بعد أن شهدت الأسواق العالمية موجة بيعية خلال الأسبوع المنتهي في 16 من سبتمبر، تتجه الأنظار إلى أسبوع حافل بالبيانات الاقتصادية واجتماعات البنوك المركزية، ولعل الفدرالي الأميركي يترأس هذه الاجتماعات، حيث من المنتظر أن يستمر البنك بتشديد سياسته النقدية.
ويشهد الأسبوع الحالي بيانات مديري المشتريات الصناعي والخدمي والمركب في الدول الأوروبية وأميركا، مما يعطي مزيداً من الوضوح حول الركود المحتمل للاقتصادات المتقدمة.
جنازة الملكة إليزابيث الثانية- بريطانيا
تنطلق الإثنين 19 سبتمبر جنازة الملكة إليزابيث الثانية في لندن بحضور العديد من الرؤساء وكبار الشخصيات إضافة إلى أفراد العائلة المالكة، وستسود هذه المراسم واحدة من أكبر العمليات الأمنية في تاريخ المملكة لتأمين هذا الحدث، خاصة في ظل مشاركة العديد من قادة العالم.
وعلى غرار وفاة الملكة والحداد الذي قامت به المملكة، قام بنك إنكلترا على بتأجيل اجتماعه حول السياسة النقدية من 15 سبتمبر حتى 22 سبتمبر، ومن المتوقع أن يلجأ البنك الخميس إلى رفع معدلات الفائدة بنسبة 50 نقطة أساس لتصل إلى 2.25% ليكون سابع رفع للفائدة على التوالي من قبل البنك. هذا وتعتبر معدلات الفائدة الحالية عند 1.75% الأعلى منذ عام 2009، فيما تصنف وتيرة رفع المركزي للفائدة بأنها الأشد منذ 1995.
وستراقب الأسواق عن كثب تحركات الجنيه الإسترليني خاصة مع تسجيله خلال الأيام الماضية أدنى مستويات له مقابل الدولار الأميركي في 37 عاماً، مع تصاعد دخول اقتصاد المملكة في ركود اقتصادي خلال الربع الأخير.
بيانات التضخم واجتماع المركزي الياباني
من المنتظر أن تصدر في 20 من سبتمبر بيانات مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي في اليابان لشهر أغسطس، ومن المتوقع أن تسجل القراءة نمواً بنسبة 2.7% مقارنة مع الأرقام المسجلة في يوليو عند 2.4%. وبذلك تبتعد الأرقام تدريجياً عن مستهدف البنك عند 2%، الأمر الذي يزيد من الضغوط على بنك اليابان المركزي في ظل سياسته المتساهلة.
ولعل أبرز حدث تنتظره الأسواق اليابانية والعالمية هو اجتماع بنك اليابان القادم في 22 من سبتمبر، خاصة في ظل التقارير الصحفية الصادرة الأسبوع الماضي عن أن بنك اليابان قد أجرى فحصاً لسعر العملة مع البنوك، مما أعطى تلميحات إلى السوق أن المركزي قد يتدخل في سوق العملات لحماية الين الياباني، الأمر الذي دعم العملة للارتداد من أدنى مستوياتها مقابل الدولار في 24 عاماً.
ويعتبر بنك اليابان المركزي أحد أبرز البنوك الكبرى الذي ساهم في عدة مرات بالتدخل في سوق العملات عبر التاريخ، ومن المتوقع أن يستمر البنك في سياسته النقدية المتساهلة عند معدلات فائدة سالب 0.10%، إلا أن الأسواق تراقب عن كثب إمكانية إشارة البنك حول التدخل في المستقبل بسوق العملات.
البيانات الاقتصادية في أميركا وأوروبا
تترقب الأسواق بيانات المنطقة الأوروبية خلال الأسبوع الحالي، حيث من المنتظر أن تصدر بيانات أسعار المنتجين في ألمانيا خلال 20 من سبتمبر والذي من المتوقع أن يرتفع إلى مستوى قياسي جديد عند 37.5% في ظل أزمة الطاقة التي تعاني منها برلين إضافة إلى بيانات الحساب الجاري لمنطقة اليورو في 20 من سبتمبر، فيما ستصدر بنفس اليوم بيانات التضخم في كندا والتي من المقرر أن تنخفض على أساس شهري من 7.6% إلى 7.3% خلال أغسطس ليكون التراجع للشهر الثاني على التوالي.
وستتابع الأسواق أيضا البيانات الاقتصادية الأميركي على مدار الأسبوع والتي تتضمن تصاريح البناء ومبيعات المنازل القائمة وطلبات إعانة البطالة.
أما في 23 من سبتمبر، فستشهد الأسواق صدور بيانات مؤشر مديري المشتريات في منطقة اليورو وألمانيا وبريطانيا وفرنسا ومنطقة اليورو إضافة إلى أميركا، وتعتبر البيانات ذات أهمية كبيرة خاصة مع تزايد المخاوف من دخول الاقتصادات الكبرى في ركود، ومن المتوقع أن تظهر بيانات الدول الأوروبية ومنطقة اليورو قراءات دون مستويات 50 نقطة، وهي تظهر انكماشاً في الأعمال والذي يكون مؤشراً على أن التباطؤ الاقتصادي قادم في المستقبل.
أما في أميركا فمن المتوقع أن تظهر القراءات تبايناً بين النمو الانكماش ومن غير المتوقع أن تكون البيانات إيجابية بشكل أكبر من الجانب الأوروبي.
اجتماع الفدرالي الأميركي وكلمة جيروم باول
لعل جميع الأنظار ستتركز خلال الأسبوع على اجتماع الفدرالي بين 20 و21 من سبتمبر، حيث من المنتظر أن يعلن الفدرالي قراره حول السياسة النقدية ومعدلات الفائدة يوم الأربعاء إضافة إلى المؤتمر الصحفي لرئيس الاحتياطي جيروم باول.
وستراقب الأسواق أيضاً البيان الصادر من البنك والذي سيشمل التوقعات المستقبلية للفدرالي في هذا الاجتماع والمعدلات التي قد تصل لها الفائدة خلال 2023، وتتوقع الأسواق أن يقدم الفدرالي على رفع الفائدة 75 نقطة أساس لتصل إلى مستويات بين 3-3.25%.
وكانت البيانات الصادرة الأسبوع الماضي حول التضخم والتي جاءت عند 8.3% في أغسطس قد صدمت الأسواق رغم تراجعها للشهر الثاني على التوالي، حيث ترى الأسواق أن وتيرة تباطؤ التضخم ما زالت غير مطمئنة الأمر الذي ساهم بدفع الأسواق لاستيعاب رفع الفدرالي الفائدة 75 نقطة أساس مرة جديدة. فيما ذهبت بعض المؤسسات ومن ضمنها Nomura اليابانية إلى التوقع أن يرفع الفدرالي الفائدة 100 نقطة أساس، وتشير توقعات CME Group إلى أن احتمالية رفع الفائدة 100 نقطة أساس تصل إلى 18% الأمر الذي يترك الباب مفتوحاً للفدرالي حول سياسته النقدية الحالية.
قرارات بنوك مركزية أخرى
وبعد يوم واحد من قرار الفدرالي وتحديداً في 22 من سبتمبر، من المرتقب أن تعلن العديد من البنوك المركزية أيضاً قراراتها حول السياسة النقدية، ومن المنتظر أن يعلن المركزي السويسري عن مفاجأة من العيار الثقيل برفعه الفائدة 75 نقطة أساس ليصل إلى مستويات 0.50%، الأمر الذي سيخرجه من النطاق السالب للمرة منذ نهاية عام 2011.
وكان المركزي السويسري قد فاجأ الأسواق برفعه الفائدة 50 نقطة أساس للمرة الأولى منذ عام 2007، وذلك بهدف كبح معدلات التضخم والتي وصلت إلى أعلى مستوياتها في 14 عاماً.
أما في تركيا فمن المنتظر أن يعلن المركزي عن قرار الفائدة والذي من المتوقع أن يبقى عند 13%، إلا أن الاجتماع الأخير للمركزي ورغم توقعات السوق بالإبقاء على الفائدة دون تغيير، إلا أنه فاجأ الأسواق بخفض الفائدة 100 نقطة أساس بعد حفاظه على المعدلات دون تغيير لسبعة اجتماعات متتالية الأمر الذي دفع الليرة لتسجيل أدنى مستوياتها تاريخياً.
وما زال التضخم في تركيا يسجل مستويات قياسية الأعلى منذ 1998 متجاوزاً حاجز 80%.
سند عليا