انهيار FTX .. هل يُعمق جِراح سوق العملات المشفرة الهش؟

تتواصل مصاعب عملاق تداول العملات المشفرة FTX الذي أعلن الجمعة 11 نوفمبر تشرين الثاني تقدمه بطلب للحماية من الإفلاس في أميركا، حيث أعلنت المنصة اليوم السبت عن رصدها لعمليات سحب “غير اعتيادية” تجاوزت قيمتها 600 مليون دولار.

وقالت المنصة عبر حسابها على تلغرام إنها تعرضت للاختراق ونصحت المستخدمين بعدم زيارة الموقع لوجود خطر تحميل برامج مشبوهة، وحثتهم على حذف كل البرامج المتعلقة بـ FTX.

وأوضحت تغريدة للمستشار العام لـ FTX رين ميلر أن المنصة تسرع عملية تحويل ودائعها الرقمية إلى “التخزين البارد” الذي لا يكون عادة غير متصل بشبكة الأنترنت، وذلك للحد من الأضرار، مشيراً إلى أن الشركة تواصل التحقيق في عمليات التحويل الغير مصرح لها.

ونقل موقع Coindesk عن عدد من مستخدمي منصة FTX الدولية و FTX في أميركا قولهم إن رصيد حافظاتهم الرقمية تحول الصفر.

ومع أن مواقع المنصة كانت تعمل، إلا أن المستخدمين لم يتمكنوا من ولوج حساباتهم.

 

بداية النهاية

 

يجمع المتتبعون لقضية FTX أن الأزمة بدأت أسابيع قبل الإعلان عنها بشكل علني، إذ كانت المنصة تعاني من مشاكل مالية تتعلق بالسيولة  على خلفية خسائر تكبدتها بسبب صفقات مع Alameda Research، وهي شركة مملوكة هي الأخرى لـ Sam Bankman Fried البالغ من العمر 29 عاماً ومؤسس FTX.

سام الذي جمع ثروة تقدر بنحو 26.5 مليار دولار قبل عام حسب مجلة فوربس، والذي يستقر في جزر الباهاماس، حاول طوال أيام جمع التمويل اللازم لإنقاذ إمبراطوريته من الإفلاس، وأشارت تقارير إعلامية إلى أنه توجه إلى دول في منطقة الخليج للبحث عن مستثمرين لرأب الصدع الذي مس شركاته.

تنفس سام الذي يعرف على تويتر باسم SBF، الصعداء عندما وجد أخيراً منقِذه الذي لم يكن سوى منافسه و”عدوه” تشانغبينج تشاو مؤسس والرئيس التنفيذي للمنصة العملاقة Binance، الذي وقع خطاب نواياً يقضي باستحواذ أكبر منصة في العالم لتداول العملات المشفرة على  FTX الغارقة في المشاكل المالية.

 

وأعلنت Binance عن هذه الخطوة بعد أن كانت في وقت سابق قد أقدمت على تصفية ما تبقى من ممتلكاتها من رمز FTT الخاص بـ FTX  والتي كانت تقدر بنحو 500 مليون دولار، بعد أن كانت العام الماضي قد جمعت نحو 2.1 مليار دولار من بيع أصولها التابعة لـFTX وهو الخبر الذي أثار حالة من الهلع في أسواق العملات المشفرة حيث أكد المخاوف بشأن الأوضاع المالية لـ FTX.

وتداعى رمز FTT الذي كان متراجعاً بالفعل بنسبة 25%، بعد خطوة Binance، بأكثر من 80%، وكان لهذه الخطوة أثر هائل على سوق العملات المشفرة التي لازالت تلعق جراحها منذ انهيار رمز Luna في وقت سابق من العام الجاري، ما دفع بالمستثمرين إلى سحب أموالهم، وانعكس ذلك بشكل فوري على باقي العملات حيث تراجعت Bitcoin إلى مستويات ما دون 16 ألف دولار.

 

Binance تسحب البساط

 

لم تدم فرحة SBF لأكثر من يوم، إذ أعلنت منصة إلغاء خططها للاستحواذ على منافستها الصغرى FTX، مشيرة إلى تقارير عن سوء إدارة أموال العملاء وتحقيقات قضائية تواجهها الشركة، إذ قالت عبر تويتر “في البداية ، كان أملنا أن نكون قادرين على دعم عملاء FTX لتوفير السيولة، لكن المشكلات تتجاوز إرادتنا أو قدرتنا على المساعدة”.

مؤسس Binance تشانغبينج تشاو، أو CZ كما يعرف في عالم العملات الرقمية، دفع اتهامات تدبيره للقضاء على منافسته FTX، وقال إن “انهيار FTX ليس بالأمر الجيد لأي شخص في عالم العملات المشفرة، لا تروه على أنه انتصار لنا، ثقة المستخدمين قد اهتزت بشكل كبير”.

لكن هذه التصريحات لم تقنع SBF الذي غرد هو الآخر على تويتر “لعبة جميلة، لقد فزتَ”.

 

باب نحو المجهول

أعلنت مجموعة FTX في بيان رسمي أنها تقدمت بطلب حماية من الإفلاس في أميركا بموجب الفصل 11، واستقالة رئيسها التنفيذي سام بانكمان-فرايد، ليخلفه جون جيه راي بأثر فوري.

والفصل 11 هو آلية في النظام الأميركي تسمح للشركة بإعادة هيكلة ديونها وأصولها التجارية تحت إشراف قضائي مع استمرارها في العمل بشرط الوفاء بالتزاماتها تجاه المدينين.

وبالرغم من تموقع SBF في دوائر واشنطن العليا كوجه للترويج للعملات المشفرة وقابلية هيكلتها وتنظيمها، إلا أن شركته تخضع بالفعل لتحقيقات من قبل هيئة الأوراق المالية والبورصات ووزارة العدل الأميركية.

وفي سلسلة مطولة من التغريدات التي أعلن فيها سام بانكمان فرايد عن النهاية التعيسة لإمبراطوريته، أثار عدداً من الأسئلة من قبل المستثمرين الذين وضعوا أموالهم في منصته التي لم تقدم أي ضمانات ملموسة حول ما إذا كانوا سيستعيدون أموالهم الضائعة أو حتى جزء منها، في الوقت الذي تشير فيه التقارير إلى أن FTX كانت بحاجة إلى 8 مليارات دولار لسد الفجوة في ماليتها وتجنب الإفلاس، ومن المرجح أن هذا الرقم قد ارتفع بشكل أكبر مع التطورات التي حدثت.

SBF.. رجل في الأخبار

 

تقدّر مجلة “فوربس” الثروة الشخصية لسام بانكمان-فرايد بنحو 26.5 مليار دولار، (سابقاً) ما كان يضعه ضمن قائمة 70 أغنى شخصاً في العالم، مع أنه لم يتجاوز عامه الـ29، وبعد 3 سنوات على تأسيسها، تحولت شركته FTX إلى منافس صاعد لـ Coinbase وBinance العملاقتين، بقيمة تبلغ 32 مليار دولار.

بانكمان فرايد، وهو ابن أستاذين جامعيين، خريج معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في تخصص الفيزياء، وعمل في البداية مضارباً في وول ستريت قبل أن يدخل عالم العملات المشفرة في 2017، وكان في البداية يشتري الأصول الرقمية ويعيد بيعها مستفيداً من فارق الأسعار بين البورصتين الأميركية واليابانية.

ويتخذ SBF من جزر الباهاماس مقراً له ولشركته التي أطلقها في البداية من هونغ كونغ، مستفيداً من النظام الضريبي في هذه الدولة الكاريبية حيث تكاد تكون الضرائب منعدمة، إلى جانب ترخيصها بشكل كامل لاستخدام العملات الرقمية وتبادلها.