يُتوقع أن يبقي المسؤولون في بنك الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة دون تغيير هذا الأسبوع، مما يمنحهم مزيداً من الوقت لخفض التضخم، وتقييم كيفية تأثير سياسات الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترمب على الاقتصاد.
سيأتي التوقف عن تقليص الفائدة بعد ثلاث تخفيضات متتالية منذ سبتمبر، والتي خفضت معدل الفائدة المرجعي لدى الفيدرالي بمقدار نقطة مئوية كاملة. وبعد هذه التخفيضات، تستقر النسبة المستهدفة للفائدة الآن بين 4.25% و 4.5%.
قال العديد من صناع السياسات النقدية إنهم يتوقعون تقليل عدد مرات خفض الفائدة هذا العام، بعد صدور بيانات أظهرت أن الاقتصاد الأميركي في وضع قوي، وأن التضخم أصبح أكثر ثباتاً من المتوقع. وفي يوم الجمعة المقبل، من المقرر إصدار بيانات ديسمبر لمؤشر التضخم المفضل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي، وهو مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي.
ومع ذلك، من غير المرجح أن يلتزم مسؤولو الفيدرالي بأي مسار معين لأسعار الفائدة بعد صدور سلسلة من البيانات غير المتوقعة، وعدم اليقين بشأن كيفية استجابة الاقتصاد الأميركي لمجموعة من السياسات الجريئة الجديدة من جانب ترمب في مجالات التجارة والضرائب والهجرة واللوائح التنظيمية.
قال جريجوري داكو، كبير خبراء الاقتصاد في “إرنست ويونغ” (EY) : “إنهم (المسؤولون في الفيدرالي) يتجاوزون خفض الفائدة، ولكنهم يريدون الاحتفاظ بأكبر قدر ممكن من الخيارات لتعديل سعر فائدة التمويل لدى الفيدرالي خلال العام”.
وسيصدر الفيدرالي قراره بشأن أسعار الفائدة في الساعة الثانية بعد الظهر بتوقيت واشنطن يوم الأربعاء، كما سيعقد جيروم باول، رئيس الفيدرالي، مؤتمراً صحفياً عقب مرور 30 دقيقة من انتهاء اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي.
توقعات أسعار الفائدة الأميركية
لا يتوقع المراقبون الذين يتابعون قرارات الفيدرالي عن كثب إجراء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة العديد من التغييرات على بيانها الذي يصدر بعد الاجتماع.
وقال داكو إن الصياغة الحالية لبيان الفيدرالي توضح “مدى وتوقيت التعديلات الإضافية” بما يمنح صناع القرار مرونة في تغيير نهجهم، إذا لزم الأمر، حسبما تقتضيه الظروف الاقتصادية في المستقبل.
من المؤكد أن باول سيواجه أسئلة صعبة من الصحفيين بشأن كيفية تعامله وزملائه مع سياسات ترمب، والخطط المقترحة في توقعاتهم للاقتصاد. ومن غير المقرر أن يصدر مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي توقعات محدثة حتى انعقاد اجتماع مارس المقبل.
لكن محضر اجتماع ديسمبر أظهر أن “عدداً” من المشاركين أخذوا في اعتبارهم افتراضات مؤقتة حول خطط ترمب المحتملة في توقعاتهم الاقتصادية، وقال “جميع المشاركين تقريباً” إن المخاطر التي تدفع التضخم للصعود زادت.
ماذا يريد المستثمرون من الفيدرالي؟
بحسب داكو، يرغب المستثمرون أيضاً في سماع مزيد من التفاصيل من باول حول ما يُسمى “المعدل المحايد”، أو المستوى الذي لا يؤثر فيه الفيدرالي بشكل مباشر على الاقتصاد سواء بالتحفيز أو التثبيط.
كان المسؤولون قد رفعوا تقديراتهم للمعدل المحايد خلال العام الماضي. وإذا كان العديد من صانعي السياسات النقدية يعتقدون أن أسعار الفائدة باتت قريبة من ذلك المستوى، فهذا يشير إلى وتيرة أبطأ لخفض الفائدة مستقبلاً، وربما عدد أقل من التخفيضات مقارنةً بالتوقعات السابقة.
من المرجح أن يطلب الصحفيون من رئيس الاحتياطي الفيدرالي مزيداً من التوضيح حول ما يحتاج المسؤولون إلى تحقيقه قبل خفض أسعار الفائدة مرة أخرى، وعلى العكس من ذلك، ما قد يدفعهم إلى التفكير في زيادة أسعار الفائدة.
بعد صدور تقرير الوظائف الأميركية الإيجابي في ديسمبر، قال اقتصاديون لدى “بنك أوف أميركا” إنهم يعتقدون أن الخطوة التالية للبنك المركزي قد تكون رفع أسعار الفائدة.
لكن هذه المخاوف هدأت بعد ارتفاع مؤشر رئيسي لأسعار المستهلك، ويستبعد الغذاء والطاقة، بنسبة أقل من المتوقع في ديسمبر، مما يمثل أول خطوة نحو الانخفاض في ستة أشهر من الارتفاع المستمر. رحب صناع السياسات النقدية بالتقرير، لكنهم قالوا إنهم بحاجة إلى اتخاذ مزيد من الإجراءات لخفض التضخم إلى هدفهم البالغ 2%.
ضغوط ترمب على باول
قد يُطلب من باول أيضاً الرد على أحدث انتقادات وجهها ترمب إلى الاحتياطي الفيدرالي، حيث قال الرئيس الأميركي في 23 يناير: “أعتقد أنني على دراية بأسعار الفائدة أفضل منهم بكثير (مسؤولي الاحتياطي)، وأعتقد بالتأكيد أنني أفهمها أفضل بكثير من الشخص المسؤول أساساً عن اتخاذ هذا القرار”، في إشارة واضحة إلى باول.
لم يرد باول سابقاً على انتقادات ترمب بشأن السياسة النقدية، لكن التصريحات التي أدلى بها ترمب في الأسبوع الأول لعودته إلى منصبه، تشير إلى أن رئيس الاحتياطي الفيدرالي قد يواجه ضغوطاً أكبر من أي وقت مضى من الإدارة الجديدة.
كتب مايكل فيرولي، كبير خبراء الاقتصاد الأميركي لدى “جيه بي مورغان تشيس آند كو”، في مذكرة بحثية عبر البريد الإلكتروني يوم الجمعة: “من المرجح أن يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى التعامل مع جهود ترمب للتأثير على السياسة النقدية، سواء من خلال تعيينات وربما عبر جهود أخرى لممارسة المزيد من النفوذ على البنك المركزي”. وتوقع أن يكون اجتماع هذا الأسبوع “بداية مملة لعام مضطرب بالنسبة لبنك الاحتياطي الفيدرالي”.