عاد القلق بشأن التضخم يطل برأسه من جديد على الاقتصاد العالمي، بعد تحذيرات جدية هذه المرة من الخبير الاقتصادي العالمي محمد العريان، الذي كان قد قلل من توقعات البعض من موجة تضخمية كبيرة.
وقال العريان الرئيس التنفيذي السابق لمجموعة الاستثمار الأميركية العملاقة بيمكو في مقابلة مع تلفزيون بلومبرغ يوم الجمعة إن «التضخم لن يكون مؤقتا… أنا متأكد تماما بشأن دعواتي الثلاث السابقة وهذه هي الرابعة».
وأثارت تصريحات الخبير الاقتصادي البارز ومستشار مجموعة آليانز الألمانية العملاقة للتأمين حول موجة الضغوط التضخمية الحالية في الولايات المتحدة اهتمام مستثمري السندات في السوق الأميركية وغيرها من الأسواق الكبرى.
كان العريان قد تنبأ في 1999 بإفلاس الأرجنتين وعجزها عن سداد ديونها وهو ما تحقق بعد عامين. وفي المرة الثانية قال إنه لا يعتقد أن البرازيل ستفلس، وهو ما تحقق بالفعل أيضا وتجنبت البرازيل الإفلاس. ثم كانت الثالثة عندما قال إن الاقتصاد يمر «بواقع جديد» من النمو البطيء في الخروج من الأزمة المالية منذ أكثر من عقد.
وبحسب بيانات وزارة العمل الأميركية فإن معدل التضخم الذي يقاس بأسعار المستهلك ارتفع بشكل مفاجئ خلال حزيران الماضي بنسبة 5.4 في المائة سنويا، في الوقت الذي يتعافى فيه الاقتصاد من تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد. وقال العريان إن جيروم باول رئيس مجلس الاحتياط الاتحادي (البنك المركزي) الأميركي وصاحب وصف «المؤقت» لمعدل التضخم المرتفع الحالي، وزملاءه في مجلس الاحتياط لا يدركون ما يحدث في الشركات وقوتها السعرية.
وأضاف العريان الذي يرأس أيضا شركة «جراميركي فاندز مانجمنت»: «لدي قائمة كاملة بالشركات التي أعلنت زيادات أسعارها وهي تقول لنا توقعوا المزيد من ارتفاعات الأسعار وهي تتوقع بقاء هذه الزيادات». وأشار إلى أن استمرار سعر العائد على سندات الخزانة العشرية الأميركية حاليا أقل من 1.3 في المائة بسبب قيام مجلس الاحتياط الاتحادي بضخ السيولة النقدية في السوق من خلال شراء سندات بقيمة 120 مليار دولار شهريا.
وأضاف، «يجب على مجلس الاحتياط الاتحادي أن يرفع قدمه ببطء عن بدالة سرعة إجراءات تحفيز الاقتصاد». وكان العريات قد أشار في كتاب صدر له مؤخرا بعنوان: «الطلب الاقتصادي عاد.. لكن العرض هو المشكلة»، إلى صعوبة الحصول على المواد الخام والعمالة لها آثار طويلة الأجل على الأسعار، والنمو وميزانيات الدول والشركات.
ويوضح العريان أن قوة الاستهلاك والاستثمار بدعم من إعادة فتح الاقتصادات، أدّت إلى تعزيز الطلب الكلي، لدرجة أدهشت الكثيرين، وذلك في ظاهرة سوف تستمر على الأرجح خلال الأشهر المقبلة.
وأما على جانب العرض فيرى العريان أن التحدي أكبر بكثير، حتى وصفه بـ«الوضع شديد السوء»، إذ تعمل الاختناقات والجمود على تعطيل العديد من سلاسل الإمداد، وأصبحت عمليات الشحن – بما في ذلك توفير الحاويات – أصعب كثيرًا. كما أن تفشّي الوباء في بعض الدول داخل سلاسل الإمدادات العالمية – مثل بنغلاديش والهند وفيتنام – وحالات عدم اليقين الحيوسياسي، بما في ذلك التوترات الدورية بين الصين والولايات المتحدة وأوروبا، كلها أمور تضاف إلى المشكلات التي تواجه أولئك الساعين للحصول على المواد الخام من أجل مصانعهم.