بنك أوروبا لم ينجز مهمة التضخم بعد عام من رفع الفائدة

بعد عام من بدء البنك المركزي الأوروبي في رفع أسعار الفائدة، بدأت التوقعات ترتفع بأن دورة تشديد السياسة النقدية قد شارفت على النهاية مع تباطؤ التضخم الرئيسي من مستويات 10.6% إلى مستويات 5.5%.

ويستعد صانعو السياسة النقدية من بنك أوروبا في اجتماع الأسبوع الحالي للكشف عن رفع فائدة إضافي بمقدار 25 نقطة أساس نحو مستويات 4.25%.

425 نقطة أساس هي عمليات رفع الفائدة منذ عام لمحاولة كبح جماح التضخم المتغلغل في الاقتصاد جراء الحرب الروسية الأوكرانية.

هل يفاجأ بنك أوروبا الاسواق ويثبت الفائدة؟

في ظل توقف بعض البنوك المركزية الكبرى عن رفع الفائدة، بدأت الأصوات تنادي بأن بنك أوروبا قد يفاجأ الأسواق، إلا أنه على ما يبدو بأن مجلس بنك أوروبا متجه إلى عملية رفع الفائدة، ومن غير المرجح أن يوجه البنك إلى أي توقف في اجتماع سبتمبر، حيث تنتظر الأسواق قرائتين للتضخم مفصليتين حتى اجتماع سبتمبر، وقد تكونا هما المحرك الأساسي لتحركات بنك أوروبا.

إلا أن ارتفاع أسعار النفط في الشهر المنصرم وانسحاب روسيا من مبادرة حبوب البحر الأسود قد تأجج مشاعر التضخم مرة آخرى، لذلك قد يكون توجيه البنك إلى سياسة نقدية قبل شهرين هي خطوة استباقية وغير مرجحة.

إن التضخم الرئيسي والأساسي لا يزالا عند مستويات مرتفعة 5.5%، لذلك التحدي الرئيسي لبنك أوروبا أن يكون إبقاء الفائدة المرتفعة لفترة زمنية أطول مما تتوقعه الأسواق لمحاولة السيطرة على التضخم المرتفع.

كما أن محاولة إعادة بناء المصداقية للبنوك الكبرى هو هدف أساسي، فقد أمضى البنك المركزي الأوروبي والبنوك المركزية الكبرى الآخرى معظم العام ونصف العام الماضيين في سعيهم إلى هندسة “هبوط سلس” لاقتصاداتهم بعد الحرب الروسية في أوكرانيا. ذلك قد يعطي انطباع بأن بنك أوروبا لن يتوقف عند هذا القدر من عمليات رفع الفائدة قبل أن يصل التضخم إلى المستهدف 2%.

هل نجح بنك أوروبا بكبح جماح التضخم؟

انخفض التضخم إلى 5.5% من ضعف ما كان عليه تقريبًا في ذروته 10.6%. ولكن هذا يرجع إلى انعكاس في أسعار الغاز الطبيعي والنفط أكثر من تحرك البنك المركزي الأوروبي حتى الآن.

وبمجرد إزالة الطاقة والغذاء، يظل ما يسمى بالتضخم الأساسي أعلى مما كان عليه قبل بداية دورة تشديد السياسة النقدية. ذلك قد يدفعنا لتوقع بأن سيناريو “الهبوط السلس” قد يكون بعيد عن متناول أيدي بنك أوروبا خاصة مع أرقام النمو الاقتصاد السلبية والصفرية.

وبالرغم من تفاؤل الأسواق إلا أن بنك اوروبا لم ينجح لحتى الآن بمهمته، وأن معركته ضد التضخم قد تكون طويلة، كما أن محاولة كبح جماح التضخم ستحتاج المزيد من عمليات رفع الفائدة والبقاء على فائدة مرتفعة لفترة زمنية طويلة.

ليس كل شيء سيء في أوروبا

نجح الاقتصاد حتى الآن في تجنب الركود حتى مع ارتفاع فواتير الطاقة وتكاليف الاقتراض التي تضغط على الأسر. سوق العمل القوي بشكل مدهش هو أساس الاستهلاك. لكن بعض القطاعات -وخاصة التصنيع- تعاني من الإنكماش. كما تقلص الإنتاج في ألمانيا (أكبر عضو في الكتلة)خلال الشتاء.

أرقام النمو وبالرغم من أنها سلبية في الربع الثاني من عام 2023، إلا أنها أفضل من السلبية في قراءة الربع الأول من العام الحالي. وأعطت بنك أوروبا المزيد من الوقت لمتابعة السياسة النقدية وتأثيرها على النمو. على الأقل تفادي الركود التقني تعتبر إشارة جيدة في وقت يعاني الاتحاد الأوروبي من التضخم المرتفع وانكماش التصنيع.

كل ما في أوروبا يدعو إلى انقسام بنك أوروبا

حذر رئيس بنك اليونان يانيس ستورناراس من أن النمو قد يكون دون المستوى، مشيرًا إلى أن التضخم قد يكون أضعف نتيجة لذلك. وقال رئيس بنك إيطاليا إجنازيو فيسكو بأن ضغوط الأسعار قد تنحسر أسرع من المتوقع. إن التصريحات القادمة من اليونان وإيطاليا قد تكون دعوات واضحة للتوقف عن رفع الفائدة في سبتمبر القادم.

بينما جادل رئيس البنك المركزي الألماني يواكيم ناجل بأنه من السابق لأوانه إعلان “نوع معين من الانتصار” على التضخم، ملمحًا إلى أنه قد تكون هناك حاجة إلى رفع فائدة آخر في الخريف.

وقد ذكر الصقر التقليدي رئيس بنك هولندا كلاس كنوت بأن أي إجراء بعد يوليو قد يكون احتمالاً ولكن ليس مؤكد بأي حال من الأحوال.

ذلك يعطي إشارة بأن مجلس بنك اوروبا بات أكثر انقساما عن السابق حول مدى الحاجة لمزيد من عمليات رفع الفائدة في اقتصاد منطقة اليورو. لذلك قد لا يحمل اجتماع بنك أوروبا توجيهات مستقبلية صريحة إلا أن كريستين لاغارد قد تترك الباب مفتوح لمزيد من عمليات رفع الفائدة بتكرار عبارتها “لم ننجز المهمة بعد”.

أحمد عزام

ماذا عن الزخم الصاعد في أسواق الذهب والفضة؟

بدأت أسعار المعادن النفيسة (خاصة الفضة) مساراً صاعداً قصيرًا في 12 يوليو تموز قبل أن تتراجع مرة أخرى ليُطرح سؤالاً، هل سيستمر هذا الزخم لمزيد من الوقت أم لا؟

لا يزال الكثيرون متفائلون بأن أسعار الذهب ستستمر في الارتفاع حتى نهاية عام 2023، ومع ذلك، تلوح في الأفق ضغوط متزايدة تدفع الذهب والمعادن النفيسة الأخرى نحو التراجع.

ومع انخفاض الدولار الأميركي، أصبحت المعادن الثمينة ميسورة التكلفة بصورة أكبر للمستثمرين، وهو ما يدفعهم نحو الشراء، لكن في ظل التوقعات بمزيد من الارتفاعات الأخرى في أسعار الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفدرالي من خلال سياسة نقدية مشددة، فإن تفاؤل المضاربين على ارتفاع الذهب يتضاءل.

وفي الفترة بين الأول من يونيو حزيران وحتى الأول من يوليو تموز، انخفضت أسعار المعادن النفيسة إلى حد ما، مما أدى في النهاية إلى انخفاض مؤشر المعادن الثمينة MMI (مؤشر المعادن الشهري) بنسبة 6.71% على أساس شهري.

البلاديوم يخالف الاتجاهات

على عكس المعادن الثمينة الأخرى، كانت أسعار البلاديوم في انخفاض مستمر خلال العام الماضي، وعلى الرغم من ارتفاع الأسعار بشكل طفيف في يوليو تموز مقارنة بالاتجاه الهبوطي العام في 2023، لكن المتوقع أن هذا الزخم الصعودي سيدعم البلاديوم.

البلاتين في ارتفاع قصير الأجل

على غرار أسعار الذهب والفضة والمعادن النفيسة الأخرى (باستثناء البلاديوم)، ارتفعت أسعار البلاتين منذ بداية يوليو تموز، مع ذلك، من غير الواضح ما إذا كان الزخم الصعودي سيستمر أم لا.

قد تحدث انخفاضات طفيفة، وفي نفس الوقت، لا يوجد دليل كاف لتأكيد انعكاس حقيقي نحو الانخفاض.

الفضة تتفوق

تمكنت الفضة من الارتفاع بشكل يفوق ارتفاعات أي من المعادن النفيسة الأخرى خلال أوائل ومنتصف يوليو تموز.

وعلى غرار الذهب، تعرضت الفضة لزخم صعودي على المدى القصير، ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت الفضة ستستمر في حركة الصعود من عدمه.

ثيران الذهب يتدخلون

على الرغم من أن أسعار الذهب كانت في ارتفاع منذ بداية يوليو تموز، ما يدل على قوة صعودية وزخم صعودي ثابت، إلا أن هناك شبه تردد من الثيران في ظل ارتفاع الدولار وتوقعات استمرار الفدرالي الأميركي في تشديد سياسته النقدية مما قد يؤدي إلى تراجع الأسعار مرة أخرى.

بورصة انفو: الموقع الرائد لأخبار الذهب ، العملات ، البورصات. مع تحليلات