تقنين التحويلات من وإلى لبنان يلغي صفة الاقتصاد الحر

حضرة الوزير #سعاده الشامي يعتب على #مجلس النواب لعدم مناقشته مشروع الكابيتال كونترول – اي التحكم بالتحويلات من والى لبنان – ويعتبر ان اقرار مشروع القانون حيوي للوصول الى اتفاق مبدئي مع بعثة #صندوق النقد الدولي المنتظرة قريبًا.

اننا نؤكد ان مشروع تقنين التحويلات من والى لبنان غير حيوي لنيل موافقة صندوق النقد على توفير معونة للبنان تزيل شبح الافلاس الذي يخيم على صورة البلد.

 

ان التعرض للتحويلات، سواء لاستيراد ما هو ضروري، ومستوردات لبنان انخفضت عام 2021 بنسبة 50%، لكن هذا الانخفاض لن يستمر لان اسعار النفط والقمح والادوية ارتفعت، ومنذ حكومة حسان دياب والتقدم متوقف. والتوقف كان بسبب العرقلة بوجه تمام سلام او سعد الحريري لاسباب نفسية لدى الرئيس ميشال عون ومستشاريه الاساسيين.

الاندفاع الى الموقع السياسي يبعد التفكير الصحيح من اذهان السياسيين، فصندوق النقد لا يعتبر ان تقييد التحويلات من والى لبنان هو القضية، بل اعلن ان الاولوية هي للاصلاح، واول خطوة يمكن تحقيقها هي جدولة الدين العام المختصرة باليوروبوند، والتي يبلغ اصلها 34 مليار دولار مع فوائد ترفعه الى 37 مليارا. ولدى الحكومة والوزراء المعنيين مشروع للجدولة وضعه خبير لبناني شارك في تطوير 80 مشروعًا تحقق تنفيذها لبلدان عديدة منها الارجنتين والاوروغواي واليونان الخ. ولو بدأت مساعي جدولة الدين لكانت المستحقات ما قبل سنتين من الاعفاء عن الفوائد انخفضت بنسبة 20-25% على حسابات الدين العام.

حضرة نائب رئيس مجلس الوزراء، جدولة الدين توفر فرصة تنفس واقرار خطة اصلاحية لم نرَ او نسمع بتباشيرها.

ربما لا يعلم الوزير الشامي ان التحويلات الى لبنان، بعد تخليه عن الربط مع العملة السورية عام 1951 تدفقت من سوريا، والعراق، ومصر بسبب قوانين التأميم وما يسمى اقتصاد الممانعة… ولا احد يفسر الممانعة، هل هي التصدي لاسرائيل التي اصبح دخلها القومي مساويًا لدخل دول النفط العريقة؟

وهل يدرك الوزير العتيد ان تقييد التحويلات لطلاب العلم يقيد البلد، ولبنان انتعش بسبب المتعلمين والمتمكنين باقتصادات الممانعة، وكل الممانعة، ممانعة التحقق من اسباب ونتائج الثروات.

وترى هل يعلم ان التحويلات من قِبل السياسيين ومنهم من هو معهم في الحكومة، بلغت بعد تظاهرات 17 تشرين الاول 2019 7-8 مليارات دولار، وهل هم على استعداد لتحويل بعض ما ارسلوه الى الخارج للبنان من جديد؟

والسؤال الاساسي هو: هل يبقى هنالك من سبب لاي ثري عربي لتحويل بعض امواله الى لبنان سواء للاستمتاع بالمناخ الطبيعي والبشري او لاسباب اخرى؟

صندوق النقد لن يوافق على خطوط اصلاحية لا تشمل جدولة الدين بالعملة الاجنبية، واقبال الحكم على تبني خطة كهربائية تبدأ بتنفيذ حقول لانتاج الكهرباء من الالواح الزجاجية كما في الاردن، ومصادرة معدات انتاج الكهرباء التي تفوق طاقتها الـ 10 ميغاواط وتشغّل من قِبل مالكين حققوا ارباحًا هائلة واستوردوا مولدات بطاقة 1600 ميغاواط.

الثقة بلبنان واهله تعود عندما تنخفض اعداد الموظفين عن الـ 350 الفًا، اي ما يساوي نسبة 30% من مجموع الايدي العاملة، وما يقل بقليل عن عدد اللبنانيين المهجرين في بلاد الارض سعيًا لاكتساب المردود المالي وتحصيل الخبرات العملية.

الحقيقة الساطعة ان اقرار قانون التحقق من التحويلات – ولا نتحدث عن التحويلات غير القانونية بسبب طبيعة اعمال اصحابها – يؤدي حكمًا الى دفع لبنان الى واجهة بلدان الممانعة – اي ما هو واقع الامر في سوريا وايران، وكلا البلدين يتمتعان بمعطيات طبيعية لا تتوافر في لبنان، وفي الوقت ذاته تعاني سوريا من مصاعب التضخم وتلاشي القدرة على الاستيراد سوى ما كانت تحققه عبر لبنان سابقًا، وايران تعاني من تردي اوضاع التجهيز العام وتعاظم عدد السكان والحجز على اموال للدولة في الخارج تقدّر بـ 100 مليار دولار.

هل تريد الحكومة دفع لبنان الى صف الدول الممانعة، وما هي بطولات الدولتين الممانعتين؟ رجاء ان تعلمونا عنها، وربما اختصارًا للوقت نشير الى موضوع واضح.

رئيس الوزراء وشقيقه من كبار رجال الاعمال ممن حققوا نتائج باهرة في لبنان والخارج، وكلاهما يتمتع بمقدار من التلكؤ عن تنفيذ مشاريع تختص بالقطاع العام، وان هما سيّرا لسنوات خدمات “ليبان بوست”.

منذ سنوات وحينما تخلى ورثة الشيخ بطرس الخوري عن شركة الكهرباء الخاصة التي كانت تزوّد طرابلس وجزءا ملحوظا من قرى الشمال بالكهرباء، وحينما اعلن الشيخ سليم الخوري نيته ببيع المؤسسة سارع الرئيس نجيب ميقاتي والوزير السابق الذي حقق نتائج كبيرة من عمله في السعودية الى اعلان نيتهما شراء اسهم الشركة ومضاعفة طاقتها الانتاجية، وتحويلها الى منطقة انتاج كهربائي على الغاز المستورد بحرًا.

سارعت منظومة السيطرة على كهرباء لبنان الى شراء المصنع وكلفت المدير العام كمال حايك ادارته، واستمرت الخسائر في التراكم حتى ان وزيرة للطاقة تساءلت في وقت من الاوقات ما اذا كانت المبالغ المستلفة لتغطية الخسائر منحا ام قروضا.

الامتحان هو ما اذا كان مشروع الكابيتال كونترول يشجع رئيس الوزراء على استعادة الاهتمام بالمشروع الذي عبّر عن استعداده سابقًا لتنفيذه، وتخصيص الكهرباء ثاني هدف مطلوب من صندوق النقد الدولي بعد جدولة الدين العام باليوروبوند، ولن يكون هنالك اي التزام آخر قبل إقدام الحكومة على تخصيص الكهرباء وتكليف من هو خبير انهاء مفاوضات جدولة الدين العام الاجنبي. من دون هاتين الخطوتين لا برنامج مع صندوق النقد، وقد ابلغت اللبنانيين ذلك رئيسة الصندوق منذ اكثر من سنة وتقرير البنك الدولي شدد على الاولويات …فهل تستفيق الحكومة ويدرس بعض اعضائها تصريحاتهم غير المدروسة قبل القائها على مسامع اللبنانيين؟

مروان اسكندر