هل انتهت أزمة التضخم؟

هل يبلغ التضخم ذروته حقًا؟ هل تزداد ثقة المستهلكين؟ سنحصل على هذه الإجابات هذا الأسبوع عندما يتم الإعلان عن أحدث مؤشرات أسعار المستهلكين والمنتجين وكذلك أرقام مبيعات التجزئة لشهر أغسطس/آب في أمريكا.

يمكن أن تغير الأرقام حسابات الاحتياطي الفيدرالي، والذي من المتوقع إلى حد كبير أن يرفع أسعار الفائدة مرة أخرى في اجتماعه الدوري القادم في 21 سبتمبر. والسؤال هو، إلى أي مدى؟

لا يزال المتداولون يتوقعون ارتفاعًا بثلاثة أرباع نقطة مئوية أخرى، أو 75 نقطة أساس، وذلك يكون الارتفاع الثالث من هذا الحجم على التوالي. وقال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول الأسبوع الماضي إن “الاحتياطي الفيدرالي يتحمل مسؤولية استقرار الأسعار ويقبلها. نحن بحاجة إلى التحرك الآن”.

ولكن هل يمكن أن تنخفض احتمالات الرفع الكبير لسعر الفائدة إذا استمرت بيانات التضخم في الإشارة إلى أن “استقرار الأسعار” قد يكون أخيرًا أقرب إلى الواقع؟ ستصدر أرقام مؤشر أسعار المستهلك (CPI) صباح الثلاثاء بينما ستصدر أرقام مؤشر أسعار المنتجين يوم الأربعاء.

ضع في اعتبارك أنه في نهاية شهر يوليو/تموز، كانت أسعار السوق بناء على احتمالات بنسبة 28٪ فقط من أنه سيكون هناك ارتفاع بـ 75 نقطة أساس في سبتمبر. يعتقد المستثمرون الآن أن هناك فرصة بنسبة 88٪ لارتفاع كبير آخر.

يتوقع الاقتصاديون حاليًا أن أسعار المستهلكين لشهر أغسطس/آب ستنخفض بشكل طفيف عن يوليو/تموز وأن الأسعار ارتفعت بنسبة 8.1٪ خلال الاثني عشر شهرًا الماضية. وبالطبع، لا تزال نسبة 8.1٪ مرتفعًة بشكل لا يصدق وفقًا للمعايير التاريخية، لكن سيكون هناك تباطؤًا ملحوظًا من ارتفاع الأسعار في يونيو الذي كان عند 9.1٪ على أساس سنوي.

وقال جو كاليش، كبير المحللين الاستراتيجيين مع Ned Davis Research: “ربما رأينا ذروة التضخم، فأسعار الغذاء والطاقة تنخفض، هناك مجال أكبر للتباطؤ.”

يبدو أن المستثمرين يقبلون على مضض احتمال قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس مرة أخرى في غضون أسابيع قليلة، بغض النظر عما تشير إليه بيانات التضخم لشهر أغسطس.

لكن التجار يأملون أن يكون رفع سعر الفائدة في سبتمبر هو الأخير من هذا الحجم. فمع افتراض رفع الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة بمقدار ثلاثة أرباع نقطة في 21 سبتمبر، من شأن ذلك أن يرفع أسعار الفائدة إلى النطاق المستهدف من 3 إلى 3.25٪.

من الواضح أن وول ستريت تراهن على أن اتجاهات التضخم ستستمر في الاتجاه الصحيح. يتوقع الاقتصاديون أيضًا أن تنخفض أسعار المنتجين وتكلفة السلع على مستوى الجملة انخفاضًا طفيفًا في أغسطس. تشير التوقعات إلى انخفاض بنسبة 0.1٪ من يوليو إلى أغسطس، بعد انخفاض بنسبة 0.5٪ من يونيو إلى يوليو.

ارتفعت أسعار المنتجين بنسبة 9.8٪ على أساس سنوي في يوليو ولكن هذا أقل من مستوى الارتفاع في يونيو بنسبة 11.3٪. من المرجح أن يلقى أي تباطؤ آخر ترحيبًا من قبل السوق والاحتياطي الفيدرالي والمستهلكين.

يقودنا ذلك إلى مبيعات التجزئة، فمن المقرر صدور أرقام إنفاق المستهلكين لشهر أغسطس صباح الخميس. ذكرت الحكومة الشهر الماضي أن مبيعات التجزئة ارتفعت بنسبة 10.3٪ على أساس سنوي في يوليو. سيكون من المثير للاهتمام معرفة ما إذا كان معدل المبيعات هذا قد ارتفع في أغسطس أو تباطأ.

الاحتياطي الفيدرالي في موقف صعب، فهو يريد أن يهدئ من ضغوط التضخم والطريقة لتحقيق ذلك تتمثل في رفع أسعار الفائدة بشكل كبير. لكنه يود أيضًا تجنب الركود إذا كان بإمكانه ذلك، ولهذا السبب لا يزال البعض يأمل في حدوث هبوط “ضعيف” للاقتصاد، كما قال باول في مايو.

كما تحدث باول في خطابه الذي ألقاه في جاكسون هول الشهر الماضي عن ارتفاع أسعار الفائدة والتضخم الذي تسبب “ببعض الألم” للاقتصاد. قد تكون هذه حجة للاحتياطي الفيدرالي لرفع أسعار الفائدة، طالما يستمر هدوء التضخم.

وهذه هي النقطة الأساسية، يتعين على المستثمرين الانتباه إلى بيانات التضخم بشكل أكبر مما يقوله باول أو أعضاء بنك الاحتياطي الفيدرالي الآخرين. يظل الاحتياطي الفيدرالي معتمدًا على البيانات، وهذا هو سبب تغير احتمالات رفع أسعار الفائدة باستمرار.

وقال ديفيد دونابديان، كبير مسؤولي الاستثمار في CIBC Private Wealth US، في تقرير صدر يوم الجمعة: “يجب أن يكون هناك اتجاه هبوطي مقنع في التضخم، لم نصله بعد.”

يلين تحذر من خطر انكماش الاقتصاد الأميركي بسبب كبح التضخم

تحدثت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين عن “خطر” انكماش في الولايات المتحدة بسبب إجراءات اتخذت لإبطاء التضخم ستلقي بثقلها على النشاط الاقتصادي لكن من الممكن تجنبها.

وقالت وزيرة الاقتصاد والمالية في إدارة الرئيس جو بايدن إن “انكماشا في الولايات المتحدة هو “خطر قائم حين يشدد الاحتياطي الفيدرالي سياسته النقدية في مواجهة التضخم”.

وأضافت لشبكة سي ان ان الأميركية: “من الواضح أن هذا يمثل خطرا نراقبه لكن لدينا سوق عمل قوي وأعتقد ان من الممكن ابقاءه على هذا النحو”.

وقالت يلين: “التضخم مرتفع كثيرا ومن الضروري خفضه”.

وأضافت أن الأميركيين قد يشهدون زيادة في أسعار الغاز في الشتاء عندما يقلص الاتحاد الأوروبي شراء الخام الروسي بدرجة كبيرة، مضيفة أن الغرب يدرس وضع حد أقصى مقترح لأسعار صادرات النفط الروسية بهدف إبقاء الأسعار تحت السيطرة.

يأمل الاحتياطي الفيدرالي بـ “هبوط سلس”، أي إعادة التضخم إلى هدفه عند 2 بالمئة بدون إغراق الاقتصاد في انكماش ما سيؤدي الى ارتفاع البطالة.

وأضافت الوزيرة الأميركية: “أعتقد أن هناك طريقة للوصول إلى هناك.. على المدى الطويل لا يمكن أن يكون لدينا سوق عمل قوي بدون السيطرة على التضخم”.

وفيما تراجع إجمالي الناتج المحلي في العالم في أول فصلين من العام 2022، ما يتوافق مع التعريف الكلاسيكي للانكماش، أكدت مجددا ان الأمر ليس على هذا النحو.

وقالت يلين: “نحن لسنا في انكماش. سوق العمل قوي جدا. هناك حوالى منصبين شاغرين لكل عامل يبحث عن وظيفة”.