في أحدث تقارير مؤسسة Goldman Sachs أشارت إلى أن صناديق التحوط تخلت عن أسهم الطاقة الأسبوع الماضي للمرة الأولى في ثلاثة أسابيع، على الرغم من ارتفاع أسعار النفط القوية الناتجة عن خفض الإمدادات.
وكانت هذه الخطوة، وفقًا لوحدة الوساطة المالية الرئيسية بالبنك، مدفوعة بشكل رئيسي بعمليات البيع على المكشوف. فقد كانت صناديق التحوط تتوقع انخفاض أسعار الطاقة بشكل ملحوظ في الفترة المقبلة. والسبب في ارتفاعات أسعار النفط الحالية هو أيضا صناديق التحوط التي كانت تتوقع وصول أسعار النفط إلى مستويات 100 دولار للبرميل ويعتبر أن هذا الهدف تقريبا قد تحقق.
وأشار Goldman Sachs إلى أن تداول صناديق التحوط على أسهم الطاقة اقترب من أدنى مستوياته منذ مايو 2020. فقد زادت صناديق التحوط رهانات البيع على المكشوف على أسهم الطاقة الأميركية، إلى جانب النفط والغاز والوقود الاستهلاكي ومعدات وخدمات الطاقة.
إلى أي مدى قد تستمر صناديق التحوط في هذا التوجه؟
ترى صناديق التحوط أنه على الرغم من توجه منظمة أوبك إلى سياسة خفض الإنتاج، لكن الوضع الاقتصادي العام لايزال يشوبه مخاوف الركود الاقتصادي.
وقد زادت توقعات تباطؤ نمو ثاني أكبر اقتصاد في العالم وسط استمرار البيانات المخيبة للآمال، الأمر الذي قد يتسبب في تراجع الطلب العالمي الفترة المقبلة وهو ما قد يتسبب في عودة تراجع أسعار النفط العالمية.
بالإضافة إلى استمرار النهج التشددي للسياسة النقدية من الفدرالي الأميركي وأسعار الفائدة المرتفعة في ظل محاولاته لكبح جماح التضخم ودفعه نحو المستويات المستهدفة عند 2% مع ضمان تحقيق ما يسمى بالهبوط الناعم للاقتصاد حيث إن هذا التوجه من شأنه دعم قوة الدولار الذي يقيم أسعار النفط وأيضا قد يتسبب بضعف الطلب مع تراجع قطاع الأعمال تحت وطأة ارتفاع تكاليف الإقراض.
هل يعد ذلك مؤشراً على وضع سلبي يشوب القطاع؟
يجدر الإشارة إلى أن بعض الأنباء الأخيرة تفيد بأن أميركا ستخفف العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران وفنزويلا.
وارتفع إنتاج النفط في فنزويلا إلى أكثر من 840 ألف برميل يومياً في شهر يوليو تموز، أما انتاج إيران من النفط فوصل إلى أعلى مستوياته منذ ما يقرب من الخمسة أعوام.
وعلى الرغم من التوقعات التي بدأت تتصاعد باحتمال انخفاض النفط مع احتمالات زيادة إمدادات الخام في تلك الدول، إلا أن إصرار أوبك + على رفع سعر النفط عبر التخفيضات في الإنتاج لاتزال هي الداعم الأبرز لاستمرار ارتفاع أسعار النفط. بالإضافة إلى أن أغلب المؤسسات رفعت توقعاتها لأسعار النفط العالمية إلى مستويات 100 دولار للبرميل وعلى رأسهم Goldman Sachs، فرفعت المؤسسة توقعاتها لخام برنت من 93 دولار إلى 100 دولار للبرميل خلال العام المقبل.
استراتيجية خفض الإمدادات والصراع بين منظمة أوبك ووكالة الطاقة الدولية
حلقت أسعار النفط العالمية ما يقرب من 30% منذ منتصف يونيو حزيران الماضي، منذ أن اتفقت السعودية وروسيا على خفض الإمدادات لدعم الأسعار العالمية في الوقت الذي تستمر في مخاوف تراجع الطلب.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، مددت السعودية وروسيا تخفيضات الإمدادات بواقع مليون و300 ألف برميل يومياً حتى نهاية العام، الأمر الذي تسبب في استمرار ارتفاع أسعار النفط واختراقها لمستويات 90 دولار للبرميل.
وفي آخر تصريحات لوزير الطاقة السعودي أكد أن أوبك تستهدف الحفاظ على استقرار أسواق النفط، ولكنها لا تستهدف مستويات محددة، مشيراً إلى أن خطط الإنتاج يتم مراجعتها بشكل شهري.
ولكن تستمر وكالة الطاقة الدولية في التحذير من استمرار لجوء منظمة أوبك إلى سياسة خفض الإمدادات، حيث تؤكد المنظمة أن معدلات الطلب العالمية لا تستدعي خفض الإمدادات، فتستمر الضغوطات التي تواجه الاقتصاد العالمي ومخاوف الركود الاقتصادي وبالأخص في الصين مع عدم عودة ثاني أكبر اقتصاد عالمي إلى مرحلة التعافي قبل أزمة كوفيد-19.
توقعات تعافي الطلب العالمي
على الرغم من الضغوطات التي واجهت الاقتصاد الصيني الفترة الماضية، والتي كانت السبب الرئيسي في ارتفاع أسعار النفط العالمية، إلا أن البيانات الاقتصادية مؤخرا بدأت تبث بعض من ملامح التعافي الاقتصادي، إ نما انتاج المصانع ومبيعات التجزئة بأسرع وتيرة منذ أغسطس الماضي.
هذا ويستمر صناع القرار في الصين اتخاذ إجراءات لدعم الاقتصاد كان آخرها تقليص الرسوم على الأسهم للمرة الأولى منذ عام 2008، في إشارة إلى احتمالات تعزيز الاستثمارات والنمو الاقتصادي الفترة المقبلة. وهو ما دفع J.P. Morgan إلى رفع توقعاته للنمو الاقتصادي الصيني لعام 2023 من 4.8% إلى 5%.
وبالتالي إذا أثبتت البيانات الاقتصادية الفترة المقبلة أن الاقتصاد الصيني في طريقه بالفعل نحو التعافي الاقتصادي وابتعاده عن مخاوف الركود، فقد يساعد هذا في تهدئة التوقعات باستمرار ارتفاع أسعار النفط بشكل قوي الفترة المقبلة.
هل من الممكن أن ترتفع أسعار النفط إلى مستويات 100 دولار للبرميل؟
عادت توقعات الأسواق حيال ارتفاع أسعار النفط الفترة القادمة والعودة لمستويات 100 دولار للبرميل قبل نهاية العام تلوح في الأفق، يأتي هذا في الوقت الذي تؤكد فيه أوبك+ وعلى رأسهم السعودية وروسيا الاستمرار في سياسة خفض الإمدادات لدعم الأسعار، فيما تؤكد السعودية أن السياسة الحالية تستهدف الوصول لتوازن في الأسواق العالمية وتقلبات أقل.
على الجانب الأخر، تستمر مخزونات النفط الأميركي في الانخفاض في إشارة إلى مخاوف استمرار انخفاض الإمدادات، فقد أظهرت البيانات الأخيرة الصادرة عن معهد البترول الأميركي انخفاض المخزونات بواقع 5.25 مليون برميل خلال الأسبوع الماضي.
نوايا الفدرالي تقف أمام تعافي أسعار النفط
في آخر اجتماعات الفدرالي ترك البنك المجال مفتوحًا أمام المزيد من رفع الفائدة الفترة المقبلة. فبالرغم من تثبيت الفائدة في اجتماعه، إلا أنه قام برفع توقعاته لمسار الفائدة في 2024 و2025، بل ويرى أغلب الأعضاء ضرورة اتخاذ قرار جديد لرفع الفائدة قبل نهاية العام.
وبعد القرارات الأخيرة، شهد الدولار ارتفاعات قوية، مما ضغط على السلع المقومة بالدولار مثل الذهب والفضة، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل أن نوايا البنك بالاستمرار في سياسة التشديد النقدي واستقرار الفائدة عند مستويات مرتفعه لفترة أطول من الوقت، تسبب في عودة مخاوف انخفاض الطلب العالمي مما قد يؤثر على أسعار النفط بالسلب الفترة القادمة.