فائدة تخفيضات «أوبك بلس»

عدد سكان دول «أوبك» لا يتجاوز 500 مليون نسمة. وإذا ما أضفنا إليهم بقية دول تحالف «أوبك بلس»، فنحن نتكلم عن 700 مليون نسمة كحد أقصى، أي أننا نتكلم عن 9 إلى 10 في المائة فقط من إجمالي سكان العالم.

ولهذا؛ في كل مرة تتحسن فيها أسعار النفط، هذا التحسن يستهدف 10 في المائة فقط من سكان العالم. ولأن توزيع الثروات متباين، فإن عدد المستفيدين من رفع أسعار النفط لا يتجاوز 4 إلى 5 في المائة من إجمالي سكان العالم. ما يعني أن 90 إلى 95 في المائة من سكان العالم لا يستفيدون من زيادة النفط، بل يتأثرون بها لأنهم مستهلكون.

في الحقيقة، الأمور لا تقاس بهذا الشكل، ولا يجب أن تكون الفائدة مباشرة.

منتجو النفط في العالم ليسوا فقط دول تحالف «أوبك بلس»، ولكن هناك دولاً أخرى مثل كندا وأميركا والبرازيل وغيرها. هذه الدول تستفيد من كل ارتفاع أسعار للنفط، سواء في صورة إنتاج مباع وضرائب على الإنتاج أو شركات وفرص عمل.

في أميركا وحدها هناك 120 ألف عامل تقريباً في قطاع النفط، بحسب بيانات وزارة العمل لعام 2021، وهناك آلاف الشركات الصغيرة التي تعمل وتنتج النفط هناك. ولنأخذ ولاية كاليفورنيا بمفردها، حيث يتقاضى الفرد في صناعة النفط والغاز هناك ما معدله 123 ألف دولار سنوياً، أي ضعف الأجر الذي يتقاضاه موظف القطاع الخاص هناك.

وهناك 600 ألف أميركي يمتلكون أراضي نفطية يتحصلون على رسوم امتياز من تأجير أراضيهم إلى شركات النفط.

وحكومة كاليفورنيا تتحصل على ضرائب من شركات النفط هناك بقيمة مليار ونصف المليار دولار سنوياً تذهب لتمويل صحة المواطنين وتعليمهم. وهناك 25 جهة حكومية تراقب هذه الشركات، وهذا كله توليد للوظائف.

طبعاً الحكومة الفيدرالية لأميركا تستفيد مبالغ ضخمة، حيث بلغ دخلها من الرسوم على شركات النفط في عام 2019، قرابة 5 مليارات دولار، ومع ضرائب الوقود فنحن نتكلم على أضعاف هذا الرقم.

في الوقت ذاته، حققت شركات النفط الأميركية نحو 211 مليار دولار في 2021، في حين حققت دول «أوبك» مجتمعة 576 مليار دولار، بحسب حسابات إدارة معلومات الطاقة الأميركية. وفي كندا والبرازيل والمكسيك وغيرها، الصورة لا تتغير كثيراً عن أميركا.

ولهذا؛ عندما تقوم السعودية وروسيا وغيرهما بتقديم تخفيضات طوعية تتسبب في رفع أسعار النفط، يجب أن نتذكر جميعنا أن المستفيد هو كل العالم.

أنا لا يهمني المال الذي يذهب للدول، بل يهمني ذلك المال الذي يذهب لصناعة النفط؛ فمن دون الاستثمارات في المزيد من الإنتاج، سيواجه العالم أزمة طاقة. وبدلاً من توجيه السهام نحو السعودية وبقية دول «أوبك بلس»، من الأفضل أن يوجه لها العالم الشكر، وارتفاع أسعار الوقود في الدول الغربية لا تتحمله «أوبك بلس»، بل حكومات الدول التي ترفع ضرائبها عليه.

لا أريد الدفاع عن «أوبك بلس»، ولكن لا يمكن أن نتجاهل الحقائق حول من يستفيد من كل ما تفعله «أوبك بلس».

وائل مهدي