متابعة قراءة المصارف اللبنانية تعيد فتح أبوابها الاثنين بعد إغلاقها إثر سلسلة من الاقتحامات
الأرشيف اليومي: 25/09/2022
الهند تتجاوز بريطانيا
في احتفالية فيها الكثير من الرمزية، احتفت الهند بتحقيق اقتصادها المركز الخامس عالميا من ناحية الحجم، متجاوزة بريطانيا التي انتقلت إلى المركز السادس. رمزية هذه الاحتفالية بسبب التزامن مع ذكرى مرور 75 سنة على استقلال الهند عن بريطانيا. لم يخف رئيس الوزراء الهندي (مودي) فخره بهذا الإنجاز، مذكراً أن الهند خلال خمس وسبعين سنة، تمكنت من تجاوز المستعمر الذي ربض على شبه القارة الهندية نحو 250 سنة. فكيف تمكنت الهند من تجاوز اقتصاد بريطانيا في وقت يعاني فيه العالم من أزمات اقتصادية وصراعات جيوسياسية؟
خلال العامين الماضيين عانى العالم من عدة عوامل، استطاعت الهند بشكل أو بآخر تجاوزها أو تقليل آثارها السلبية، أولها هو التضخم الذي يؤكد الخبراء أنه وصل قمته في أبريل (نيسان) الماضي، ليبدأ بعدها في الانخفاض، فوصل إلى 6.7 في المائة في شهر يوليو (تموز)، منخفضا عن مستوى يونيو (حزيران) (7 في المائة). ويعزى هذا الانخفاض إلى السياسة التي اتبعتها الهند في حِزم مساعدات ما بعد الجائحة، ففي حين ضخت العديد من الحكومات السيولة في بلدانها لتخفيف آثار الجائحة على المواطنين، ركزت الهند على دعم الشركات والاقتصاد المحلي، بضخ نحو 3 في المائة من حجم ناتجها القومي. كما أن الهند تفوقت على جارتها الصين في مرحلة ما بعد الجائحة، ويعود ذلك إلى اتباع الصين سياسة (صفر كوفيد) التي تسببت في تعطيل الاقتصاد الصيني وإيقاف الكثير من المصانع وإبقاء حالات العزل للعديد من المناطق في الصين.
كما أن الهند اتخذت موقفاً محايداً من الأزمة الروسية الأوكرانية، ولم تقف مع الغرب كما كان يتوقع، ولذلك هي لم تقاطع روسيا ولم تحاول إيقاف استيراد النفط الروسي، بل على العكس فقد تضاعف استيرادها للنفط الروسي بنحو أربعة أضعاف، مستفيدة من السعر المخفض بنحو 30 دولاراً للبرميل. ورغم أن الصين اتبعت أسلوباً مشابهاً، فإن إيقاف العديد من مصانعها قلل من استفادتها من النفط منخفض الثمن. هذا الحياد الهندي قلل من التضخم بشكل كبير في الهند، ولم يجعلها تعاني من أزمة الطاقة كما هي الحال في أوروبا وأميركا.
وتمكن الاقتصاد الهندي من النمو خلال الفترة الماضية لأسباب منها زيادة نشاط القطاع العقاري، وزيادة الاستهلاك المحلي الذي يقدر بنحو 55 في المائة من الناتج القومي، إضافة إلى استثمار العديد من رؤوس الأموال في البلاد. وقدر صندوق النقد الدولي حجم النمو للاقتصاد الهندي هذا العام بنحو 7.4 في المائة، ويتوقع أن يستمر النمو مقارباً لـ7 في المائة خلال الخمس سنوات القادمة. وتطمح الهند إلى أن تصل إلى المرتبة الرابعة عالميا في 2027 متفوقة على ألمانيا، والثالثة بحلول 2029 متعدية اليابان. كما توقعت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن تكون الهند في المرتبة الثانية عالمياً في منتصف هذا القرن، متجاوزة الولايات المتحدة وخلف الصين فقط!
ويجدر التوضيح أن تفوق حجم الاقتصاد الهندي على نظيره البريطاني لا يعطي بأي حال أفضلية لأحدهما على الآخر، فالاقتصاد الهندي بلغ حجمه 3.5 تريليون دولار، مقارنة بـ3.2 تريليون للاقتصاد البريطاني، ولكن سكان الهند يزيدون 20 ضعفا على سكان بريطانيا (1.4 مليار هندي مقابل 68 مليون بريطاني)، وينعكس ذلك على الرفاه المعيشي للبريطانيين، حيث يبلغ الدخل لكل فرد في بريطانيا 47 ألف دولار مقابل 2500 دولار فقط في الهند. ولكن هذا الإنجاز يبقى معنويا للهند التي انتقلت من الاقتصاد العاشر في العالم في 2014 إلى الخامس في أقل من عشر سنوات، وهو يعطيها إثباتاً على أنها في الطريق الصحيح، حتى لو لم تكن هذه الخطى ثابتة.
تبدو الهند الآن إحدى الدول البارزة اقتصادياً في العالم، وهي بمعدل نموها الاقتصادي للربع الثاني، والمتوقع لهذا العام (7.4 في المائة) جاءت ثانية بعد المملكة العربية السعودية التي يعد اقتصادها الأسرع نموا لهذا العام (بنسبة نمو 7.5 في المائة). وفيما راهن الغرب لفترة طويلة على الهند كقوة اقتصادية تستطيع مجابهة الاقتصاد الصيني، إضافة إلى تمتعها ببعض القيم الغربية الديمقراطية، فإن تفوق الاقتصاد الهندي جاء بطريق لم يقره الغرب، ومن ذلك عدم إنكار الحرب الروسية على أوكرانيا، ومخالفة العديد من القيم الديمقراطية الغربية. وجاء هذا الإنجاز الذي يحمل معاني معنوية ليعطي الهند بارقة أمل على التفوق الاقتصادي الذي لطالما سعت له، والذي تملك مقوماته بلا أدنى شك.
د. عبد الله الردادي
هل يملك مجلس الوزراء مشروعاً لهيكلة قطاع المصارف؟
لا شك في أن القرارات الجذرية بالنسبة لتحريك الاقتصاد لم تُدرس ولم تُنفذ، وكل ما نفذ كان القرار الأكثر ضرراً بقطاع #المصارف والعملة اللبنانية أي قرار حسان دياب وحكومته عدم تسديد مستحقات عن دين اليوروبوندز في آذار عام 2020.
اليوم يعمل #مجلس الوزراء على إعادة تنظيم القطاع المصرفي واقتراح القوانين التي يجب إقرارها بموافقة مجلس النواب، وكان نائب رئيس مجلس الوزراء، الاقتصادي المتخفي في المدة الاخيرة، قد اقترح إلغاء رخص المصارف ثم استصدار 5 أو 6 رخص لبنوك تستطيع تأمين موجودات تطمئن المودعين، ثم أعاد البحث في 14 أو 15 مصرفاً فقط كي لا يكون هنالك إفراط في عدد المصارف والفروع.
الأمر الأكيد أن ودائع المصارف مع انتظار دراسة ميزانيات 14 أو 15 مصرفاً لن تنجز قبل سنة، والامر الاكيد أن الودائع ستخسر 20-30 ملياراً خصوصا إذا جرى تسديد 100 ألف دولار لكل حساب تشكل نتيجة أعمال شرعية لا تشوبها مخالفات قانونية، والامر المطلوب بالتأكيد من المودعين ألا تخسر ودائعهم قيمتها بسبب طول الدراسات وهم يخسرون حالياً نسبة 80% من ودائعهم بسبب استيفائهم 8 ملايين ل.ل مقابل شطب 1000 دولار من وديعة الزبون المعني، وكل هذه العمليات تجرى دون أية قوانين ترعاها. فالمصرفيون من أصحاب الخبرة لم يواجهوا أية قيود على ممتلكاتهم وعلى تنقلاتهم واستكشاف حساباتهم، بل إن رئيس إدارة البنك الاكبر متغيب عن لبنان، ولا يجيب على المخابرات الدولية حتى لأصحاب حسابات بملايين الدولارات، توافرت نتيجة أعمال ريادية لأصحاب هذه الحسابات.
العمل الحالي للبنوك هو الصيرفة، وجمعية المصارف غائبة عن أي وقائع لإعادة ترتيب الأوضاع، بل معتكفة عن معالجة الشأن المصرفي. ومصرفيون يقررون كيفية الدفع لأصحاب الودائع دونما قدرة للمودع على الاعتراض، ونادراً ما نشهد قراراً قضائياً يؤيّد حق أو حقوق عدد من المودعين.
لا بد من المصارحة بأن البنوك المعتكفة عن تسديد حقوق المودعين وتأمين الإقراض التجاري، ولا نقول الاستثماري، قد تخلت عن دورها.
معلوم أن مراجعة حسابات البنوك مسؤولية لجنة الرقابة على المصارف، وإن كانت اللجنة تقوم بعملها بانتظام ودون تساهل مع المصارف يمكنها أن تؤمن تقييماً حقيقياً لأوضاع هذه المصارف، وحيث إن 62% من حجم الودائع ديون على الدولة وهي عاجزة عن الإيفاء، وإن كان لنا أن نستعيد دوراً للمصارف يسهم بتنشيط الاقتصاد فعلينا أن نبدأ بتشغيل عدد من المصارف التي حافظت على سيولة لا تقل عن 20% من التزاماتها.
ونؤكد هنا أن المسؤولين مشغولون عن القراءة وتفهّم ما يجري عالمياً، بإطلاق مواقف أقل ما يقال بشأنها أنها مواقف القصد منها تغطية هفوات وجرائم تبديد الأموال العامة دون محاسبة. وقيامة لبنان لن تكون دون إشراك مؤسسة مالية دولية في تملك محافظ أكبر 5 بنوك وتأمين رسملة على مستوى 10-15 مليار دولار وإدارة فعّالة ومدركة لأخطاء الماضي وهفواته وجموح القيادة السياسية لتمويل مشاريعها الفاشلة كما حدث مع الكهرباء وقروض 42 مليار دولار دون الفوائد.
لبنان لن يستعيد دينامية العمل المصرفي في وقت قريب، إن لم يحُز سلطة حاكمة بعيدة عن التحكم وقريبة من العلم والتطورات الدولية، فلا مستقبل للبنان وشبابه المثقف الباحث عن العمل في كل بلد مستقل وحضاري من بلدان الشرق الاوسط مثل الإمارات العربية، والبحرين، والكويت والسعودية وعسى أن يستقر العراق، فهذا البلد العربي العريق هو بين الدول الأغنى بالنفط والطاقات الزراعية إذا أقرّت برامج الاستفادة من مياهه.
إعادة تحريك البنوك، وتأمين سيولة ما بين 15 و20 مليار دولار أمر لا يتنافى مع ما يحدث يومياً في أسواق الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، والصين واليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة التي مؤسّسها زار لبنان في الستينيات واعتبر أن نظام لبنان القانوني والنظام الاقتصادي والمالي يؤمنان النموّ وهو اعتمد نظامنا، وأصبح معدل دخل المواطن السنغافوري بين أعلى المداخيل، وسنغافورة حلت تقريباً محل هونغ كونغ في الخدمات المصرفية… هكذا تنمو المجتمعات الحيّة مقابل جمود التطوّر لدينا وتحجّر أفكار القيادات على مختلف المستويات.
مروان اسكندر