هل يملك مجلس الوزراء مشروعاً لهيكلة قطاع المصارف؟

لا شك في أن القرارات الجذرية بالنسبة لتحريك الاقتصاد لم تُدرس ولم تُنفذ، وكل ما نفذ كان القرار الأكثر ضرراً بقطاع #المصارف والعملة اللبنانية أي قرار حسان دياب وحكومته عدم تسديد مستحقات عن دين اليوروبوندز في آذار عام 2020.

اليوم يعمل #مجلس الوزراء على إعادة تنظيم القطاع المصرفي واقتراح القوانين التي يجب إقرارها بموافقة مجلس النواب، وكان نائب رئيس مجلس الوزراء، الاقتصادي المتخفي في المدة الاخيرة، قد اقترح إلغاء رخص المصارف ثم استصدار 5 أو 6 رخص لبنوك تستطيع تأمين موجودات تطمئن المودعين، ثم أعاد البحث في 14 أو 15 مصرفاً فقط كي لا يكون هنالك إفراط في عدد المصارف والفروع.

 

الأمر الأكيد أن ودائع المصارف مع انتظار دراسة ميزانيات 14 أو 15 مصرفاً لن تنجز قبل سنة، والامر الاكيد أن الودائع ستخسر 20-30 ملياراً خصوصا إذا جرى تسديد 100 ألف دولار لكل حساب تشكل نتيجة أعمال شرعية لا تشوبها مخالفات قانونية، والامر المطلوب بالتأكيد من المودعين ألا تخسر ودائعهم قيمتها بسبب طول الدراسات وهم يخسرون حالياً نسبة 80% من ودائعهم بسبب استيفائهم 8 ملايين ل.ل مقابل شطب 1000 دولار من وديعة الزبون المعني، وكل هذه العمليات تجرى دون أية قوانين ترعاها. فالمصرفيون من أصحاب الخبرة لم يواجهوا أية قيود على ممتلكاتهم وعلى تنقلاتهم واستكشاف حساباتهم، بل إن رئيس إدارة البنك الاكبر متغيب عن لبنان، ولا يجيب على المخابرات الدولية حتى لأصحاب حسابات بملايين الدولارات، توافرت نتيجة أعمال ريادية لأصحاب هذه الحسابات.

العمل الحالي للبنوك هو الصيرفة، وجمعية المصارف غائبة عن أي وقائع لإعادة ترتيب الأوضاع، بل معتكفة عن معالجة الشأن المصرفي. ومصرفيون يقررون كيفية الدفع لأصحاب الودائع دونما قدرة للمودع على الاعتراض، ونادراً ما نشهد قراراً قضائياً يؤيّد حق أو حقوق عدد من المودعين.

لا بد من المصارحة بأن البنوك المعتكفة عن تسديد حقوق المودعين وتأمين الإقراض التجاري، ولا نقول الاستثماري، قد تخلت عن دورها.

معلوم أن مراجعة حسابات البنوك مسؤولية لجنة الرقابة على المصارف، وإن كانت اللجنة تقوم بعملها بانتظام ودون تساهل مع المصارف يمكنها أن تؤمن تقييماً حقيقياً لأوضاع هذه المصارف، وحيث إن 62% من حجم الودائع ديون على الدولة وهي عاجزة عن الإيفاء، وإن كان لنا أن نستعيد دوراً للمصارف يسهم بتنشيط الاقتصاد فعلينا أن نبدأ بتشغيل عدد من المصارف التي حافظت على سيولة لا تقل عن 20% من التزاماتها.

ونؤكد هنا أن المسؤولين مشغولون عن القراءة وتفهّم ما يجري عالمياً، بإطلاق مواقف أقل ما يقال بشأنها أنها مواقف القصد منها تغطية هفوات وجرائم تبديد الأموال العامة دون محاسبة. وقيامة لبنان لن تكون دون إشراك مؤسسة مالية دولية في تملك محافظ أكبر 5 بنوك وتأمين رسملة على مستوى 10-15 مليار دولار وإدارة فعّالة ومدركة لأخطاء الماضي وهفواته وجموح القيادة السياسية لتمويل مشاريعها الفاشلة كما حدث مع الكهرباء وقروض 42 مليار دولار دون الفوائد.

لبنان لن يستعيد دينامية العمل المصرفي في وقت قريب، إن لم يحُز سلطة حاكمة بعيدة عن التحكم وقريبة من العلم والتطورات الدولية، فلا مستقبل للبنان وشبابه المثقف الباحث عن العمل في كل بلد مستقل وحضاري من بلدان الشرق الاوسط مثل الإمارات العربية، والبحرين، والكويت والسعودية وعسى أن يستقر العراق، فهذا البلد العربي العريق هو بين الدول الأغنى بالنفط والطاقات الزراعية إذا أقرّت برامج الاستفادة من مياهه.

إعادة تحريك البنوك، وتأمين سيولة ما بين 15 و20 مليار دولار أمر لا يتنافى مع ما يحدث يومياً في أسواق الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، والصين واليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة التي مؤسّسها زار لبنان في الستينيات واعتبر أن نظام لبنان القانوني والنظام الاقتصادي والمالي يؤمنان النموّ وهو اعتمد نظامنا، وأصبح معدل دخل المواطن السنغافوري بين أعلى المداخيل، وسنغافورة حلت تقريباً محل هونغ كونغ في الخدمات المصرفية… هكذا تنمو المجتمعات الحيّة مقابل جمود التطوّر لدينا وتحجّر أفكار القيادات على مختلف المستويات.

مروان اسكندر