غرد إيلون ماسك، في أواخر الشهر الماضي، ضمن موجة التعليقات الآيديولوجية التي رافقت استيلاءه المستمر على «تويتر»، قائلاً: «لقد دعمت أوباما لمنصب الرئيس، لكن الحزب الديمقراطي اليوم تعرض للاختطاف من قبل المتطرفين». في وقت متزامن تقريباً، أشعل ماسك النار في منصة وسائل التواصل الاجتماعي بإعادة نشر رسم كاريكاتوري يظهر رسم عصا مائلة تجاه يسار الوسط في عام 2008، وهو ما أعيد تعريفه بأنه متعصب يميني بحلول عام 2021، لأن رسمة العصا اليسارية قد انطلقت بعيداً إلى اليسار. ثم في الأسبوع الجاري، عبر ماسك عن نفس النوع من التفكير بأسلوبه المختصر الذي اشتهر به الموقع، وهو أن «تويتر لديه تحيز يساري قوي».
والآن، أخيراً، لدينا أخبار أنه من المحتمل أن يسمح لدونالد ترمب بالتغريد بحرية مجدداً. كل هذه التعليقات والوعود تضع أغنى رجل في البلاد مع الجانب الأيمن في الحرب الثقافية. لكن رغم أنني لا أعرف ماسك – فأنا لم أقابله مطلقاً ولم أتسكع في أي مخبأ سري برفقة الملياردير الشهير – فإنني أعتقد أنني أعرف ما يكفي عنه، وأعرف عدداً كافياً من الناس في وادي السيليكون مثله، مما يشير إلى أنه لا توصيفاته الذاتية على «تويتر» ولا الانتقادات التي يتم إلقاؤها في طريقه تعكس ما يميز منصبه ورؤيته للعالم.
إن مصطلحاً مثل «المحافظ» لا يناسب رجل أعمال بحجم رئيس شركة «تسلا»، وحتى وصف «تحرري». ورغم أنها أقرب إليه، فإن ماسك يرتبط بالعديد من الأفكار التي لا أعتقد أنه يهتم بها بدرجة كبيرة. تأتي التسمية الأفضل من فيرجينيا بوستريل، في كتابها الصادر عام 1998 بعنوان «المستقبل وأعداؤه»، حيث تبدو شخصية ماسك أقرب إلى «الديناميكي»، ويعني هذا الشخص الذي تتمثل التزاماته الأساسية في الاستكشاف. هو شخص يعتقد أن المجتمع الأفضل هو مجتمع دائماً ما يخترع ويتحول ويفعل شيئاً جديداً.
إذا كنت تعتقد أن هذا يبدو غير مثير للجدل، فكر مرة أخرى. أولاً، قد لا يهتم الديناميكي بالمصدر الذي ينبع منه الابتكار والاختراع: على عكس الليبرالي البحت، قد يكون غير مبالٍ بمسائل الإنفاق العام مقابل الإنفاق الخاص، ويسعد باحتضان المساعدة الحكومية إذا كان هذا هو ما يتطلبه الأمر للحصول على شيء جديد – ويسعدنا أن نأخذ هذه المساعدة من أنظمة مثل الصين الشيوعية كما نحصل عليها من منطقتنا. وقد يكون على استعداد للمخاطرة بأكثر من خصاله كشخص تقدمي نموذجي أو كمحافظ نموذجي من أجل الابتكار. يمكن التفاوض على المبدأ السياسي والاستقرار الاجتماعي والنظام الأخلاقي عندما يكون الاكتشاف وحده هو «الهدف الأسمى».
بالنسبة لكثير من الناس، الديناميكية مشروطة بمدى استثمارك في العالم كما هو، وما إذا كنت ستخسر أو تستفيد من الابتكارات، وأين يكمن حدسك الأخلاقي. حتى في عالم التكنولوجيا، فإن شهيتك للديناميكية تعتمد على المكان الذي تقف فيه: إذا كنت محظوظاً بما يكفي للعمل في واحدة من شبه الاحتكارات في «وادي السيليكون»، القوى الجديدة للعصر، قد لا تكون مهتماً بمزيد من التغيير.
قد يتطور ماسك نفسه إلى هذا النوع من الاحتكار المريح، لكن في الوقت الحالي، وانتظاراً للاكتتاب العام لشركة «MarsCorp» في عام 2047، يظل ماسك ديناميكياً بالكامل. ومن هذا المنطلق، فإن تحوله الأخير من ديمقراطي مناصر لأوباما إلى تقدمي محبط يبدو منطقياً تماماً في ضوء التحولات التي مرت بها الليبرالية نفسها مؤخراً.
لكن منذ أن طوع ترمب التاريخ ليسير في طريقه، تضاءلت هذه الثقة أو انهارت. الآن ينظر الليبراليون بشكل متزايد إلى الإنترنت على أنها منطقة للوحوش والمعلومات المضللة غارقة في الليبرالية، ويمكن التلاعب بها بسهولة من قبل الديماغوجيين، وهي أرض خصبة للمتمردين.
في الوقت نفسه، فإن القيم الكامنة وراء الديناميكية – وقبل كل شيء، الركيزة الخاصة الممنوحة للتفكير الحر وحرية التعبير – هي أيضاً أصبحت موضع شك أكبر داخل ليبرالية اليوم. توجد روح تنظيمية جديدة للثقافة وكذلك الاقتصاد، وموقف كبير جداً تجاه تداول الأفكار التي يحتمل أن تكون خطرة، والإيمان بمؤسسات السلطة العلمية والفكرية، ولكن ليس بالضرورة المؤسسات المتاحة لتحقيق مفتوح.
تماماً كما قد يفضل الديناميكي، في أقصى اتجاه يمكن أن يصل إليه، نظاماً ملكياً يحمي الابتكار أكثر من ديمقراطية لا تشجعه، فإن بعض التقدميين اليوم يتخذون نفس الخطوة في الاتجاه المعاكس: إذا كانت الديمقراطية مهددة بالتغير التكنولوجي وحرية التعبير غير المقيدة، ثم الأسوأ من ذلك بكثير بالنسبة لحرية التعبير. الشيء المهم هو إنقاذ الحكم الذاتي الديمقراطي، حتى لو اضطررت إلى سحب «الحريات» مؤقتاً من «الاتحاد الأميركي للحريات المدنية» أو إبعاد جون ستيوارت ميل.
أياً كان ما يريده ماسك من «تويتر» – ومن الواضح أنك يجب أن تفترض أنه يريد جني الكثير من المال – يبدو أن هذا الاتجاه الآيديولوجي الذي يأمل مقاومته أو إيقافه، هو التراجع الليبرالي عن الديناميكية، والتحول التقدمي نحو التنظيم الآيديولوجي، والانتشار والتوسع. يخشى اليسار أن «التعديل الأول»، وحرية التعبير، يتم تسليحها ويحتاجان إلى نوع من المراقبة.
إذن السؤال المثار الآن: إذا كان هذا هو طموحك – بغض النظر عما إذا كنت تعتقد أنه مثير للإعجاب أو خطير – فهل سيكون شراء «تويتر» منطقياً؟
تنص النظرية الإيجابية على أنه نظراً لأن «تويتر» هو ساحة رقمية أساسية ومكان مأهول بشكل كبير من قبل الليبراليين المتعلمين جيداً، إذا تمكن ماسك من النجاح من خلال نهج أخف في إدارة المحتوى، فقد يأمل من منظور ديناميكي في تحقيق هدفين في وقت واحد. أولاً: سيحافظ ببساطة على مساحة مهمة يمكن أن يحدث فيها نقاش حر. ثانياً: بافتراض أنه يمكن أن يأتي ببصمة خفيفة يقبلها المستخدمون ذوو الميول اليسارية – فإنَّه سيدرب برفق ليبراليي «تويتر» على العودة إلى معتقداتهم.
نظراً لأن جزءاً كبيراً من نجاح وثروة ماسك يأتي من البحث عن تطبيقات التكنولوجيا في العالم الحقيقي – بمعنى السيارات والصواريخ والأنفاق، وليس فقط التطبيقات والتغريدات – فمن المحتمل جداً أنه قد فكر بالفعل في كل هذا، وأن لديه رؤية نهائية لـ«تويتر» كشبكة افتراضية تربط المؤسسات التي تم إصلاحها أو تنشيطها في العالم الحقيقي.
أو بدلاً من ذلك، ربما يعتقد أن العالم الافتراضي، قريباً جداً، سيحل محل عالم الطوب والأجساد تماماً، وأنه بشراء «تويتر» فهو يشتري حرفياً العقارات الرقمية، حيث سيبني زملاؤه الديناميكيون المؤسسات العظيمة للغد.
إنها إحدى نقاط القوة في الديناميكية كآيديولوجيا إرشادية يمكنها أن تلهم هذه الأنواع من القفزات. لكن ضعفها عادة ما يكون هو نفسه الذي قضى على «إيكاروس» (في الأسطورة اليونانية القديمة). في بعض الأحيان تستطيع أن تقفز وتكون لديك أجنحة طائر لتحملك إلى الأعلى، وفي بعض الأحيان، قد يكون كل ما لديك هو ريشها المتحلل، لكن الأسوأ من كل ذلك ألا يكون لديك حتى ريشها، بل تغريداتها.
روس دوثات