أرشيف التصنيف: التقرير اليومي

صندوق النقد الدولي يخفض توقعات نمو الاقتصاد العالمي ويحذر من زيادة عدم اليقين

خفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي عن العام الجاري و2023، مشيراً إلى أن توقعات الاقتصاد العالمي قاتمة ويشوبها المزيد من عدم اليقين.

وبحسب الصندوق، فإن الناتج المحلي الإجمالي العالمي سيرتفع بنحو 3.2% في العام الجاري وهو مستوى أقل بنحو 0.4% من التقديرات السابقة.

فيما توقع الصندوق نمو الاقتصاد العالمي بنسبة 2.9% في 2023 وهو أيضاً مستوى أقل من التقديرات السابقة بنحو 0.7%.

الصندوق أوضح أن التوقعات المعدلة تشير إلى أن المخاطر الهبوطية التي أشار إليها في تقريره السابق تجسدت الآن، مشيراً إلى أن ارتفاع التضخم العالمي وتباطؤ اقتصاد الصين بصورة أكبر من التوقعات والتداعيات المستمرة للحرب الروسية الأوكرانية ضمن أبرز المخاطر.

وتابع الصندوق: التعافي المؤقت في 2021 تبعه تطورات قاتمة متزايدة في 2022.

وأكد التقرير على أن التباطؤ المتوقع قد يُمثل أول انكماش فصلي في الناتج المحلي الإجمالي العالمي منذ عام 2020.

ودفع تدهور جوانب النمو لدى كل من أميركا والهند والصين الصندوق نحو خفض توقعاته.

ولذلك خفض الصندوق توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة عن العام الجاري بنحو 1.4% إلى 2.3%، كما خفض التقديرات لنمو الاقتصاد في الصين بنسبة 1.1% عند 3.3%.

وفيما يتعلق بالهند، خفض الصندوق تقديراته لنمو الاقتصاد هناك بنحو 0.8% عند 7.4% وذلك بفعل الظروف الخارجية غير المواتية وتشديد السياسة النقدية بصورة أسرع.

وخفض الصندوق توقعاته لنمو اقتصاد منطقة اليورو بنحو 0.2% إلى 2.6%، مشيراً إلى أنه من المرجح تزايد التداعيات بفعل الحرب في أوكرانيا في عام 2023 لا سيما في الاقتصادات الرئيسية في ألمانيا وفرنسا وإسبانيا.

الصندوق رفع التقديرات لنمو اقتصاد روسيا في العام الجاري بنحو 2.5% مشيراً إلى الناتج المحلي الإجمالي سينكمش بنحو 6%.

هذا ويتوقع الصندوق أن يُسجل التضخم لدى الدول المتقدمة مستويات 6.6% في العام الجاري و9.5% في الدول الناشئة والنامية، وهو ما يمثل زيادة في التقديرات بنحو 0.9% و0.8% على الترتيب.

اقتصادات مجلس التعاون الخليجي ستنمو هذا العام بوتيرة أسرع مما كان يُعتقد في السابق

أظهر استطلاع أجرته رويترز لآراء خبراء اقتصاديين أن اقتصادات مجلس التعاون الخليجي المكون من ستة أعضاء ستنمو هذا العام بوتيرة أسرع مما كان يُعتقد في السابق بفضل وفرة في إنتاج النفط، لكن الخبراء توقعوا تباطؤ النمو العام المقبل إلى جانب الطلب العالمي.

وقفزت أسعار النفط الخام، وهي المحفز الرئيسي لاقتصادات الخليج، بنسبة تزيد عن 35 بالمئة هذا العام. ورغم التوقعات بأن تظل مرتفعة فمن المرجح أن يكون متوسط السعر دون 100 دولار للبرميل في العام المقبل.

وتتجه دول الخليج العربية الست وهي السعودية والإمارات والكويت وقطر والبحرين وسلطنة عمان لتحقيق فوائض في الميزانية، بعضها لأول مرة منذ عقد.

وتوقع استطلاع أجرته رويترز خلال الفترة من السادس إلى 20 يوليو تموز أن يبلغ متوسط النمو الإجمالي في اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي الست 6.2 بالمئة هذا العام، ارتفاعا من 5.9 بالمئة التي كانت متوقعة في استطلاع أبريل نيسان. وسيكون هذا الارتفاع هو الأسرع منذ ما يقرب من عقد من الزمن.

لكن من المتوقع أن يتباطأ النمو بسرعة وصولا إلى ما يقرب من نصف هذه الوتيرة عند 3.8 في عام 2023. وهذا أعلى قليلا من الاستطلاع السابق.

وقالت إنصاف المتروك، الخبيرة الاقتصادية المساعدة في بنك الكويت الوطني، إن “النمو العالمي لا يزال يتعرض لضغوط، حيث تسببت الحرب الأوكرانية في صدمة لأسعار السلع الأولية وأثارت مخاوف من الركود. على النقيض من ذلك، تعززت التوقعات لمنطقة دول مجلس التعاون الخليجي بسبب زيادة ارتفاع أسعار النفط”.

وأضافت “توسيع نطاق الحرب في أوكرانيا أو تفاقمها يمكن أن يدفع الاقتصاد العالمي للركود، مما يؤدي إلى انخفاض حاد في أسعار النفط حتى لو استمرت القيود على المعروض منه، مما يؤثر على النمو الإقليمي والتوازنات المالية.”

وأوضحت أن الارتفاع الإضافي في أسعار السلع بخلاف الطاقة بما في ذلك الغذاء قد يضر بالنمو ويثير مخاوف بشأن الأمن الاقتصادي الإقليمي.

وتدرك المنطقة على نحو متزايد أن التحول على المدى الطويل في العالم بعيدا عن الوقود الأحفوري يضع حدا للعطاء الذي يقدمه النفط، مما يضفي زخما على التوجه لإنفاق مزيد من الأرباح المفاجئة على تنويع الاقتصادات المعتمدة على النفط والغاز.

وكان من المتوقع أن تحقق السعودية، وهي أكبر اقتصاد في المنطقة والمصدر الرئيسي للنفط الخام في العالم، نموا بأسرع وتيرة منذ أكثر من عقد بنسبة 7.6 بالمئة هذا العام.

ورفع حوالي 80 بالمئة من المساهمين المشتركين، 15 من بين 19، توقعاتهم الخاصة بالنمو بالنسبة للمملكة، بينما أبقى ثلاثة منهم توقعاتهم دون تغيير، مع تخفيض واحد فقط. وجاءت التوقعات بأن ينخفض النمو إلى 3.3 بالمئة في العام المقبل و2.8 بالمئة في 2024.

ومن بين اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، سيكون النمو المتوقع في الكويت 7.0 بالمئة هذا العام، وفي الإمارات 5.7 بالمئة وهو الأسرع منذ نحو عقد. ومن المتوقع أن يبلغ معدل النمو في قطر وسلطنة عمان 4.5 بالمئة وهو الأسرع منذ خمس سنوات عقد، في حين أن معدل نمو البحرين 3.5 بالمئة، وهو الأسرع منذ عام 2017.

وهناك ميزة ادخارية أخرى لدول الخليج وهي أن الضغوط التضخمية أقل مما هي عليه في بقية العالم بالرغم من استمرار الحرب الروسية الأوكرانية والتباطؤ الاقتصادي في الصين.

وبالنسبة لتوقعات التضخم في المنطقة فهي متواضعة لكنها متباينة. ومن المتوقع أن يحوم المعدل حول 4 بالمئة مع أدنى معدل في السعودية عند 2.5 بالمئة والأعلى في الكويت عند 4.8 بالمئة.

وهذه الأرقام متواضعة مقارنة بالاقتصادات المتقدمة، حيث يقترب من تجاوز العشرة بالمئة.

وقال الخبير الاقتصادي رالف ويجرت “يستند هذا إلى عوامل الموارد المالية القوية بالفعل لدول مجلس التعاون الخليجي بسبب ارتفاع أسعار النفط. وعلى الرغم من أن (النفط سلعة) لا يمكن بالطبع أكلها، إلا أنها تُمكّن هذه الأسواق من مواجهة تكاليف أسعار الغذاء وسعر الوقود”.

وأضاف “بالقطع، تعتمد تكلفة أسعار الوقود جزئيا على سعر النفط، لكن فيما يتعلق بالواردات، فإن هذا يساعد على تخفيف ارتفاع تكاليف المعيشة، على الأقل إلى حد ما”.

ارتفاع التضخم يجعل الحد الأدنى للأجور في أميركا عند أدنى قيمة له منذ عام 1956

دفع التضخم المرتفع القياسي قيمة الحد الأدنى الفدرالي للأجور في الولايات المتحدة الأميركية، إلى أدنى مستوى في 66 عامًا، وفقًا لتحليل جديد من معهد السياسة الاقتصادية.

هذا الحد الأدنى من الأجور الفدرالية للساعة البالغ 7.25 دولارًا للساعة يساوي أقل من أي وقت منذ فبراير 1956، وفقًا لمركز الأبحاث في واشنطن العاصمة.

كان الحد الأدنى الفدرالي للأجور في عام 1956 نحو 75 سنتًا، أي ما يعادل 7.19 دولارًا في يونيو 2022 دولارًا.

يستند التحليل إلى بيانات مؤشر أسعار المستهلك لشهر يونيو حزيران،  والتي صدرت هذا الأسبوع، والتي أظهرت أن التضخم كان أعلى من المتوقع عند 9.1% مقارنة بالعام الماضي.

لم يتغير الحد الأدنى الفدرالي للأجور البالغ 7.25 دولارًا منذ يوليو 2009، هذه هي أطول فترة بدون زيادة فدرالية جديدة للحد الأدنى للأجور منذ أن أنشأها الكونغرس في عام 1938، وفقًا لمعهد السياسة الاقتصادية.

مع ارتفاع تكلفة المعيشة، فإن رفع الحد الأدنى للأجور هو إحدى الطرق التي يمكن للكونغرس من خلالها مساعدة العمال.

ومع ذلك، توقفت الجهود المبذولة لتحقيق ذلك مؤخرًا في العام الماضي عندما اعتُبرت زيادة الحد الأدنى للأجور غير مؤهلة للإدراج في تشريعات الإغاثة من فيروس كورونا.

وجد معهد السياسة الاقتصادية أن العامل الذي يتقاضى الحد الأدنى للأجور اليوم يجعله أقل بنسبة 27.4% مما كان سيحصل عليه في يوليو 2009، بعد تعديله وفقًا للتضخم.

علاوة على ذلك، يكسب عامل الحد الأدنى للأجور اليوم 40.2% أقل من الحد الأدنى للأجور الذي كان يحصل عليه العامل في فبراير 1968.

بُذلت جهود لرفع الحد الأدنى للأجور على مستوى بعض الولايات، حيث شهدت ولايات مثل كونيتيكت ونيفادا وأوريجون، وكذلك واشنطن العاصمة، زيادة الحد الأدنى للأجور هذا الشهر.

وفي الوقت نفسه، رفعت شركات مثل Amazon و Target و Walmart أيضًا الحد الأدنى لأجور الموظفين.

اليورو : الرهان على الوقت

لا أعرف حقيقةً سبباً منطقياً لهذا الهوس عند البعض حول التراجع الحالي في عملة اليورو مقابل الدولار الأميركي، والتي وصلت حد التساوي يوم 12 يوليو تموز(1 يورو يساوي واحد $، كان سعر الصرف 1.13$ في بداية العام)، وهو أدنى مستوى لليورو منذ عشرين عاماً تماماً. ولكن من أجل جعل النقاش علمياً أكثر، فإن هذا التراجع القاسي لليورو هو نتيجة و رد فعل لعوامل سياسية واقتصادية داخل وخارج منطقة اليورو، علماً أن التوقعات كانت تشير إلى ارتفاع اليورو قبل عدة أشهر عندما كان البنك المركزي الأوروبي على وشك رفع الفائدة ثم عاد مجدداً ليمارس اللعبة التي يجيدها: شراء الوقت.

أولاً: الفرق في العائد على الدولار الأميركي واليورو يتسع لصالح الدولار، وهذا يجعل منه عملةً أكثر جدوى اقتصادياً واستثمارياً.

 

ثانياً: الفدرالي الأميركي (البنك المركزي) يواصل رفع الفائدة، ووصلت حالياً 1.75% بينما لاتزال 0% في منطقة اليورو، ببساطة: لماذا أشتري عملة لا تعطيني عائداً بينما إذا وضعت أموالي في البنك دون عناء ستعطيني عوائد جيدة إذا كانت بالدولار الأميركي؟ وهذا تفكير منطقي وصحيح رغم بساطته.

 

ثالثاً: الكارثة الحقيقية التي دفعت اليورو للتراجع بدأت مع الحرب المجنونة في أوكرانيا، والضرر الذي جلبته وستجلبه لاحقاً للاقتصاد الأوروبي عموماً والألماني خصوصاً، هذا الاقتصاد الذي يعاني من نقص إمدادات الطاقة وارتفاع أسعارها لمستويات قياسية تاريخية، وخاصة الغاز، والتهديد الحقيقي بقطعها (ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي 78% في عام كامل، و ارتفع وقود التدفئة 73% بينما ارتفع الفحم 200% لنفس الفترة، وهذا سيجعل من العودة للفحم الحجري مشكلة أكبر.

ماذا يعني كل ذلك؟ يعني ببساطة أن الانكماش قد يصيب الاقتصاد الأكبر في أوروبا، وعندها لا يمكن رفع الفائدة بقوة على اليورو لأن الشركات بحاجة إلى تمويل عملياتها وتحقيق نمو للقضاء على الركود، و هذا بالضبط يلزمه عملة لا تكون قوية وأسعار فائدة متدنية رغم أخطارها وتأثيراتها الجانبية السلبية، وهنا سؤال بديهي: لماذا أراهن على عملة في طريقها نحو الركود أو حتى الانكماش المؤقت؟ منطقة اليورو بين مطرقة التضخم السيئ (8.6% حالياً) وبين مخاطر الإبقاء على سياسة نقدية تسهيلية تجعل من شبه المستحيل تخفيض التضخم .

 

رابعاً: العملة الضعيفة تفيد صادرات القارة الأوروبية مقارنةً بالأميركية واليابانية. اليورو خاسر 15% مقابل الدولار الأميركي في عام، ومتراجع بـ11% مقابل اليوان الصيني لنفس الفترة، وهذا يعطيه أفضلية في الصادرات وخاصة الصناعات الكبيرة كالسيارات والطائرات والتكنولوجيا، بمعنى أنه هنالك فرق بين انهيار سياسي اقتصادي، وبين تراجع عملة يحدث بسبب ديناميكيات أسواق العملات، مايحصل لليورو لن يجعله يختفي ولن يجعل من ألمانيا أو فرنسا مثلاً دولاً نامية، ولهذا السبب لم نرَ تدخلاً حتى شفهياً من البنك المركزي الأوروبي. قد لا تكون العملة الضعيفة هدفاً مباشراً ولكن البنك المركزي قد لا يمانع هذا التراجع إذا بقي ضمن مستويات مقبولة وليست كارثية.

 

خامساً: التباين في السياسات النقدية بين أميركا ومنطقة اليورو يجعل اليورو ضعيفاً، حيث ترفع أميركا الفائدة بينما لاتزال منطقة اليورو تصارع من أجل رفعها. عائد السندات يميل لجهة أميركا، حيث العائد في أميركا أعلى من ألمانيا وفرنسا على السندات الحكومية لعشر سنوات.

سادساً: تكلفة الحرب القاسية ومستويات التضخم القياسية والأهم هو العجز الأوروبي حالياً عن إيجاد حل سريع لمشكلة الطاقة وإمداداتها، جعلت الرهان على تعافي منطقة اليورو بعد الجائحة خياراً قاسياً غير قابل للتحقيق.

 

سابعاً: الديموغرافية تساعد أميركا أكثر من أوروبا العجوز، وهذا يمكن رؤية تأثيره في الإنفاق والاستهلاك ونمو السكان، كما أن سوق العمل الأميركي عوّض كل خسائره تقريباً بعد كورونا (البطالة في أمريكا لا تتجاوز 3.6%، مقابل 6.6% في منطقة اليورو)، حيث أضاف الاقتصاد الأمريكي أكثر من 20 مليون وظيفة بعد التراجع القاسي بسبب أزمة كوورنا مع بداية 2020.

 

نقط إضافية هامة :

 

أولاً:

سيتعافى اليورو تدريجياً لكنه سيأخذ وقتاً أطول من التوقعات السابقة، والرهان على انهيار اليورو هو رهان فاشل.

 

ثانياً :

لن يتراجع التضخم بسرعة (للأسف)، وسيبقى الناس في ألمانيا وفرنسا وغيرها يعانون من ارتفاع تكاليف الحياة والنفقات اليومية وكذلك تكاليف الإنتاج على الشركات والخدمات (مطاعم، فنادق، صيانة وغيرها)، على الأقل لما تبقى من العام الجاري 2022.

 

ثالثاً :

استغرق اليورو عشرين عاماً حتى عاد للتساوي مع الدولار الأميركي رغم كل المصاعب والأزمات الطاحنة في أوروبا خلال عشرين عاماً، المعيار الأساسي هو الثقة في اقتصاد القارة، لكن المشكلة حالياً سياسية أكثر من كونها اقتصادية. للأسف لا أرى حالياً قيادات أوروبية تاريخية كما كان عليه الوضع في الثمانينات والتسعينات.

 

رابعاً :

من المنطقي أن تكون أسعار السيارات الأوروبية حالياً أقل مما كانت عليه قبل عام، وهذا ينطبق على دول الخليج التي تبقى عملاتها مستقرة بسبب ربطها بالدولار وبالتالي تحسنت قدرتها الشرائية بفعل ارتفاع الدولار الأميركي 17% في عام كامل.
خامساً :

السائح الأجنبي من أميركا والخليج العربي مستفيد، لأن منطقة اليورو أصبحت أقل تكلفة للإجازات عموماً. التحدي الأكبر هو ارتفاع أسعار الوقود وخدمات النقل، وبالتالي قد لا يشعر الكثيرون بهذا الفرق.

عموماً، فإن دولا مثل إسبانيا وإيطاليا واليونان، حيث تشكل السياحة مصدراً مهماً للدخل القومي، تفضل عملةً أرخص ليستفيد منها القادمون من أميركا والخليج العربي.

 

سادساً :

باعتقادي إن تراجع اليورو لهذه المستويات سيدفع المستثمر الأجنبي وصناديق التحوط من اليابان والصين وأميركا للشراء في الأصول الأوروبية الرخيصة المقومة باليورو، مستفيدين من ارتفاع القوة الشرائية للدولار الأميركي، وهذا يعني ارتفاعاً تدريجياً على اليورو.

 

سابعاً :

لطالما كانت السياسة في قلب صناعة القرار الاقتصادي والمالي، والسؤال الآن: هل ستتدخل أميركا لخفض سعر صرف الدولار مقابل اليورو؟ يكفيها أن الدولار مرتفع 25% مقابل الين الياباني في عام كامل، والآن اليورو على الطرف الآخر، وباعتقادنا أنه إذا بدأ الدولار القوي يشكل تحدياً في ارتفاع العجز وزيادة إفلاس الشركات وتراجع أرباحها، فعندها قد يحدث تدخل من الفدرالي الأميركي ويتراجع الدولار الأميركي تباعاً وتدريجياً.

 

ثامناً :

قد لا تكون دورة قوة الدولار الأميركي قد انتهت (تقريباً كل عشر سنوات)، لكنها باتت أكثر قرباً ليتغير مسارها تدريجياً. لن يكون تراجع الدولار الأمريكي سريعاً بسبب غياب البديل، كما أن الدولار الأميركي يشكل التحوط الأفضل في حالات الأزمات كنوع من الملاذ الآمن.

مازن سلهب

مديرة صندوق النقد الدولي لـ CNBC: جميع المؤشرات تشير إلى أن التضخم لم يتم كبح جماحه بعد

 

من المرجح أن تستمر أسعار الفائدة العالمية في الارتفاع حتى عام 2023 عندما تبدأ الأسعار التراجع استجابةً لإجراءات البنوك المركزية، وفقًا لكريستالينا جورجيفا، مديرة صندوق النقد الدولي.

ربما تكون أسعار السلع الأساسية، مثل النفط، قد استقرت وبدأت في الانخفاض في الأشهر الأخيرة، لكن جورجيفا قالت إنها ستفعل ذلك استجابة لمخاطر الركود وليس بالضرورة لأن التضخم قد تم ترويضه.

وقالت جورجيفا لشبكة CNBC في اجتماع مجموعة العشرين في بالي يوم الجمعة، “البنوك المركزية تتقدم للسيطرة على التضخم، إنها أولوية.. يتعين عليهم الاستمرار حتى يتضح أن توقعات التضخم لم تزال راسخة”.

أضافت جورجيفا “في الوقت الحالي، ما زلنا نرى التضخم يرتفع؛ علينا رمي بعض الماء البارد عليها”.

 

أزمات عالمية

أدت الاضطرابات الناجمة عن الوباء في سلاسل التوريد إلى اختناقات بينما أدت الحرب في أوكرانيا إلى تفاقم هذه الصدمات، وكانت النتيجة ارتفاع أسعار السلع بما في ذلك المواد الغذائية الأساسية مثل الغذاء والأسمدة والطاقة.

في حين كان تضخم أسعار المواد الغذائية قد بدأ بالفعل قبل الوباء والحرب، إلا أن الحدثين قد أضافا إلى المشكلة فقط.

وفقًا للبنك الدولي، وصلت أسعار المواد الغذائية العالمية إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق بين مارس وأبريل من هذا العام، كما ارتفع مؤشر أسعار السلع الغذائية للبنك الدولي للفترة من مارس إلى أبريل بنسبة 15% خلال الشهرين الماضيين وكان أعلى بنسبة 80% عما كان عليه قبل عامين.

أبلغت منظمة الأغذية والزراعة مجموعة العشرين يوم الجمعة أن عدد المصابين بسوء التغذية في العالم سيزداد بمقدار 7.6 مليون هذا العام، وسيرتفع مرة أخرى بمقدار 19 مليونًا في عام 2023.

 

هل بدأت أسعار السلع في التراجع؟

استقرت أسعار النفط وبدأت في الانزلاق، حيث انخفضت من 120 دولارًا للبرميل في أوائل يونيو إلى أقل من 100 دولار للبرميل هذا الأسبوع.

ومع ذلك، سجل مؤشر أسعار المستهلك في الولايات المتحدة أعلى مستوى له في 40 عامًا عند 9.1% الشهر الماضي، وهي حالة وصفتها وزيرة الخزانة جانيت يلين في مجموعة العشرين بأنها “مرتفعة بشكل غير مقبول”.

في حين أن الكثير من البيانات المستخدمة لتحديد التضخم متأخرة، وقالت جورجيفا لشبكة CNBC إن جميع المؤشرات تشير إلى أن التضخم لم يتم كبح جماحه بعد.

وأضافت إلى أنه من المهم السيطرة على التضخم وإلا ستتآكل الأجور.

وعلى صعيد متصل، قالت جانيت يلين لمجموعة العشرين يوم الجمعة إنه من المهم بالنسبة للحكومات أن تضع وتحافظ على دليل للاستجابات السياسية التي من شأنها تقليل مدة وشدة حالات الركود والتخفيف من العواقب الاقتصادية السلبية على الشركات والأفراد.

موجة مخاوف كبيرة تجتاح اقتصادات العالم

تجتاح موجة مخاوف كبيرة اقتصادات العالم، من تحقق الركود، الذي يعني تراجع النمو في النشاط الاقتصادي، جراء الأزمات المتلاحقة، وآخرها أزمة أوكرانيا المستمرة في بث التداعيات على أسواق الطاقة، وأسواق السلع الغذائية الأساسية وبخاصة محاصيل الحبوب.

تخشى الدول من الوقوع في مصيدة الركود، الذي يعرف تقليديا بأنه تفوق الإنتاج على الاستهلاك في الاقتصاد، وذلك نظرا لمخاطره الوخيمة على الحالة العامة للاقتصاد والوظائف والأداء العام للقطاعات الصناعية والزراعية والعملة وغيرها من المؤشرات الأساسية.

لكن المفاهيم والتحديات الحديثة بدلت الحال إلى مخاوف أكثر وضوحا أبرزها التخلف عن سداد الديون بالنسبة للدول، وعدم القدرة على توليد الوظائف الجديدة، وقفزات في مؤشر التضخم الذي يعبر عن حالة الغلاء التي بات يعاني منها المستهلكون في معظم دول العالم، ما يثير القلق أن الوجه الجديد للركود سيحمل معه مخاطر حقيقية ربما لن تتمثل في انهيار الدول، لكن ستشكل ضغوطا مباشرة على جيوب المستهلكين جراء موجة الغلاء، وربما تتفاقم في حال تعطل سلاسل إمداد الغذاء، وبدأت بعض السلع العالمية بالاختفاء من على منصات المتاجر.

وبرغم أن مستوى الديون أو التعثر عن سدادها لا علاقة مباشرة له بالنشاط الاقتصادي، إلا أن الدول التي باتت تعاني من أزمات مزمنة، أجبرتها على التخلف عن سداد الديون، لن يكون بمقدورها تخصيص ميزانيات لدعم النمو الاقتصادي عبر المشاريع الكبرى أو الخطط التنموية، التي كانت أبرز منقذ لتحريك النشاط الاقتصادي في حال انكمش أداء القطاع الخاص.

يظل الركود الاقتصادي، هاجس يهدد خطط المستثمرين ويستنفر صناع السياسات النقدية والمالية، وتتردد أصداءه بوضوح في بورصات العالم من أسهم وعملات ونفط وحتى أسعار المعادن التي لم تسلم من ذلك وجميعها تقلبت ونزفت بنفس الإيقاع، فالارتفاعات التاريخية لأسعار الغاز واستقرار أسعار النفط فوق مستويات المئة دولار وما رافقها من خفض سريع وحاد للإمدادات القادمة من روسيا، جميعها مؤشرات امتزجت مع بعضها البعض وبعثت برسالة واحدة أن الركود قادم لا محالة.

أزمة الطاقة

وأشعلت أزمة الطاقة التضخم ودفعت به لمستويات لم تستطيع البنوك المركزية حول العالم ضبطها حتى الآن، واستنزفت جيوب المواطنين الذين ارتفعت تكلفة المعيشة عليهم لمستويات هي الأعلى في نصف قرن، كما أن خطر قطع إمدادات الطاقة القادمة من روسيا أصبح يهدد مصانع أوروبا وينذر بضياع الآلاف من فرص العمل.

وأمام هذا الواقع الصعب، بدأت التقييمات تنهال من كل جانب وأجمعت جميعها على أن اقتصادات منطقة اليورو وبريطانيا وكندا وكوريا الجنوبية باتت قاب قوسين أو أدنى من الوقوع في الركود، في حين أن الولايات المتحدة قد تتجنب الركود جزئيا هذا العام متسلحة بقوة سوق العمل والسيولة الضخمة التي تستحوذ عليها الشركات، لتبقى بارقة الأمل الوحيدة كالعادة من الصين التي يتوقع أن يتماسك اقتصادها وتشهد وتيرة متسارعة في النمو مع رفع قيود كورونا.

“وول ستريت”

هذه المخاوف انعكست على اليورو الذي هوى لأدنى مستوياته في 20 عاما أمام الدولار، تبعه تراجعات حادة في أسواق الأسهم الأوروبية وامتدت هذه التراجعات إلى وول ستريت التي نزفت بشدة، وعمقت من جراحها خسائر اسواق النفط التي تراجعت بقوة هذا العام، مما تسبب بضغوط بيعية عنيفة على أسهم الطاقة.

ولم تسلم أسعار الذهب من هذا القلق فقد سجلت أدنى مستوياتها في ستة أشهر، كما أن معظم الأصول أصبحت غير جذابة باستثناء الدولار الأميركي الذي واصل نجمه باللمعان وحافظ على أعلى مستوى في 20 عاماً مستفيدا من موجة زيادة اسعار الفائدة في الولايات المتحدة.

ما رأي المعنيين؟

عبرت عدة مؤسسات عالمية عن قلقها من الركود الاقتصادي، وتخطت ذلك إلى التحذير من الركود التضخمي، الذي يجمع حالة متناقضة من تباطؤ النمو في النشاط الاقتصادي، مترافقة مع حالة من ارتفاع الأسعار وزيادة معدلات التضخم.

بدورها قالت كريستالينا غورغيفا، مديرة صندوق النقد الدولي، إن توقعات الاقتصاد العالمي “ساءت كثيرا” منذ أبريل وإنها لا يمكنها استبعاد إمكانية حدوث ركود عالمي في العام المقبل في ظل المخاطر الضخمة القائمة.

أضافت أن صندوق النقد سيخفض خلال الأسابيع المقبلة توقعاته لنمو نسبته 3.6 بالمئة في الاقتصاد العالمي لثالث مرة هذا العام، مضيفة أن الاقتصاديين في الصندوق ما زالوا يعدون النسب الجديدة النهائية.

من المتوقع أن ينشر صندوق النقد الدولي توقعاته المحدثة لعامي 2022 و2023 في أواخر يوليو بعد أن قلص توقعه بنسبة تقترب من واحد بالمئة في أبريل. وكان الاقتصاد العالمي قد حقق نموا في 2021 معدله 6.1 بالمئة.

سداد الديون

خفضت وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني توقعاتها بشأن الديون السيادية، بسبب مخاوف بشأن ارتفاع تكاليف الاقتراض العالمية واحتمال حدوث موجة جديدة من حالات التخلف عن السداد.

وأكدت وكالة “فيتش”، التي تراقب أكثر من 100 دولة، أن الحرب في أوكرانيا تؤجج مشاكل مثل ارتفاع التضخم واضطرابات التجارة وضعف الاقتصادات، وهي مشكلات تضر الآن بظروف الائتمان السيادي.

وفي الوقت الذي سيستفيد فيه مصدرو السلع الأساسية من ارتفاع الأسعار، فإن أولئك الذين يتعين عليهم استيراد الجزء الأكبر من الطاقة أو المواد الغذائية سيعانون.

ويبلغ عدد البلدان في قائمة الدول المتخلفة عن السداد أو التي تشير عائدات سنداتها في الأسواق المالية إلى حدوث ذلك 17 بلدا وهو مستوى قياسي.

وهذه الدول هي باكستان وسريلانكا وزامبيا ولبنان وتونس وغانا وإثيوبيا وأوكرانيا وطاجكستان والسلفادور وسورينام والإكوادور وبليز والأرجنتين وروسيا وبيلاروسيا وفنزويلا.

سكاي نيوز

سياسة شينزو آبي “آبينوميكس” .. التي عبرت باليابان لبر الأمان .. فما هي ؟

بينوميكس هو لقب السياسة الاقتصادية والنقدية في اليابان عام 2012 عندما تولى رئيس الوزراء شينزو آبي السلطة للمرة الثانية، فما مضمونها ؟

يشير مصطلح آبينوميكس إلى السياسات الاقتصادية لسياسي معين، بنفس الطريقة التي يشير إليها ريغانوميكس أو كلينتونوميكس ( أي السياسات التابعة للرئيس ريغان والرئيس كلينتون)، حيث تم الترويج لآبينوميكس كطريقة لإخراج الاقتصاد الياباني من فترة النمو الضئيل والانكماش العام.

وتعود المشاكل الاقتصادية في اليابان إلى التسعينيات، حيث كانت فترة من الركود الاقتصادي الملحوظ في اليابان، بعد انفجار فقاعة العقارات الهائلة في الثمانينيات، وانفجار فقاعة أسعار الأصول اليابانية في أوائل التسعينيات.

آبينوميكس هي مجموعة من السياسات الاقتصادية التي دافع عنها رئيس الوزراء الياباني، شينزو آبي، عندما تولى السلطة للمرة الثانية في عام 2012، والتي تم وصفها على أنها نهج اقتصادي من 3 مراحل:

1- زيادة المعروض النقدي:

عن طريق طباعة العملة، ما بين 60 تريليون ين إلى 70 تريليون ين، وذلك لجعل الصادرات اليابانية أكثر جاذبية وتوليد تضخم متواضع.

2- القيام بالإنفاق الحكومي لتحفيز الاقتصاد:

وذلك لتحفيز الطلب والاستهلاك، إضافةً لتحفيز النمو قصير الأجل وتحقيق فائض في الميزانية على المدى الطويل.

3- إجراء إصلاحات اقتصادية وتنظيمية:

وذلك عن طريق إصلاح الأنظمة المختلفة لجعل الصناعات اليابانية أكثر تنافسية ولتشجيع الاستثمار في القطاع الخاص، إضافةً لإصلاح حوكمة الشركات، وتخفيف القيود على تعيين موظفين أجانب في مناطق اقتصادية خاصة، وتسهيل قيام الشركات بفصل العمال غير الفعالين، وتحرير قطاع الصحة، وتنفيذ تدابير لمساعدة رواد الأعمال المحليين والأجانب، إضافةً لإعادة هيكلة صناعات المرافق والصناعات الدوائية وتحديث القطاع الزراعي، وذلك لجعل اليابان أكثر قدرة على المنافسة في السوق العالمية.

وتطورت سياسة آبينوميكس مع استمرار رئيس الوزراء آبي في الحكم، والذي سعى لتوظيف الإناث، والنمو المستدام، ومفهوم يُعرف باسم “المجتمع 5.0” والذي يهدف إلى زيادة رقمنة اليابان.

تحذيرات دخول الاقتصاد الأميركي في ركود تتزايد

وفقًا لبعض التقديرات، من المقرر تباطؤ نمو الناتج الإجمالي المحلي في أميركا خلال الأشهر الثلاثة من أبريل إلى يونيو. مما يزيد مخاوف دخول الاقتصاد الأميركي في ركود بعد انكماشه في الربع الأول من العام، حيث حذرت شركة Nomura من أن الاقتصادات المتقدمة في العالم ومن ضمنها أميركا قد تدخل في حالة ركود خلال الاثني عشر شهرًا القادمة.

وبحسب رويترز هناك احتمالية دخول الاقتصادات العالمية في ركود 40% على مدى العامين المقبلين، مع احتمال بنسبة 25% في العام المقبل.

كما وقال الرئيس التنفيذي لـMorgan Stanley في وقت سابق من الشهر الماضي إن هناك احتمال بـ50% دخول الاقتصاد الأميركي في ركود.

تاريخياً يصنف الاقتصاد الأميركي يمرحلة الركود عند انكماش الاقتصاد في ربعيين متتاليين إلا أن عدم تحقيق ذلك لا يلغي احتمالية عدوم وجود ركود تقني.

ففي عام 2001، انخفض الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول إلا أنه حقق انتعاشا في الربع الثاني. ليعود ويتراجع مرة أخرى في الخريف. ورغم عدم تسجيل ربعين متتاليين من الانخفاض، إلا أن الاقتصاد تم تصنيفه في حالة الركود في ذلك الوقت، بسبب ارتفاع نسبة البطالة وانخفاض الإنتاج الصناعي.

وفي عام 2016، شهد النشاط الصناعي انخفاض ملحوظ أطلق عليه البعض “بالركود المصغر” وذلك على الرغم من أن الناتج المحلي الإجمالي لم ينخفض أبدًا.

وفيما يتعلق بجائحة كورونا، فالركود آن ذاك استمر لشهرين فقط، من مارس إلى أبريل 2020، على الرغم من انكماش الاقتصاد في كل من الربعين الأول والثاني من العام.

معهد التمويل الدولي: أطول سلسلة تخارج من الأسواق الناشئة منذ 2015

أظهرت بيانات من معهد التمويل الدولي أن الأسواق الناشئة عانت للشهر الرابع على التوالي من تخارج محافظ الاستثمارات الخارجية في يونيو حزيران، في أطول سلسلة خسائر في 7 سنوات، في وقت تثير فيه مخاوف الركود والتضخم انزعاج المستثمرين.

 

تخارج الأموال من الأسواق الناشئة

شهد شهر يونيو حزيران عمليات تخارج محفاظ غير المقيمين بقيمة بلغت 4.0 مليار دولار، بحسب البيانات التي نشرت اليوم الأربعاء، مقارنة بقيمة التخارج التي بلغت 5.1 مليار دولار في مايو أيار على النقيض من تدفقات دخلت للأسواق الناشئة بقيمة بلغت 55.8 مليار دولار في يونيو حزيران 2021.

ويتشابه سيناريو التخارج الحالي مع سلسلة من عمليات التخارج على مدى أربعة أشهر انتهت في أكتوبر تشرين الأول 2015.

وبلغ صافي عمليات التخارج خلال الأشهر الأربعة الماضية 27.8 مليار دولار، بحسب معهد التمويل الدولي.

 

بيان معهد التمويل الدولي

قال جوناثان فورتون الخبير الاقتصادي بمعهد التمويل الدولي في بيان “نعيش في خضم معدل فائدة عالمي وصدمة تضخم زائد.. ارتفعت عائدات السندات الحكومية طويلة الأجل بشكل حاد في الاقتصادات المتقدمة، مما أدى إلى صعوبة الأوضاع المالية، والضغط على النمو، وزيادة المخاوف من المخاطرة، هذه الآلية تؤثر بالسلب على التدفقات إلى الأسواق الناشئة”.

كانت عمليات التخارج في شهر يونيو حزيران التي بلغت قيمتها 19.6 مليار دولار من محافظ الأسهم في الأسواق الناشئة باستثناء الصين هو الأكبر في أي شهر منذ مارس آذار 2020، عندما أُصيبت الأسواق بالذعر مع بدء فرض إجراءات العزل العام بسبب جائحة كورونا.

 

مجمل الديون في الاقتصادات الناشئة

في مطلع مايو أيار الماضي، قال معهد التمويل الدولي إن مجمل ديون الاقتصادات الناشئة بلغ 98.6 تريليون دولار في الربع الأول من 2022 مقابل 89.0 تريليون دولار في الفترة نفسها في 2021.

وأضاف أن الدين الحكومي في الاقتصادات الناشئة بلغ 24.6 تريليون دولار في الربع الأول هذا العام مقابل 21.6 تريليون دولار في الربع الأول في 2021.

وتراجعت نسبة الدين العالمي إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 348%، أو حوالي 15 نقطة مئوية عن المستوى القياسي الذي سجلته قبل عام، وكانت أكبر التحسينات في دول الاتحاد الأوروبي.

العملات المشفرة ومضخة الأموال الرخيصة

لولا موجة الأموال الرخيصة في فترة كورونا، وأسعار الفوائد المتواضعة، لما كان بالإمكان تشكيل تلك الفقاعة السعرية للعملات المشفرة بهذه السرعة. لكن أبعاد تلك الفقاعة، تمددت في الكثير من المفاصل الاقتصادية والاجتماعية وكذلك الاستهلاكية.

وإنها حمى البحث عن ثروة سريعة وسهلة، قد يكون ذلك تلخيصاً مبسطاً لكيفية الإقبال على العملات المشفرة. بحيث لا يمكن إغفال حجم التقلبات الهائل الذي طالها خصوصا في فترة كورونا. الأمر الذي أدخل الكثيرين في دوامة القروض المرهقة لسنوات طويلة قادمة.

وتضافرت كذلك عوامل عديدة في إشعال نار المضاربات في تلك السوق، منها إطلاق بعض المشاهير لعملاتهم الرقمية والترويج لها تحت مسميات براقة للفت الانتباه. كان ذلك بمثابة فخ وقع العديد بشباكه، فبعد أن جمع هؤلاء الأشخاص من الوجوه المعروفة ما تيسر لهم من أموال قاموا ببيع عملاتهم الرقمية وتلاشوا عن الأنظار، تاركين خلفهم رصيداً صفرياً في قيمة ما يتم تسميته مجازياً “عملات”!

وهذا يأخذنا إلى تحليل هذه التسمية، هل فعلاً البتكوين وأخواتها تمتلك المعاييرلأن تكون عملات صالحة للتبادل؟

وقد يلجأ البعض إلى تعريفها على أساس أنها “مقتنيات” أو “أدوات للمضاربة” لكن القيمة الأساسية التي يمكن الانطلاق منها “صفرية”. تلك الأدوات، لا تشبه مثلاً أسهم الشركات. فشراء سهم بشركة ما، يؤهل الشخص لأن يكون مشاركاً بجزء من نشاط تجاري. تلك الأدوات لا تشبه  حتى ما يمكن تسميته بالأصول، مثل منزل أو قطعة أرض أو مجوهرات، أو أي شيء مادي يمكن لمسه أو رؤيته. لكن ملكية المرء للبتكوين مثلاً، يعني ببساطة أن الملكية تنحصر بجزء من رمز حاسوبي ، لا يمكن استخدامه، في أيّ شيء على الإطلاق، باستثناء تحفيز شخصٍ آخر ليدفع مقابله.

لكن كيف تشكلت تلك الفقاعة وما هو المسار المتوقع لها؟

وقد يكون من ضمن أهم الأسباب في تشكيل الفقاعة الأخيرة للعملات المشفرة، أموال التحفيز الحكومية بسبب جائحة كورونا. ففي ربيع 2020 تم ضخ تريليونات الدولارات التي وجدت طريقها إلى جميع أنواع الأصول.

وهنا شهدنا التضخم يشق طريقه صعوداً في أسعار الأسهم والعقارات، فقاعات هائلة في كل مكان تقريباً. غذّت تلك الموجة الهائلة من السيولة شرايين المخاطرة في ذلك السوق المعتمد على تقنية متقدمة للغاية تسمى البلوكتشين.

وتحول الوضع لما يشبه إلى حد ما، حمى البحث عن الذهب في العالم الجديد، فهناك ثروات تم تشكيلها بلمح البصر وبدون أدنى جهد أو حتى محاولة جادة للبحث عما يبرر ارتفاع الأسعار.

وبات البعض يلهث وراء ذلك الثراء السحري، في تحول واضح بثقافة الاستثمار، بعيداً عن متناول قبضة الضرائب على الثروات الكبيرة، ومرونة بالتصرف بالأموال بدون رقابة حكومية.

وتشير الكثير من الدراسات أن بعض الناس يشترون العملات المشفرة لأنّهم يعتقدون بأنّها الطريقة المثلى للثراء السريع. ويصفها بعض الخبراء المعنيين بأنها تذكرة يانصيب حديثة. لكن في حين أنّ تذاكر اليانصيب لا تكلف سوى القليل في كلّ مرّة، فالعملات المشفرة ستتضخم وتصطدم بالحضيض بطريقة أكثر تدميراً، بكل مرّة بحسب أراء الخبراء.

كما أن الاستثمار بتلك العائلة من “المشفّرات”، يتخطى بكثير مجرد كونه استثماراً، إنه ببساطة يجسد “فرصة”، وإمكانيات لا محدودة لتغيير الحالة الاقتصادية. إذ يلمح بعض علماء السلوكيات الاجتماعية، أن الكثيرين ممن يقبلون على شراء العملات المشفرة، هم مجموعة ممن خابت آمالهم من قبل بتحقيق نوع بسيط من الثراء. لكن المشكلة التي يبدو أن لامفر من مواجهتها هي عندما تخسر تلك الشريحة مواردها المالية، عندما تتوالى انفجارات فقاعات العملات المشفرة، حينها لن يكون بإمكانها العودة مجدداً لمنظومة العمل التقليدية، بما يتطلبه ذلك من تعب وجهد.

والعالم تغير كثيراً فهناك لا مساواة هائلة في مستويات الدخل ، الكثير من الحكومات بدأت تتخلى تدريجياً عن أنظمة الحماية الاجتماعية والرعاية الصحية. انتهى عصر الأسرة التي يستطيع فرد واحد بمدخول محدود أن يعيلها.

ودخلت قواعد جديدة إلى مفاهيم الاقتصاد، منها الوظائف المؤقتة، والنقابات العمالية شبه المشلولة ببلدان كثيرة، ومديونية هائلة بأعناق الأفراد والأسر للتعليم أو لتأمين الحاجيات الضروروية.

فقاعة الكريبتو واخواتها تخفي هشاشة أوضاع البشر اجتماعياً ونفسياً التي تنفجر يومياً بدون رحمة، مخلفة سيلاً جارفاً من المآسي.

بقلم نهى علي