هناك أبحاث عدة قائمة على قدم وساق لتقليص الانبعاثات ضمن الصناعة البترولية نفسها، ذلك من أجل الحصول على هواء وبيئة أنظف. لقد تم غض النظر عن الجانب البيئي في الصناعة البترولية في المرحلة الأولى من تأسيس الصناعة. أما الآن، وقد زاد الاهتمام بالبيئة فتحاول أن تلعب الصناعة البترولية دورها، ليس فقط في تزويد إمدادات الوقود المنخفضة الانبعاثات، ولكن أيضاً المحافظة على البيئة خلال جميع مراحل الإنتاج والتكرير والتصدير.

كما أشاد المؤتمر بالأجيال الفتية لإعطاء اهتمام أكثر بدور الصناعة البترولية مستقبلاً. فهي ليست صناعة «قديمة» انتهى وقتها، لا جدوى من الالتحاق بها كما يدعي البعض، بل إنها جزء أساسي من مرحلة انتقال الطاقة الواسع.

هناك ثلاث أسباب لذلك. أولاً، لقد قبلت الصناعة البترولية التحدي المطروح. وقد استثمرت فعلاً مليارات الدولارات لتنفيذ الأنظمة والتشريعات البيئية الحديثة. فالصناعة تضم خبرات عالية وموازنات مالية ضخمة، قلما تتوفر لغيرها، مما يؤهلها للتقدم والتأقلم على مدى المستقبل القريب والبعيد.

ثانياً، برهنت السنوات الماضية من جائحة «كوفيد – 19» وحرب أوكرانيا، أن الطاقات المستدامة وحدها غير كافية لتزويد العالم بالوقود اللازم تحت كل الظروف. فطبيعة صناعة الطاقة تقتضي المرونة، والتعامل سواسية مع الأسواق الاعتيادية من جهة، والأزمات الجيوسياسية والأوبئة وتقلبات المناخ غير الاعتيادية من جهة أخرى.

ثالثاً: تدل الإحصاءات المتوفرة أن الطلب على الطاقة في ازدياد مستمر، وعلى عكس ما كان متوقعاً، فإن الطلب على النفط يرتفع سنوياً حالياً، إذ يفوق الطلب قبل جائحة «كوفيد – 19». وبالفعل، نجد أن الطلب على النفط يزداد نحو 2 في المائة سنوياً.

وليد خدوري

عن سياسة لا تُسمى… وعالم شديد التغيّر

 

شرعت الولايات المتحدة ودول أوروبية وبلدان متقدمة أخرى في اتباع سياسة اقتصادية جديدة تلاحقت خطوات تطبيقها مهرولة في أعقاب أزمات متعددة متلاحقة، وستكون لها تداعيات مهمة على اقتصادات بلداننا النامية واستثماراتها وتجارتها ودور الدولة فيها.

وقبل تحميل الأزمات المترتبة على جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا بما لا تحتمل، أشير إلى أن الإجراءات المشكّلة لهذه السياسة الجديدة قد رصدتها تقارير دولية ودراسات، منها بحث في «عودة السياسة التي لن تسمى: مبادئ السياسة الصناعية» أعدّه خبراء من صندوق النقد الدولي في عام 2019، مسترشدين بنجاحات التجربة الآسيوية التي ساندت المنتجين المحليين في الصناعات المتقدمة، وتوجهها التصديري، ودفع المنافسة مع تفعيل قواعد المحاسبة بالإثابة والجزاء. وفي عام 2020 عُقد مؤتمر لخبراء في الاقتصاد حول احتمالات عودة السياسة الصناعية بشكل جديد بما يشمل، ولا يقتصر على، تحقيق قفزات نوعية في الصناعات التحويلية التكنولوجية المتقدمة؛ وهو ما لخصت نتائجه الاقتصادية ماريانا مازوكاتو في كتاب عنونته «عودة السياسة الصناعية ودور الحكومة في تحقيق ازدهار مشترك».

وتشمل السياسة الصناعية الجديدة ما يصفه الاقتصادي روتشير أجراوال بـ«جهود الدولة لتشكيل الاقتصاد باستهداف أنشطة اقتصادية وصناعات ومشروعات محددة من خلال حزمة متنوعة كالدعم والحوافز الضريبية وتطوير البنية الأساسية وقواعد رقابية حامية ومساندة البحث والتطوير».

وعلى مدار الأعوام الثلاثة الماضية تبارى النقاش بين رفض قاطع للسياسات الصناعية كفكرة سيئة أهدرت موارد الاقتصاد في السابق في مشروعات حبذتها بيروقراطية الدولة بخسائر فادحة للقطاع العام وزيادة الديون وتراجع التنافسية والاستثمار والتصدير وتفشي البطالة المقنعة، إلى نهج جديد يعتمد على مفهوم المشاركة بين الاستثمارات العامة والخاصة، وتحديد «مهام طموحة» على غرار ما قام به الرئيس الأميركي السابق جون كينيدي منذ أكثر من 60 عاماً.

وقد عرضت هذا النهج خلال كلمتي في القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية التي عُقدت في بيروت في عام 2019، موضحاً أن «العالم يشهد تغيرات في موازين القوى الاقتصادية العالمية والإقليمية، تستوجب الاستفادة من منهج عملي واقعي لتحقيق التقدم. وبمناسبة الاحتفاء بهبوط أول إنسان على سطح القمر لنا فيما فعله الرئيس كينيدي، مع وكالة الفضاء الأميركية مثلاً. فقد أُسست هذه الوكالة، المشهورة بـ(ناسا)، في عام 1958 لتحقيق أهداف متعددة كغزو الفضاء وتطوير التكنولوجيا في مجال عملها، إلى غير ذلك، وحُشد للوكالة من الموارد ما حُشد، وجُمع لها من العلماء ما جُمع. لكن كينيدي أنقذها من مصير بيروقراطي محتوم بأن جعل لها هدفاً محدداً، ومن دونه لظلت هائمة تطلع إلى المجهول من دون هدى أو دليل». فما فعله كينيدي هو تحديد الهدف بوصول أول إنسان إلى سطح القمر والعودة به سالماً إلى الأرض. وبهذا حوّل غموض تعدد الأغراض، هدفاً طموحاً، محدد الزمن، سهل التخيل، يمكن الحكم عليه بالنجاح والفشل. وقد تحقق هذا الهدف فعلاً في عام 1969 بالخطوة الأولى التي خطاها رائد الفضاء نيل أرمسترونغ، وكان ذلك الإنجاز الهائل نتيجة لتوجه نطلق عليه اليوم «رمية نحو القمر».

وحالياً تجد دعماً في الولايات المتحدة على سبيل في مجال أشباه الموصلات بعد اعتماد صناعتها على استيراد 90 في المائة من احتياجاتها منها من تايوان، فوجّهت لها دعماً يبلغ 39 مليار دولار من جملة دعم مالي وفّره قانون أقرّه الكونغرس الأميركي بتحفيز مالي بمقدار 280 مليار دولار لهذه الصناعات ومثيلاتها التي تعتمد على البحث والتطوير ومشاركة الاستثمارات الخاصة والتي ستكون محظورة عليها المشاركة في تطوير هذه الصناعات في الصين لمدة 10 سنوات. كما يوفّر قانون آخر ذو توجه داخلي وحمائي، والمسمى قانون تخفيض التضخم، 370 مليار دولار معونات للاستثمارات في الطاقة النظيفة. وقد حاولت ما استطاعت جانيت يلين، وزيرة الخزانة الأميركية، في زيارتها الأخيرة للصين تخفيف أثر مثل هذه السياسات على العلاقة بين البلدين بأنه سيتم تحديد نطاق القطاعات ذات الطبيعة الخاصة للأمن القومي لأضيق الحدود.

وفي الاتحاد الأوروبي تشهد بين أعضائه تعالياً للنداءات لمواجهة السياسة الصناعية الأميركية بحماية تنافسية الأنشطة الاقتصادية الأوروبية، فيُخصص لها من صندوق التعافي من الجائحة 160 مليار يورو لمشروعات الابتكارات والتحول الرقمي وصناعة البطاريات وأنشطة العمل المناخي. وعبر المحيط الهادي ستجد 57 شركة متميزة في اليابان تحظى بدعم 500 مليار دولار من الحكومة لحثهم على الاستثمار المحلي وتخفيف الاعتماد على الصين.

على بلداننا النامية أن تدرك عاجلاً خصائص هذا الواقع الجديد وألا تضيع الزمن النفيس في التحسر على تبدل توجهات وتغير الأساليب الاقتصادية؛ فليست هذه المرة الأولى في العصر الحديث التي يشهد فيها العالم تحولاً بندولياً في إدارة الاقتصاد من النقيض إلى النقيض! ولخّص المؤرخ الاقتصادي ماكس هارتويل حركة بندولية للتيارات السائدة في حكم الاقتصاد بين القرن الثامن عشر والقرن العشرين، تراوحت بين تدخل سافر للدولة بسيطرة أفكار مدرسة الميركانتيليين أو التجاريين حتى ثبتت عدم كفاءتها؛ أعقبها تبنٍ لحرية التجارة والاقتصاد فحسنت الكفاءة ولكنها أضرت بالعدالة؛ كما شهدت العقود التالية للحرب العالمية الثانية تبدلاً بين تدخل الدولة والاعتماد على السوق في تخصيص الموارد؛ فكلما ظهر فشل في أحدهما كان اللجوء للبديل. وما تغير اليوم هو سرعة انتقال هذا البندول بين مزيج منهما.

هناك اعتبار آخر أوضحتُه في دراسة مشتركة اعتمدت على مسح تطبيقي، وهو تراجع أهمية المذاهب الاقتصادية كالرأسمالية والاشتراكية، وما بينهما من مدارس اقتصادية، في تشكيل أولويات السياسات العامة وطرق تحقيقها. فنحن عالم يطبّق براغماتية القط الأسود والقط الأبيض؛ وفقاً لمقولة الزعيم الصيني دينغ جياو بينغ بأنه لا يهم لون القط ما دام يُصيد الفئران.

د. محمود محيي الدين

ما أغنى 5 دول في العالم في 2023؟

يفاجأ الكثير من الناس عندما يجدون أن العديد من أغنى دول العالم هي أيضًا من بين أصغر الدول مساحة، حيث تستفيد بعض البلدان الصغيرة جدًا والغنية جدًا – مثل سان مارينو ولوكسمبورغ وسويسرا وسنغافورة – من وجود قطاعات مالية وأنظمة ضريبية متطورة تجذب الاستثمار الأجنبي والمواهب المهنية والودائع المصرفية الكبيرة.

بينما تمتلك دول أخرى مثل قطر والإمارات العربية المتحدة احتياطيات كبيرة من النفط والغاز أو غيرها من الموارد الطبيعية المربحة.

ولكن ماذا نقصد عندما نقول إن بلدًا ما “غني”، خاصة في عصر يتزايد فيه التفاوت في الدخل بين فاحشي الثراء وباقي المواطنين؟ بينما يقيس الناتج المحلي الإجمالي قيمة جميع السلع والخدمات المنتجة في دولة ما، فإن تقسيم هذا الناتج على عدد المواطنين هو طريقة أفضل لتحديد مدى ثراء أو فقر بلد ما بالنسبة لسكان دولة أخرى.

ومع ذلك، فقط عند الأخذ في الاعتبار معدلات التضخم وتكلفة السلع والخدمات المحلية، يمكننا الحصول على صورة أكثر دقة لمتوسط مستوى المعيشة في الدولة: الرقم الناتج هو ما يسمى تعادل القوة الشرائية (PPP)، وغالبًا ما يتم التعبير عنه بالدولار الدولي للسماح بإجراء مقارنات بين الدول المختلفة.

5. منطقة ماكاو الإدارية الخاصة

الناتج المحلي الإجمالي (وفقاً لتعادل القوة الشرائية بالدولار) : 89558

قبل بضع سنوات فقط، كان الكثيرون يراهنون على أن ماكاو- لاس فيغاس آسيا – في طريقها لتصبح أغنى دولة في العالم. في السابق كانت مستعمرة للإمبراطورية البرتغالية، وشهدت ثروة هذه المنطقة الإدارية الخاصة لجمهورية الصين الشعبية نمواً بوتيرة مذهلة.

يبلغ عدد سكانها حوالي 700 ألف نسمة، وأكثر من 40 كازينو منتشر على مساحة تبلغ حوالي 30 كيلومترًا مربعًا، أصبحت شبه الجزيرة الصغيرة هذه الواقعة جنوب هونغ كونغ مباشرة آلة لكسب المال.

استمر ذلك حتى بدأت الآلة في خسارة الأموال بدلاً من صنعها. عندما ضرب كوفيد-19 العالم، توقف السفر العالمي، وتراجعت ماكاو لبعض الوقت من ترتيب أغنى دول العالم.

اليوم، بعد أكثر من 3 سنوات منذ بداية الوباء، تعود ماكاو ببطء إلى العمل كالمعتاد. ومع ذلك، فهي أيضًا الدولة الوحيدة في القائمة التي يكون القوة الشرائية للفرد أقل مما كان عليه قبل حالة الطوارئ الصحية العالمية – فقد كان حوالي 125 ألف دولار في عام 2019، بانخفاض بأكثر من 35 ألف دولار اليوم.

4. قطر

الناتج المحلي الإجمالي (وفقاً لتعادل القوة الشرائية بالدولار): 124834

على الرغم من الارتفاع الأخير، انخفضت أسعار النفط منذ منتصف عام 2010. في عام 2014، كان نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي للمواطن القطري أكثر من 143.222 ألف دولارًا أميركيًا.

بعد عام واحد، انخفض بشكل كبير وظل أقل من 100 ألف دولار للسنوات الخمس التالية. ومع ذلك، فقد نما هذا الرقم تدريجياً، حيث زاد بنحو 10 ألف دولار كل عام.

ومع ذلك، فإن احتياطيات قطر من النفط والغاز والبتروكيماويات كبيرة جدًا وعدد سكانها صغير جدًا بنحو 3 ملايين فقط.

ورغم الوباء، أثبت الاقتصاد قدرته على الصمود، وانكمش بنسبة متواضعة نسبياً 3.5% في عام 2020، وبنحو 1.5% في عام 2021، وبنسبة 4.2% في عام 2022 بفضل زيادة عائدات الغاز والنفط والسائحين القادمين لمشاهدة كأس العالم.

3. سنغافورة

الناتج المحلي الإجمالي (وفقاً لتعادل القوة الشرائية بالدولار): 133895

استطاعت سنغافورة استقطاب عدد كبير من الأثرياء، وبدأ ذلك عندما نالت الدولة استقلالها عام 1965، كان نصف سكانها أميين.

مع عدم وجود موارد طبيعية تقريبًا، نجحت سنغافورة في تطوير نفسها من خلال العمل الجاد والسياسة الذكية، لتصبح واحدة من أكثر الأماكن الصديقة للأعمال في العالم.

اليوم، تعد سنغافورة مركزًا تجاريًا وتصنيعيًا وماليًا مزدهرًا، وأصبح 98% من السكان البالغين الآن متعلمين.

لسوء الحظ، لم يجعلها ذلك في مأمن من التباطؤ الاقتصادي العالمي الناجم عن الوباء: في عام 2020، انكمش الاقتصاد بنسبة 3.9%، مما دفع البلاد إلى الركود للمرة الأولى منذ أكثر من عقد.

في عام 2021، انتعش الاقتصاد السنغافوري مع نمو بنسبة 8.8%، ولكن أثرت المشاكل الاقتصادية في الصين على قطاع التصنيع في سنغافورة – ما يعادل 21.6% من إجمالي الناتج المحلي لسنغافورة، حيث تقلص بنسبة 6% في الربع الأول من عام 2023.

وهذا بدوره يضعف ثروات سنغافورة حيث من المتوقع أن يتوسع اقتصادها بنسبة 1.5% فقط في عام 2023 .

2. لوكسمبورغ

الناتج المحلي الإجمالي (وفقاً لتعادل القوة الشرائية بالدولار): 131580

يبلغ تعداد سكانها 650 ألف نسمة، وتستخدم لوكسمبورغ حصة كبيرة من ثروتها لتقديم مساكن ورعاية صحية وتعليم أفضل لشعبها، الذين يتمتعون إلى حد بعيد بأعلى مستوى من المعيشة في منطقة اليورو.

في حين أن الأزمة المالية العالمية والضغط من الاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية للحد من السرية المصرفية قد يكون لهما تأثير ضئيل على اقتصاد لوكسمبورغ، فقد أجبر تفشي فيروس كورونا العديد من الشركات على الإغلاق وتسريح الموظفين.

لكن البلاد نجت من الوباء بشكل أفضل من معظم جيرانها الأوروبيين. انتعش اقتصادها من -0.8% نمو في 2020 إلى 5.1% نمو في 2021.

لسوء الحظ، لم يدم هذا الانتعاش طويلاً: نما الاقتصاد بنسبة 1.5% فقط في عام 2022 ومن المرجح أن يصل إلى 1.1% فقط هذا العام بفضل انخفاض ثقة الأعمال والمستهلكين وارتفاع أسعار الطاقة والغذاء.

1. أيرلندا

الناتج المحلي الإجمالي (وفقاً لتعادل القوة الشرائية بالدولار): 140694

كانت جمهورية أيرلندا – التي يبلغ عدد سكانها 5 ملايين نسمة فقط – واحدة من أكثر الدول تضرراً من الأزمة المالية لعام 2008.

بعد إجراءات الإصلاح الصعبة سياسياً مثل التخفيضات الكبيرة في أجور القطاع العام وإعادة هيكلة الصناعة المصرفية، استعادت الدولة صحتها المالية، وعززت معدلات التوظيف وشهدت نمو نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بشكل كبير.

ومع ذلك، تعد أيرلندا واحدة من أكبر الملاذات الضريبية للشركات في العالم، والتي تفيد الشركات متعددة الجنسيات أكثر بكثير مما تعود بالفائدة على الفرد الأيرلندي العادي.

في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، نقلت العديد من الشركات الأميركية الكبرى – Apple و Google و Microsoft و Meta و Pfizer على سبيل المثال لا الحصر – مكان إقامتهم المالي إلى أيرلندا للاستفادة من معدل ضرائب الشركات المنخفض البالغ 12.5%.

في عام 2022، شكلت هذه الشركات متعددة الجنسيات حوالي 56% من إجمالي القيمة المضافة للاقتصاد الأيرلندي، ارتفاعًا من 53% في عام 2021، وفقًا للأرقام الصادرة عن مكتب الإحصاء المركزي.

 ومع ذلك، تخطط أيرلندا لمواءمة الحد الأدنى لمعدل الضريبة على الشركات مع المعيار العالمي البالغ 15% في عام 2024.

على الرغم من أن العائلات الأيرلندية أفضل بلا شك مما كانت عليه من قبل، إلا أن الدخل المتاح للفرد أقل قليلاً من المتوسط العام في الاتحاد الأوروبي وفقًا لبيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

بورصة انفو: الموقع الرائد لأخبار الذهب ، العملات ، البورصات. مع تحليلات