العملات المشفرة: دخول تدريجي إلى عالم التسوق

تواصل العملات الرقمية المشفرة اكتساب شعبية متواصلة كأداة للتعاملات الشرائية في مجالات مختلفة، بدء من شركة تسلا التي أعلنت عن سياراتها مقابل العملات المشفرة، كما يعتمد شراء الرموز غير القابلة للاستبدال “NFT” باستخدام عملة مشفرة أيضا، وهناك توسع في استخدام العملات هذه العملات بشكل أكبر في المستقبل، حيث تشكل حاليا ما قيمته 1.6 تريليون دولار.

كما أعلنت روسيا، أخيراً أنها تدرس قبول عملة بيتكوين كوسيلة لدفع أثمان صادراتها من النفط والغاز، في ظل العقوبات الغربية التي فرضت عليها بسبب الحرب في أوكرانيا.

ويرى متابعون أن هذه العملات قد تتحول في المستقبل إلى بديل للعملات الورقية بشرط أن تتوفر فيها عملية التقنيين وتتحول من التعاملات الفردية التي تحدث حاليا إلى النظام المؤسسي وأن تدخل إلى النظام المالي العالمي.

الحاجة إلى التقنين

الخبير الرقمي محمد فتحي، قال إن انتشار العملات الرقمية عالميا مرتبط باعتراف البنك الفيدرالي الأميركي بها، مما يعطيها الشرعية والرقابة القانونية عليها، ودون حدوث هذا الأمر سيكون الأمر في غاية الصعوبة وسيخضع لقرارات كل دولة من حيث إتاحة أو منع التعامل بالعملات المشفرة.

وأضاف فتحي، أن الرقابة حتى الآن في التعدين هي مشفرة ولا يستطيع أحد التحكم بشكل منفرد في تعدين العملات، والحكومات لا تشارك فيها عبر البنوك الحكومية.

وتابع أن “قرار الشركات التي أعلنت تعاملها بالعملات المشفرة هو أمر خاصة بها، حيث أنها تطمح إلى تحقيق الربح عبر الاستثمار في شراء هذه العملات ثم إعادة بيعها بشكل أكبر مما يحقق لها أرباح طائلة في وقت قصير، مثلما حدث مع شركة تسلا”.

مخاطر كبيرة

الخبير الاقتصادي، وضاح الطه، يرى أن المخاطر الخاصة بالعملات المشفرة هي من أين تكتسب تلك العملات قيمتها، حيث أن سوق العملات يحتوى حاليا على 10200 عملة لا نعرف منهم إلا رقم ضئيل، وهناك أيضا مخاوف من أن نظام التشفير هذا قد يساعد في عمليات غسيل الأموال ونقلها من جهة إلى أخرى بشكل غير قانوني، كما أنها تعاني من شدة التذبذب في قيمتها خلال فترات قصيرة، إضافة إلى عدم وجود احتياطي يساعد في تقييم السعر، وقيمة العملة مستمدة من الإقبال عليها فقط.

ويضيف الخبير الاقتصادي، أن عملة مثل “بيتكوين” متاح منها 21 مليون قطعة، المصدر منها 18 مليون فقط، إضافة إلى أنها عملة تستهلك طاقة بشكل كبير للغاية، وهي مقيمة بهذه القيمة العالية بسبب كثرة المؤسسات التي تعرض بيع منتجاتها بهذه العملة، في ظل عدم توفر عدد كبير متاح منها وفق مبدأ العرض والطلب، فالطلب كبير عليها في وقت أن أعدادها محدودة.

وهو ما يتفق معه، الخبير الرقمي محمد فتحي، الذي أشار إلى أن أسعار العملات المشفرة متغيرة بشدة لأن عملية تعدينها وإنتاجها بطيئة جدا، حيث تخضع لعمليات حسابية معقدة ولوغاريثمات كثيرة وشفرات طويلة تتطلب استخدام أجهزة كبيرة ونظم برمجه وأفراد يعملون عليها من أجل إنتاج بيتكوين واحدة، في ظل زيادة الطلب عليها وهذا هو الأمر الذي يستبب في بلوغ هذه العملات مستويات قياسية.

استهلاك الطاقة

مؤسس موقع “ديجيكونوميست” والخبير في العملات المشفرة، أليكس دي فريس، قال إن الحاسبات المعقدة التي تحتاجها عملية تعدين البيتكوين، لا تُستخدم في أغراض أخرى، ما يعني استهلاك إضافي للطاقة.

ووجدت ورقة من عام 2018 من معهد أوك ريدج في أوهايو أن تعدين عملة بيتكوين بقيمة دولار واحد تستهلك 4.7 كيلوواط من الطاقة، أي أكثر من ضعف كمية الطاقة اللازمة لتعدين النحاس والذهب والبلاتين بقيمة دولار واحد.

وذكرت دراسة أخرى من المملكة المتحدة، نُشرت في العام الماضي، أن طاقة الحاسب المطلوبة للتعدين تضاعفت أربع مرات في عام 2019 مقارنة بالعام السابق له، وأن التعدين كان له تأثير في الأسعار في بعض أسواق الطاقة والمرافق.

ووفق دراسة أجريت من قبل مؤشر استهلاك البيتكوين للكهرباء بجامعة كامبريدج، فإن الآلات التي تستخدم العملة المشفرة تتطلب طاقة أكبر من تلك التي تستهلكها هولندا، البلد الذي يبلغ عدد سكانه أكثر من 17 مليون نسمة.

سوق متذبذب

وتحتل الصين حالياً نسبة كبيرة في تعدين البيتكوين، حيث يوجد أكثر من 65 بالمئة من عمال تعدين البيتكوين في الصين، تليها الولايات المتحدة وروسيا بنسبة 7 بالمئة.

أستاذ التمويل والاستثمار بالقاهرة الدكتور مصطفى بدرة، يقول إن “مرجعيات سوق العملات الرسمية مرتبطة بعدة عوامل، من بينها الأداء الاقتصادي للدولة صاحبة العملة.. وكذا مرجعيات سوق النفط، الذي يتحدد سعره بناءً على منظومة الأوبك وحجم العرض والطلب سواء بالزيادة أو النقصان.. لكن الوضع مختلف في سوق العملات الرقمية التي تتفاقم فيها عملية المضاربة وعادة ما يكون المشجعين لارتفاعاتها والترويج لها أنها آمنة هم المضاربون أنفسهم”.

ويضيف بدرة، أن “نسبة المخاطرة المرتفعة في تلك العملات تأتي أيضاً من إمكانية تدخل العنصر البشري بصورة مباشرة فيها، سواء بالتحويلات أو الأنشطة والعمليات غير المقننة دولياً، وهو ما يفسر تراجعاتها ثم ارتفاعاتها المفاجئة”.

الكابيتال كونترول هدية ملغومة أو إصلاح بنّاء؟

«الكابيتـال كونترول» هو مجموعة ضوابط وقيود إستثنائية ومؤقتة تضعها الحكومة ويقرّها مجلس النواب بموجب قانون لضبط تهريب الرساميل والعملات في الأزمات لتحقيق الإستقرار النقديّ والماليّ، والحدّ من حالات الهلع والذعر.

جاء المشروع الأخير لقانون الكبيتال كونترول متأخراً كثيراً، بعد اكثر من سنتين ونصف السنة من المراوحة وضياع الوقت بسبب عدم الواقعية بالدرجة الأولى، وايضا لأسباب مشبوهة وخصوصاً لطمر الرأس في التراب وعدم مواجهة وعدم إدارة أكبر أزمة إقتصادية في العالم.

 

لا شك في أنّه لا يوجد مشروع «الكابيتال كونترول» ومن المستحيل إقرار مشروع ينال موافقة ودعم جميع الأفرقاء. فبعد مرور فترة زمنية طويلة على بداية الأزمة، إن الهدف الأساسي هو ضبط العملات الصعبة في البلاد شرعياً ورسمياً وعادلاً، وعدم تحويلها الى الخارج باستثناء ما هو مرتبط بالقضايا الإستشفائية والضرائب والتعليم وخصوصا التجارية والصناعية. لكن المهم عدم المَس بما يسمّى «الفريش كاش» وعدم إقرار أي ضوابط عليها لأن ذلك سيُهرب كل المستثمرين والاستثنارات.

 

من جهة أخرى من المهم جداً أن يكون هناك لجنة لتنفيذ وملاحقة هذا المشروع مكوّنة من مدقّقين مستقلين دوليين وليس من أصحاب المصالح الداخلية.

 

كما يجب أن يتزامن هذا المشروع مع إعادة هيكلة المصارف وعودة الثقة بالقطاع المصرفي لأنه من دون القطاع المالي والنقدي لا يوجد إقتصاد ولا تبادل تجاري ولا تصدير ولا إستيراد. الجدير بالذكر أيضاً أن على هذا المشروع أن يُطبّق لفترة محددّة وإستثنائية تتزامن مع إصلاحات جديّة، وليس لفترة طويلة، وأن يكون محفّزاً للإقتصاد، فلا يتعارض مع النظام الليبرالي الحرّ الذي يتمتع به ويعتمده لبنان، وأن يُقيم المساواة بالتعامل بين كل اللبنانيين، ونشدد على اننا متمسكون بالاقتصاد الحر والتبادل التجاري وسنواجه اي محاولة لجَرّنا الى اقتصاد موجه لا يشبه لبنان ولا تاريخنا ولا جذورنا.

 

فالكابيتال كونترول هو شر لا بد منه لكن الشيطان يكمن في التفاصيل، أما في لبنان فيكمن أيضاً بالتنفيذ والملاحقة.​

د. فؤاد زمكحل

 

في الاستدامة: العلم قبل المال!

مما سيُعين على تطوير العمل المناخي على أرض الواقع والوفاء بالتعهدات الدولية الملزمة، الاستفادة من أهل العلم من الباحثين والخبراء الذين تذخر بهم الجامعات ومراكز البحث. فلم يُرشد الناسَ ابتداءً بالكوارث المناخية المحدقة بهم إلا دراساتُ العلماء التي حذّرت مبكراً من استحالة استمرار انتهاك الطبيعة، التي تؤوي الناس، على هذا النحو الجائر.
فقد قدم العلماء الدلائل على مخاطر تجاهل آثار الانبعاثات الضارة بالمناخ والبيئة، وأن الطبيعة بما يجري فيها من زيادة حدة الفيضانات والأعاصير وانتشار حرائق الغابات وأزمات التصحر والجفاف بضحايا من البشر وخسائر في الممتلكات، وأضاع العالم بتزكية نفر من المنتفعين بالأوضاع القائمة عقوداً طويلة دون اتخاذ إجراءات حاسمة بين متجاهل ومنكر، وعندما تبين الخطر للعيان سادت حالات الارتباك المعتادة في مواجهة الأزمات التي لم يحسن التوقي منها، واستحال الارتباك إلى فوضى مع مشكلات في إدارة التحول خصوصاً في ملفات الطاقة وتأمين الوقود التي استفحلت مع الأزمة الأوكرانية الأخيرة. ولم تكن هذه الحالة الأولى طبعاً التي يدفع فيها ثمن الأزمات البريءُ قبل المذنب، ولن تكون الأخيرة.
وكأن الطبيعة تستصرخ الناس لوقف تخريبها منذرةً بكوارث أكبر تلحق بأسباب الحياة والمعيشة إذا لم تتخذ إجراءات عاجلة. ومن أهم هذه الإجراءات ما يلزم اتّباعه لتخفيض درجة حرارة الأرض بألا تتجاوز 1.5 درجة مئوية عمّا كانت عليه مع بداية الثورة الصناعية. ومن المعلوم أن اتفاق باريس بشأن المناخ الذي أبرمته حكومات العالم قد اكتفى بألا تتجاوز هذه الزيادة درجتين مئويتين، ولكن الدراسات العلمية الأحدث ذهبت إلى أن هذا يعد مخاطرة كبرى، خصوصاً مع الارتفاعات المتزايدة لدرجة حرارة الأرض لتصل بالفعل إلى نحو 1.1 درجة مئوية عمّا كانت عليه قبل الثورة الصناعية.
ومن الجدير بالذكر أن التعهدات المقدَّمة من الدول إلى سجلات الأمم المتحدة من شأنها أن ترفع درجة حرارة الأرض إلى مستويات خطيرة بزيادة قدرها 2.7 درجة مئوية، وأن ما أُعلن من وعود جديدة في جلاسجو في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في شهر نوفمبر الماضي سيصل إلى تخفيض لن يتجاوز 1.8 درجة مئوية، هذا إذا ما تحققت الوعود والتزم أصحابها بالوفاء بها، وكالمعتاد يقل الوفاء بالعهد في غياب الشفافية، فمن أَمِن العقوبة أساء العمل واستمرأ في غيّه بوعود أخرى كسابقاتها.
وقد عمت الشكوى من نقص المعايير التي يمكن الاحتكام إليها في التقييم والمقارنة وانتشرت ظاهرة ما يُعرف «بالغسل الأخضر» بادّعاء شركات ومؤسسات مالية وجهات أخرى بالتزامها التعهدات المناخية ثم يتبين اختراقها لهذه التعهدات. فعلى سبيل المثال نشرت صحيفة «الفاينانشيال تايمز» اللندنية أن أكثر من 2900 صندوق استثماري حول العالم يدير أصولاً مالية تقدَّر بنحو 2.7 تريليون دولار. وأن معيار جذب هذه الأصول المالية هو أن تتحرى قواعد الاستثمار المؤثر إيجابياً على البيئة والمجتمع فيما يُعرف اختصاراً بحروف «إي إس جي» باللغة الإنجليزية في إشارة إلى التزامها الاعتبارات البيئية والاجتماعية فضلاً عن الحوكمة. وقد شهدت تعبئة الأموال في هذه المجالات طفرات مع إعلان كثير من هذه الصناديق توافقها أيضاً مع أولويات العمل المناخي والاستدامة. ومع زيادة الإقبال على هذه الاستثمارات وإدارة الأصول المالية ازدادت مكاتب الاستشارة العاملة في التصنيف لترتيب أهمية وفرص الاستثمارات المتاحة حول العالم وجدارة صناديق الاستثمار العاملة في هذا المجال. ولكن يعيب مكاتب التصنيف الاستشارية هذه أن لكل منها منهجاً مستقلاً وأساليب مختلفة للتقييم بما يعقِّد من عمليات المقارنة، فمن الممكن أن يصنَّف أصل مالي أو استثمار في مشروع تصنيفاً عالياً وفقاً لتصنيف أحد المكاتب الاستشارية ويخفق في أخرى بما يضلل المستثمرين ويصيب عموم الناس بالحيرة أيُّ الصناديق أفضل أداءً. كما تشير دراسة من خبراء مدرسة سلون للإدارة بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا إلى أن هذه التضاربات والاختلافات في أسس التقييم والتصنيف من شأنها أن تقف حجر عثرة في سبيل التطوير وتحسين الأداء في غياب اتفاق على طبيعة الإجراء الذي من شأنه الارتقاء بالأداء أو تخفيض المخاطر.
وقد جدَّ جديد فيما يتعلق بتعهدات القائمين على الشركات والمستثمرين والمدن والأقاليم بشأن تغيرات المناخ، وهي المجموعة التي تشكِّل مع غيرها من الأطراف غير الحكومية الزخم العملي والتنفيذي خارج الدوائر الحكومية المعنية الإطارَ الرسمي للتفاوض. فقد تشكلت مجموعة خبراء دولية من الأمم المتحدة لمتابعة التعهدات المناخية والتحقق منها، إدراكاً لأنه لا سبيل للتعامل مع هذه التحديات المتعلقة بالتعهدات وتنفيذها وجودة الاستثمار فيها إلا بالاتفاق على المفاهيم والمعايير والإجراءات واجبة الاتباع للتعامل تطبيقياً مع هذه الاستثمارات بالتعرف على مجالاتها ومدى توافقها مع ما تعلن عنه والإفصاح عنه.
وقد شكَّل مجموعةَ الخبراء الدولية الأمينُ العام للأمم المتحدة لمتابعة تعهدات الحياد الكربوني من المؤسسات والأطراف غير الرسمية. وضمت عدداً من الخبراء المرموقين في مجالات العمل المناخي والبيئي والتمويل والتنمية والرقابة، وتم اختيار وزيرة البيئة والمناخ السيدة كاثرين ماكينا، لرئاسة المجموعة التي ستُصدر توصياتها قبل نهاية هذا العام في المجالات الأربعة الآتية:
أولاً، مراجعة المعايير والمفاهيم المعمول بها في تحديد أهداف الحياد الكربوني وتخفيض الانبعاثات الضارة بالمناخ إلى الصفر.
ثانياً، الأسس المستند إليها في تحديد أهداف الحياد الكربوني وتخفيض الانبعاثات الضارة، وأساليب القياس والإفصاح.
ثالثاً، الخطوات العملية المتخَذة للتحقق من سلامة الإجراءات والحساب الدقيق لتحقيق الأهداف المعلنة عن الحياد الكربوني.
رابعاً، التعرف على خريطة الطريق لترجمة المعايير والأسس المتفق عليها لقواعد رقابية دولية ووطنية.
وحريٌّ بهذه المجموعة أن تستعين بالكفاءات والخبرات التي تتباهى بها الجامعات ومراكز البحث المرموقة ضماناً للاستفادة من مستجدات العلم واحترامه للحقائق والأدلة. ولعلنا ونحن بصدد الإعداد لقمة جديدة للمناخ في نوفمبر المقبل في شرم الشيخ نبني على إسهامات التجمعات العلمية في مساندة قمة جلاسجو السابقة. ومن هذه الإسهامات ما كان من شبكة الجامعات لقمة المناخ التي كانت برئاسة مشتركة لأستاذتين مرموقتين هما إميلي شوكبرغ بجامعة كمبريدج، وإليسا غيلبرت بكلية لندن الإمبراطورية، ومعهما لفيف معتبَر من خبراء وباحثي المعاهد والجامعات العلمية.
فإذا أُتيحت الفرصة لمؤسسات البحث العلمي تجدها لا تتوقف بفرقها المتخصصة عند تشخيص الداء لأسباب تدهور المناخ، بل تطوّر حلولاً عملية للتخفيف من الانبعاثات الضارة وتخفيض ملوثات البيئة والتكيف مع آثار ما لحق بالمناخ من أضرار. وأصبحت هناك بدائل تكنولوجية مجدية منخفضة التكلفة لمصادر الطاقة ووسائل النقل وتطوير التجمعات العمرانية والتوسع في التصنيع والزراعة، وجاء ذلك كله بفضل الاستثمار في رأس المال البشري وفي البحث العلمي وتعزيز تعاونه مع قطاعات الإنتاج والأعمال في تحويل التجارب المعملية إلى مشروعات واسعة النطاق، وتحقيق طفرات في جهود العمل وإرشاد صانع القرار السياسي ومتابعة المستجدات في مجالات الاستثمار والوفاء بالتعهدات خصوصاً في مجالات التكيف التي عانت من إهمال في السياسات والاستثمارات المطلوبة في إدارة المياه وتوفير الغذاء وحماية البنية الأساسية والمناطق الساحلية وبرامج التنمية الريفية والحضرية.
تتيح جهود تحقيق التنمية المستدامة، التي تتضمن التصدي لتغيرات المناخ، فرصاً كبرى لمشاركة دوائر العلم والبحث في تقديم الحلول العلمية وتطوير السياسات ورفع كفاءة المؤسسات التنفيذية من حيث تبدأ المشكلة وتنتهي على المستوى المحلي، وكذلك على مستوى الدولة والمستويين الإقليمي والعالمي. عندما تستقر هذه الحلول العلمية وتُمكَّن من القيام بدورها سيكون التمويل الهائل المطلوب لتحقيق أهداف التنمية وحماية البيئة والمناخ أكثر اطمئناناً على مساراته أن تَضل أو تُضلَّل.

 

د. محمود محيي الدين

اقتصادي مصري

تصنيف لبنان من الدول الأكثر فشلاً في العالم … بالارقام

يبدو وكأنّ الدولة اللبنانية أو ما تبقّى من اشلائها منهمكة في أمور قد تكون أكثر أهمية مما نحن عليه الآن، لاسيما وأنّ المحادثات مع صندوق النقد ورغم تقدّمها الخجول، ومعضلة الكهرباء التي ما زالت تفتش عن حلول آنية، غير جدّية.

قد يكون تصنيفنا من الدول الأكثر فشلاً في العالم بعد السودان واليمن والصومال ليس بالشيء الغريب، لاسيما وأنّ المسؤولين عندنا في الدولة العتيدة غير مسؤولين إلّا عن خرابنا وانهيارنا، وباتوا يشكّلون عبئاً كبيراً يستلزم ثورة جدّية تطيحهم كلهم وأعني كلهم. وإذا كانت الأرقام تعبّر ولو بالشكل عن واقع الحال، فإنّ واقعنا مرير وأرقامنا باتت واضحة للعيان.

 

– من حيث الفشل، وحسب أرقام 2021 نحن في المركز 34 دولياً.

– من حيث مشكلة اللاجئين، لدينا 1.7 مليون لاجئ، وهي أكبر نسبة عالمية قياساً إلى مساحة البلد وعدد سكانه.

– من حيث الدين العام بات يشكّل 161 بالمائة من الناتج المحلي.

– من حيث الخدمات العامة، تجاوز انقطاع التيار الكهربائي الـ20 ساعة في النهار وبالتحديد 22 ساعة.

– من حيث تهريب الأموال للخارج، فقد تخطّت نسبتها 9 مليارات دولار، وكلها تعدّ لأصحاب النفوذ من سياسيين وأصحاب مصارف وقلة قليلة من المودعين.

– من حيث الفساد، نعدّ من أكثر الدول فساداً، فمرتبتنا 154، وتعدّ هذه المرتبة من أعلى المراتب.

– من حيث التصنيف من قِبل مؤسسات التصنيف العالمية فنحن بمستوى C وD .

– من حيث التضخم، أصبحت مستوياته في مرحلة الخطر وتخطّى عتبة الـ200%.

– من حيث البطالة، فقد تكون الأرقام خيالية، ولكنها وحسب مركز الإحصاء 6.5%، وفي الواقع قد تكون تخطّت الـ60%.

– من حيث الدول المستدينة، نأتي في الدرجة الثالثة بعد اليابان واليونان، علماً أنّ اليابان عندها اقتصاد قوي، واليونان بدأت سداد ديونها لصندوق النقد الدولي، وعلماً أنّ لبنان وحسب إحصاءات 2020 بلغ معدل ديونه 61.8% مقارنة بالناتج المحلي.

 

كلها معلومات دولية وإحصاءات يمكن الركون إليها، كون الإحصاءات اللبنانية غير موجودة وغير متفق عليها، وكأنّها مشكلة وجب حلّها وليست واقعاً وجب تحديده.

 

الدول الفاشلة تشمل سلسلة واسعة من الحالات: ضعيفة بطبيعتها بسبب قيود جغرافية أو مادية أو اقتصادية – قوية أساساً ولكنها ضعيفة مؤقتاً، أو ظاهرياً بسبب العداوات الداخلية أو عيوب الإدارة، الجشع والفساد وإمّا خليط من الإثنين، وهذا ما ينطبق فعلاً على لبنان، لاسيما مع حدود غير مضبوطة ووضعية هشة وسوء في الإدارة وجشع وفساد، وأقل ما يُقال فيه أننا أصبحنا في جمهورية الموز .

 

وفي تصنيف الدول الفاشلة، هو أنّ الحكومات أصبحت غير قادرة على توفير الوظائف والمسؤوليات الأساسية لدولة ذات سيادة، مثل الدفاع العسكري أو تطبيق القانون أو العدالة أو التعليم أو الاستقرار الإقتصادي. وكلها أمور مشكوك في أمرها. لبنان لا يطبّق القانون العادل بل القانون الاستنسابي، وهو يُطبّق على بعضهم ويستثني البعض الآخر، ولا الإستقرار الإقتصادي موجود ولا أدنى مقومات العدالة والتعليم والطبابة متوفرة، وفي حالات كهذه تفقد الدول مقوماتها البديهية وتدخل في متاهة الانحلال.

 

والأهم يبقى أنّ الدول الفاشلة تفقد ثقة الناس، وتعاني من الفساد والفقر والبنية التحتية المتداعية وعدم الكفاءة القضائية والتدخّل الميليشياوي في السلطة والقضاء. وخير مثال على هذه الدول اليمن، التي تُعتبر منذ العام 2019 الدولة الأكثر فشلاً في العالم، تليها الصومال وجنوب السودان وسوريا وحالياً لبنان. وأبسط الأمور أننا أصبحنا دولة مفلسة غير قادرة على تأمين أدنى مقومات الحياة الكريمة، لاسيما مع الضغوطات الديمغرافية (الإمدادات الغذائية والوصول الى المياه الصالحة للشرب) مع التدخّل الخارجي وتأثير الجهات الخارجية السرية والعلنية. والخدمات العامة الأساسية وحقوق الإنسان وسيادة القانون، كلها أمور غائبة.

 

بالإضافة الى مؤشرات الانهيار الإقتصادي والتنمية غير المتكافئة وعدم المساواة في الداخل، أضف إلى ذلك هجرة الأدمغة والانقسامات في فئات المجتمع. ويبدو أنّ تسلسل لبنان في مؤشر هشاشة الدولة العام يتراجع بشكل مخيف، مع انهيار مالي كامل وسقوط آخر حصن في ميزات لبنان، القطاع المصرفي، وعدم قدرة البنك المركزي على المواجهة ومع إصداره تعاميم فاقت المعقول.

 

وإذا كان مؤشر الدول يعتمد على 12 مؤشراً إجتماعياً – إقتصادياً وسياسياً، بما في ذلك الضغوط الديمغرافية والفقر والتدهور الإقتصادي وشرعية الدولة وحقوق الإنسان وسيادة القانون والنخب المنقسمة والتدخّل الخارجي، نرى أنّ ذلك ينطبق حرفياً على لبنان، كوننا استوفينا جميع الشروط.

 

ومن الواضح أنّ هناك حاجة إلى مبادرات جديدة تتخطّى نطاق صندوق النقد الدولي – تكون مبتكرة وجذرية، حيث تنتقل البلدان من حالة الفشل إلى حالة الإستقرار – وقد لا يكون ذلك في ظل رهبة السلاح المتفلت والجماعات الإرهابية، مما يؤدّي من بين أمور أخرى إلى مستنقع محفوف بالمخاطر يستدعي تدخّل القوى الأجنبية لرعاية الدولة الفاشلة وقد تكون الأمم المتحدة الشرعية، الوحيدة في هذه الحال.

 

بقي القول إننا في مرحلة زوال لكيان الدولة، وسببها زمرة سياسية فاشلة غلّبت مصالحها الخاصة على مصالح البلد. وقد نكون بحاجة لاستفتاء عام عن أي لبنان نريد، وقد تكون الفيدرالية واحدة منها، كوننا أستوفينا جمبع شروط الدول الفاشلة وبالأرقام.

بروفسور غريتا صعب

الدولار يرتفع بسبب توقعات رفع سعر الفائدة..و الإسترليني يتراجع لأدنى مستوى منذ 18 شهرا بعد بيانات اقتصادية متشائمة

ارتفع الدولار إلى أعلى مستوى منذ أكثر من عامين الجمعة 22 أبريل نيسان، مواصلاً الحصول على دعم من تصريحات رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول الخميس 21 أبريل نيسان، والتي دعمت تقريباً رفع سعر الفائدة نصف نقطة مئوية خلال اجتماع السياسة الشهر المقبل.

ووصل مؤشر الدولار الذي يقيس قيمة العملة الأميركية أمام 6 عملات رئيسية لأعلى مستوى له منذ مارس آذار 2020 عندما سجل 101.6، وارتفع مؤشر الدولار في أحدث تعاملات 0.4%إلى 100.99، كما ارتفع الدولار حتى الآن هذا العام 5.75%.

وقال باول إن زيادة سعر الفائدة نصف نقطة “ستكون مطروحة” عندما يجتمع البنك المركزي الأميركي في 3و4 من مايو أيار.

وفي أوروبا، انخفض اليورو 0.4% إلى 1.0793 دولار بعد أن أرسل مسؤولو البنك المركزي الأوروبي إشارات متضاربة بشأن السياسة.

وقالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد إنه قد يتعين على البنك خفض توقعاته للنمو وذلك بعد يوم واحد من انضمام نائب رئيس المركزي الأوروبي لويس دي جيندوس إلى عدد متزايد من صانعي السياسة في البنك المركزي الأوروبي في الدعوة إلى إنهاء مبكر لبرنامج شراء الأصول إلى جانب رفع سعر الفائدة في يوليو تموز.

وتراجع الجنيه الاسترليني 1.4% أمام الدولار إلى 1.2844 دولار أميركي بعد هبوطه لأدنى مستوى منذ أكتوبر تشرين الأول 2020 عندما سجل 1.2839 دولار.

واستقر الين أمام الدولار عند 129.37 لكنه لا يزال قريباً من أدنى مستوى له منذ أبريل نيسان 2002 والذي وصل إليه يوم الأربعاء عندما سجل 129.43 ين أمام الدولار.

من جهة اخرى انخفض الجنيه الإسترليني يوم الجمعة إلى أدنى مستوى له مقابل دولارمنذ أواخر عام 2020 بعد أن أشارت بيانات متشائمة بشأن مبيعات التجزئة وبيانات ثقة المستهلكين إلى أن النمو الاقتصادي في بريطانيا يواجه مخاطر.

وهبط الجنيه الإسترليني إلى ما دون 1.29 دولار للمرة الأولى منذ نوفمبر تشرين الثاني 2020 ليصل إلى أدنى مستوى عند 1.2858 دولار. وتراجع 1.2 بالمئة في أحدث تعاملات يوم الجمعة ويتجه لأكبر انخفاض في يوم واحد خلال شهرين.

كما انخفض الإسترليني مقابل اليورو إلى أقل مستوياته منذ الرابع من أبريل نيسان، وانخفض في آخر مرة بأكثر من واحد بالمئة إلى 84.03 بنس لليورو، في أسوأ يوم له مقابل اليورو منذ سبعة أشهر.

 

وتراجعت مبيعات التجزئة البريطانية 1.4 بالمئة في مارس آذار مقارنة بشهر فبراير شباط، وهو ما يزيد كثيرا عن توقعات بانخفاضها 0.3 بالمئة في استطلاع لرويترز.

وانخفضت معنويات المستهلكين البريطانيين إلى ثاني أدنى مستوى لها على الإطلاق منذ بدء تسجيل البيانات قبل ما يقرب من 50 عاما، مع تفاقم أزمة تكاليف المعيشة التي أثرت سلبا على ثقة الأسر في الاقتصاد.

رئيس المركزي الأمريكي: زيادة الفائدة 0.5% “على طاولة” اجتماع مايو

قال رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) جيروم باول يوم الخميس إن زيادة سعر الفائدة نصف نقطة مئوية ستطرح “على الطاولة” عندما يجتمع المجلس في الثالث والرابع من مايو أيار للموافقة على الزيادة التالية فيما يُتوقع أن تكون سلسلة من زيادات أسعار الفائدة هذا العام.

وتشير تصريحات باول إلى مجموعة من الإجراءات القوية للبنك المركزي الأمريكي فيما يتعلق بالسياسة.

وقال باول في مناقشة بشأن الاقتصاد العالمي في اجتماعات صندوق النقد الدولي، إنه مع بلوغ التضخم ثلاثة أضعاف هدف مجلس الاحتياطي الاتحادي البالغ اثنين بالمئة، “فمن المناسب التحرك بسرعة أكبر قليلا… وستكون خمسون نقطة أساس مطروحة على طاولة اجتماع مايو”.

وأضاف باول أنه يشعر أن المستثمرين الذين يتوقعون حاليا سلسلة زيادات بواقع نصف نقطة “يتفاعلون على نحو متناسب بشكل عام” مع معركة المجلس الناشئة ضد ارتفاع الأسعار.

يتوقع المتعاملون في العقود المرتبطة بسعر الفائدة على الأموال الاتحادية لليلة واحدة حاليا أن يعمد المجلس إلى رفعها إلى نطاق يتراوح بين 2.75 وثلاثة في المئة بحلول نهاية العام، وهي وتيرة من شأنها أن تنطوي على زيادات بمقدار نصف نقطة في ثلاثة اجتماعات مقبلة وزيادات ربع نقطة في الجلسات الثلاث الأخرى في العام.

وقال باول “نحن ملتزمون حقا باستخدام أدواتنا لخفض التضخم”، معترفا بأن أمل مجلس الاحتياطي الاتحادي في ذلك أثناء معاودة الفتح بعد إغلاق كورونا كان في غير محله حتى الآن- لدرجة أن المجلس، على سبيل المثال، لم يعد يعتمد على المساعدة من تحسن سلاسل التوريد العالمية.

وأضاف “كنا نتوقع أن التضخم سيبلغ ذروته في هذا الوقت وينخفض ​​على مدار بقية العام ثم أكثر… هذه التوقعات خابت في الماضي. نريد أن نرى تقدما حقيقيا… لن نعتمد على المساعدة من زيادة المعروض. سنرفع أسعار الفائدة والوصول بسرعة إلى مستويات أكثر حيادية”، ثم سنرفعها أكثر إذا لزم الأمر.