اليورو: امام استحقاقات هذا الاسبوع وهي تحدد الوجهة.

اليورو يتعرض حاليا للضغوط والسبب الابرز هو عدم اليقين بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. الى جانب هذه الشكوك فان تعرض العملة الاوروبية  للضغوط منذ بداية العام هو على علاقة ايضا  بالتوترات في الشرق الأوسط

في الواقع ثمة اختلاف في التوجهات بين المسؤولين الاوروبيين والبريطانيين حيال مسالة خروج بريطانيا والموعد المعتمد لتنفيذه. في حين  قال بوريس جونسون إن المملكة المتحدة ستترك الاتحاد الأوروبي مع أو بدون اتفاق تجاري في نهاية الفترة الانتقالية المقررة لعام 2020، وهو لا يرغب في تمديد الفترة الانتقالية ، نشهد مواقف  الأوروبيين مختلفة اذ انهم يعتقدون أن التمديد سيكون ضروريًا لتوفير الوقت الكافي لاتفاقية التجارة بين البلدين.

على الرغم من هذه الشكوك ، ارتد اليورو يوم الجمعة بفضل بيانات سوق العمل الاميركي  المخيبة للآمال في الولايات المتحدة. الاقتصاد الأمريكي استحدث “فقط” 145000 وظيفة (باستثناء القطاع الزراعي) في ديسمبر ، في حين أن التقديرات ذهبت الى حد توقع 160،000.

من الناحية الفنية ، لا يزال الاتجاه قصير الأمد هبوطيًا طالما ان السوق يتحرك تراجعي . ومع ذلك ، يُظهر الرسم البياني حتى الان وجهة صعودية اذ أن الاتجاه منذ سبتمبر هو صعودي.

المتداولون المراهنون على الارتفاع وبتحفظ مع عدم الاندفاع الى المخاطرة مجددا لا بد ان ينتظروا خروج السعر من الحد الاعلى للمنطقة المائلة افقيا المتكونة  للشراء ، بينما ينتظر المتداولون الجاهزون للمخاطرة  عودة اليورو الى الميل الصعودي الذي يبحث عن تكوين قاعدة انطلاق للقفز الى السوق مجددا..


اشارة الى موعد مهم متمثل بتوقع توقيع اتفاقية التجارة بين الولايات المتحدة والصين يوم الأربعاء القادم. هذا التوقيع سيكون محفزا لتحركات عير اعتيادية في السوق.

على صعيد الاقتصاد الكلي ، سيكون مؤشر أسعار المستهلك ومبيعات التجزئة والإسكان في الولايات المتحدة من أهم التقارير وهي تصدر يومي الثلاثاء والخميس .

في أوروبا ، سيكون الإنتاج الصناعي في منطقة اليورو هو المنشور الأكثر أهمية. رئيسة المركزي لاجارد تتحدث يوم الخميس ايضا.
من الصين تصدربيانات الناتج المحلي الاجمالي يوم الجمعة.

ازمة لبنان المالية: حقائق مُذهلة من اليونان الى لبنان

حتّى الأمس القريب، كان هناك من يدّعي أنّ لبنان ليس اليونان، وأنّ الإفلاس الذي واجهته اليونان بعيد من بلد الأرز. اليوم، تراجع منسوب التفاؤل، لكنّ الإشكالية قائمة في التعبير نفسه: لبنان ليس اليونان، وهنا يكمن الغموض غير البنّاء.

ليس مقبولاً بأيّ شكل من الأشكال أن يصل البلد الى المرحلة المتقدمة من الانهيار التي بلغها، من دون أن يبدأ الخبراء في دراسة مُعمّقة لتجارب الدول التي مرّت بأزمات مالية واقتصادية، واضطرت الى طلب «النجدة» من المجتمع الدولي للوقوف مجدداً على رجليها. ومن البديهي أنّ مراجعة دقيقة لما جرى في اليونان، وهو البلد الأقرب الينا الذي واجه أزمة افلاس، ستكون مفيدة، وتساعد ربما على حسم الجدل العقيم القائم حالياً: هل نستطيع أن نتجاوز الأزمة لوحدنا، ام علينا أن نطلب مساعدة خارجية؟ وما هو الثمن الذي قد ندفعه في الحالتين؟

مناسبة هذه المقاربة تقرير صدر حديثاً، يُلخّص أسباب الإفلاس اليوناني، ويروي «قصة» هذه المأساة، والأثمان التي دُفعت. الى ذلك، تُلخّص تقارير أخرى الوضع الحالي، وأحوال اليونانيين اليوم ومن خلال الاطلاع على مضمون هذه التقارير، سيشعر اللبناني ويدرك أوجه الشبه في أسباب الأزمة، وسيدرك أيضاً أوجه الاختلاف في إمكانات وفرص المعالجة، والفترة التي قد يستغرقها هذا الأمر.

يبدأ التقرير بسرد الميثولوجيا الاغريقية منذ العام 1981، حين كان الاقتصاد اليوناني في وضع جيد. نسبة الدين العام الى الناتج المحلي (GDP) 28%، والعجز في الموازنة أقل من 3% من الناتج. لكن الأوضاع الاقتصادية والمالية بدأت في التدهور منذ ذلك الحين، واستمرت طوال الأعوام الثلاثين اللاحقة.

في تشرين الاول 1981، وصل الى السلطة الحزب الاشتراكي الذي أسّسه أندرياس باباندريو في العام 1974. وفي العقود الثلاثة اللاحقة، تنافس على السلطة حزب باباندريو مع «حزب الديمقراطية الجديدة»، الذي تأسّس هو الآخر في العام 1974. وطوال هذه الحقبة، مارس الحزبان سياسة إبقاء المواطن الناخب سعيداً وراضياً. تقضي هذه السياسة بممارسة السياسة الزبائنية والحمائية، و«الكَرَم» من المال العام، من دون الأخذ في الاعتبار التداعيات المستقبلية لهذا النهج.

وهكذا أصبح موظفو القطاع العام يتمتعون بمزايا لا يستطيع الاقتصاد تحمُّلها، من ضمنها على سبيل المثال امكانية التقاعد للرجال في عمر الـ58 عاماً، وللنساء في عمر الـ50. وضمان راتب تقاعدي مرتفع. كما أنّ معدل الرواتب كان مرتفعاً قياساً بالاقتصاد. ويحصل موظف القطاع العام على 14 شهراً بدلا من 12. وراتب الموظف يرتفع سنوياً بشكل تلقائي (سلسلة الرتب) بدلاً من ربط زيادة الراتب بالإنتاجية والاداء.

يضيف التقرير: بسبب ضعف الانتاجية، وتلاشي التنافسية وانتشار التهرّب الضريبي (حوالى 30 مليار دولار سنوياً)، نما الدين العام بسرعة لضمان استمرارية نمط العيش برخاء على ما هو عليه.

في العام 2001 انضمت اليونان الى منطقة اليورو، وفُتحت أمامها ابواب أوسع للاقتراض، بعد اعتماد عملة اليورو بدلاً من الدراخما. وقد تدنّت كلفة الاقتراض الأمر الذي اعتبرته السلطات فرصة اضافية للحفاظ على نمط العيش نفسه، من خلال الاقتراض اكثر من الاسواق. في ذلك الوقت اصبح الفارق في سعر الفوائد على سندات الدين استحقاق عشر سنوات، بين السندات اليونانية والالمانية حوالى 50 نقطة اساس فقط، مقابل 600 نقطة اساس قبل اعتماد اليورو.

وبفضل الاقتراض الواسع، نما الاقتصاد اليوناني بمعدل 3,9% بين 2001 و2008، وهو ثاني أسرع نمو في منطقة اليورو بعد ايرلندا. لكن هذا النمو جاء على حساب تجاوز المعايير الاقتصادية والمالية المعتمدة في دول اليورو. وكان حجم الدين العام الى الناتج وصل الى 103%، في حين انّ السقف المُحدّد من قبل الاتحاد الاوروبي هو 60%. كذلك قفز العجز في الموازنة الى 3,7%، رغم ان السقف المُحدّد أوروبياً هو 3%.

عندما اندلعت الأزمة الاقتصادية العالمية العام 2008، ظهرت معالم الضعف في الاقتصاد اليوناني. وفي كانون الثاني 2012 كان الفارق في سعر الفوائد بين السندات اليونانية والالمانية استحقاق عشر سنوات، قد وصل الى 3300 نقطة اساس (كان 50 نقطة اساس في 2001). وقفزت نسبة الدين العام الى الناتج الى 180%، والعجز في الموازنة الى 12,7%.

في ختام التقرير، هناك خلاصة مفادها، انّ السبب الرئيسي في إفلاس اليونان، هو التبذير المالي من قبل حكومات متعاقبة، بما يؤكد انّ الدول لا تستطيع ان تعيش بما يتجاوز قدراتها، ولذلك اضطرت اليونان الى العيش في تقشّف قاسٍ لسنوات طويلة لكي تتعافى.

صحيح أن اليونان وصلت اليوم الى مرحلة من التعافي الاقتصادي، لكن معاناة الناس في اليونان لم تنته. وقد شهدت البلاد هجرة جماعية لجيل الشباب في سنوات التعافي التي امتدّت منذ 2011 حتى اليوم. وهناك لائحة من المشاكل القائمة حالياً، من أهمها الديون الهالكة التي لا تزال تضغط على البنوك اليونانية، وتقدّر نسبتها بـ45% من مجموع محفظة القروض. كما أنّ نسبة الضرائب لا تزال تُرهق المواطنين، والحسومات على رواتب المتقاعدين لا تزال قائمة.

وفي فترة محددة، أغلقت المصارف لفترة قصيرة، ومن ثم جرى تحديد سقف السحوبات بـ60 يورو يومياً. وتمّ وقف التحويلات الى الخارج. لكن، فتح الاعتمادات لزوم تنظيم الاستيراد استمرّ ضمن سقوف محددة وكافية لعدم القضاء على القطاع الخاص. وتغيرت عادات اليونانيين، خافوا على أموالهم في المصارف، راحوا يشترون السلع بلا حاجة اليها بهدف تسييل المال. ومن ثمّ راجت تجارة العقارات بواسطة شيكات مصرفية، الى جانب انتشار موجة بيع السيارات واقتناء دراجات نارية لتوفير ثمن المحروقات. وحتى الان، هناك جيل كامل اسمه جيل الـ300 يورو، في اشارة الى معدل الرواتب للشباب الراغب في التوظيف للمرة الاولى.​

كلّ ذلك يحصل، رغم انّ اليونان حظيت بما يقارب الـ270 مليار دولار في خطة الانقاذ التي نُفذت على مراحل. وقد التزمت أثينا بكلّ الإصلاحات المطلوبة، وقامت بإجراءات موجعة طاولت الطبقتين المتوسطة والفقيرة. وعالجت مسألة التهرّب الضريبي، والعجز في الموازنة…

المشهد اليوناني يُفترض أن ترصده الحكومة اللبنانية الجديدة المنتظرة بتمعُّن شديد. وان ترصُد فريقاً لدراسته، لأنّه قد يوفّر الكثير من الجدل العقيم، ويُقنع من ينبغي إقناعه بالذهاب سريعاً نحو طلب خطة إنقاذ. واذا كان الرئيس المُكلف حسّان دياب حريصاً على النجاح في مهمته، عليه أن يبدأ من هذه النقطة، وأن يُحضّر اللبنانيين لما ينتظرهم، لأنّ لبنان ليس اليونان، ومعاناتنا للتعافي، خصوصاً اذا تأخرنا أكثر، ستكون أقسى وأصعب وأطول.

انطوان فرح.

كيف عاد الاقتصاد الهندي إلى الأرض في غضون عام؟

فقد الاقتصاد الهندي بريقه هذا العام. ومع سقوطه في هوة حالة من التباطؤ العميق وأزمة ائتمانية، انتقلت البلاد من اقتصاد تنهال عليه الإشادة باعتباره عملاقاً في حالة نمو إلى بلد مرشح للخسارة على الصعيد الاقتصادي.
نادراً ما شهد العالم اقتصاداً مني بهذا التحول الهائل. في الربع الثالث من العام، ارتفع معدل الإنتاج الداخلي بنسبة 4.5% عن عام مضى، ما يعادل تقريباً نصف الوتيرة التي كان عليها خلال النصف الأول من عام 2018. كما تراجعت ثقة المستهلك لأقل مستوى لها منذ عام 2014، بينما تتسم سوق العمل، التي تعد مؤشراً حيوياً في بلد يبلغ تعداد سكانه 1.4 مليار نسمة، بالهشاشة. وقفز معدل البطالة إلى أعلى معدل له منذ 45 عاماً ليصل إلى 6.1%.
على الجانب الآخر نجد أنه في العام الماضي فقط، كانت الهند أسرع الاقتصادات الكبرى نمواً بالعالم. وعج العقد الماضي بتوقعات بأن الهند ستستحوذ على نصيب متزايد من التجارة العالمية، بجانب الصين وأميركا. ومع ذلك، حققت الفلبين وإندونيسيا نمواً أسرع عن الهند خلال الربع الماضي وجاءت ماليزيا خلف الهند مباشرة. أما الصين، التي تعاني من تباطؤ في اقتصادها، فحققت نمواً جيداً بلغ 6% بينما جاءت فيتنام في مرتبة متقدمة للغاية بتحقيقها نمواً بنسبة 7.3%.
ويعود جزء كبير مما يحدث اليوم إلى النظام المالي المحطم، حيث تناضل البنوك الهندية في وجه أكوام من القروض الرديئة تعتبر من بين الأكبر على مستوى العالم.
وتراجعت جهات الإقراض التقليدية التي حملت أعباء مفرطة لتحل محلها بنوك مشبوهة. وقد اصطدمت هذه البنوك هي الأخرى بالجدار. ومن بين أبرز الأمثلة مؤسسة «ليسينغ آند فايننشال سيرفيسز ليمتد» التي أشهرت إفلاسها العام الماضي، ما تسبب في أزمة سيولة.
وبينما سيطرت الحكومة على المؤسسة في محاولة لاحتواء الأضرار، كانت هذه مجرد البداية. الشهر الماضي، طرد البنك المركزي إدارة مؤسسة «ديوان هاوسينغ فاينانس كورب»، وهي عنصر بارز في سوق الرهون، وبعثت بالمؤسسة إلى محكمة الإفلاس. أما جهات الإقراض، فعملت على كبح جماح مختلف نشاطاتها.
المثير للقلق بالنسبة لبنك الاحتياطي الهندي أن هذه التجلطات في الشرايين المالية للاقتصاد، تعني أن تقليص معدلات الفائدة خمس مرات هذا العام، لم يفلح في دفع عجلة الاقتصاد.
ورغم الإجراءات المبكرة والقوية من أجل تخفيض معدلات الفائدة، لا تتدفق جميع فوائد السياسات النقدية الأكثر ليناً عبر الاقتصاد الحقيقي. في الفترات العصيبة، عادة ما يبقي مسؤولو البنوك المركزية سيطرة قوية على الاقتصاد. ومع هذا، أدهش بنك الاحتياطي الهندي المستثمرين بضع مرات هذا العام.
مثلاً، بدا القرار غير العادي بخفض الفائدة بمعدل 35 نقطة أساسية في أغسطس (آب)، بدلاً عن ربع في المائة مثلما توقع خبراء اقتصاد، تافهاً، وليس ذكياً.
كما بدا قرار آخر بخفض جديد هذا الشهر في حكم المؤكد حتى أعلن المسؤولون رفضهم، الأمر الذي جاء بمثابة خطأ صادم.
وهناك أيضاً مشكلة الاحصاءات غير الموثوق بها. جدير بالذكر أن ورقة صدرت عن مساعد سابق لرئيس الوزراء ناريندرا مودي توقعت أن النمو خلال السنوات القليلة الماضية كان أقرب بكثير إلى النمو الذي تحقق خلال الربع الثالث البالغ 4.5%. والمعروف أن تجميع البيانات خلال فترات التباطؤ يكون صعباً لأنه حتى التقدم التدريجي سيتراجع تحت وطأة المقارنات بعام مضى.
وكثيراً ما يتباهى أنصار الهند لدى مقارنتها بالصين، حيث يرون فيها نظاماً ديمقراطياً يقوم على نظام فيدرالي نشط وسلطة قضائية مستقلة. ويحول ذلك دون إجراء التغييرات الكاسحة التي فرضها دينغ شياو بينغ على الصين والتي حولت الأجزاء الرئيسية منها إلى قوة تصدير وتصنيع عملاقة. وخلال فترات الرخاء، لم يقل القادة الهنود ما يذكر لدحض هذه المقارنة.
وليس من الضروري أن يكون التراجع الحالي نهاية المسيرة الاقتصادية للهند، فقد سبق أن ذاقت «النمور الآسيوية»، إندونيسيا وماليزيا وكوريا الجنوبية، مرارة الأزمة الاقتصادية وخرجت منها أقوى بعد فترات ركود مؤلمة.
وفي تلك الدول عمل المسؤولون على تعزيز الاحتياطيات وتقييد الاقتراض بالعملة الأجنبية ومراقبة مستويات الديون بدأب، بينما أصبحت البنوك المركزية أكثر استقلالاً. ومع أن معدلات النمو جاءت أقل فيما بعد الأزمة، فإنها أيضاً كانت أكثر استدامة.
المؤكد أن الهند ستظل دوماً اقتصاداً أكثر أهمية للعالم عن الفلبين أو ماليزيا. وحتى لو تباطأ نموها لفترة من الوقت، فإن حجمها الضخم يجعل إسهامها في النمو العام أهم بكثير. وبحلول العام المقبل، سيبدأ الزخم الناجم عن المحفزات النقدية والمالية في الظهور. ومن المحتمل أن ينمو الاقنصاد هذا العام بمعدل حوالي 5% ويصل إلى 6% عام 2020، حسبما ذكر شلان شاه من مؤسسة «كابيتال إكونوميكس».
وعليه، فإن الهند قد تستعيد مكانتها الاقتصادية الرفيعة، وإن كان على نحو أكثر هدوءاً واستمرارية. وسيكون هذا التصالح مع الواقع شيئاً يخدم الهند والعالم كله.
دانيال موس.

بورصة انفو: الموقع الرائد لأخبار الذهب ، العملات ، البورصات. مع تحليلات